الزواج المبارك للسيدة فاطمة بنت أسد
حامد عبد الصمد البصري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حامد عبد الصمد البصري

كان أبو طالب يتأمل السماء ، في كل صباح ليرى النور ، نور الخالق المبدع ، ينير أرجاء العالم ، ويحس بدفء الشمس فيمضي يزرع الحب في كل ناحية ودرب ، فهو مؤمن يبدع في اشراقات الحب ويتوهج إيمانه بخالقه .
في أحد الأيام غير المنسية ، تقدّم – بسرور واعتزاز - أبو طالب(ع) إلى أسد والد فاطمة، الرجل المترع بحبّ الفضيلة ،وخطب فاطمة منه ،ولمّا حضرت الوفود من كل حدب وصوب ، لخطبة الزواج ،وبهجة الاحتفال بالعروسين النبيلين ، قام أبو طالب ،وقال بلسان فصيح يمتلك خصوصية، ونكهة مميزة:
"الحمد الله رب العالمين ، رب العرش العظيم ،والمقام الكريم ،والمشعر والحطيم ، الذي اصطفانا أعلاما وسدنة ، وعرفاء ، وخلصاء ، وحجته، بهاليل أطهار من الخنى والريب ، والأذى والعيب ، وأقام لنا المشاعر ، وفضّلنا على العشائر ، نخب آل إبراهيم ، وصفوته ، وزرع إسماعيل " .
ثمّ قال : "تزوجتُ فاطمة بنت أسد ، وسقتُ المهر ،ونفّذتُ الأمر ، فاسألوه واشهدوا " .
وبمحبة أنيقة ، قام أبوها أسد ، وقد انقشعت الغيوم ،ورفّ اخضرار الأفق ، وقد منح نفسه للقبول والرضا ثمّ قال :"زوّجناك ورضينا بك"
ثم أطعم الناس، وقد نما بين جنبيّ أبي طالب حب العطاء أكثر ..فأكثر، وراح ، يزرع في كل خطوة بناء، وعليه ندى الإيمان أبهى رداء .
بعد أنْ تمّتْ مراسيم الزواج ، انتقلتْ السيدة فاطمة إلى بيت أبي طالب السيد الوقور المؤمن الموحد الذي قد أقام للشريعة أساسها المتين ، وركّز للقرآن الكريم دعائمه ، وقد بذل نفسه فداء من أجل حياة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ممّا لا شكّ فيه انّ أبا طالب كان في أجفانه من صبح الإسلام ألقٌ ، وكانت يده يد خير ، وقلبه ينبض طهراً وصدقاً ،وهو سيد بارك درب الهدى ،مذ جاء نبيّ الحق يهدي الناس لدين الله الإسلام .
لقد استطاع أبو طالب بحكمته ، وثباته ،مع أولاده ان يدافع دفاعاً عظيماً عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقد حطّم بشجاعة فائقة قواعد الكفر والشرك ، ودمّر أذناب الشيطان الرجيم ، ومعنى ذلك أنّه صاحب عقيدة ، والعقيدة موصولة الأسباب بالله تعالى أولا ، ووثيقة الصلة بالتجربة الإنسانية الشاملة ثانيا ، فالإسلام للناس جميعا .( وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ).
يا سّيدي يا أبا طالب رحمك الله ، كنتَ ينبوعاً بل ينابيع ماء عذب ، تروي الظامئين على الدرب ، يتدفّق ماؤك ولن يجفّ ، فالحبّ يكبر في قلبك ، ليكون شجرة ،تحمل في ثناياها ملايين الغصون النبيلة ،والمثمرة ، أحبتك الأرض كما أحبّتك السماء، فأنرت أيها الكوكب الدروب ،للأجيال بشعاع إبداعك ،وفكرك النيّر، فتقبّل منّي ومن أحبّتي كل التقدير والمحبّة وعليك السلام يا أبا طالب وعلى زوجتك الأصيلة فاطمة بنت أسد.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat