كلمات مختارة من القرآن الكريم (نسفع)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

قال الله تعالى عن نسفعا "كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ" ﴿العلق 15﴾ لنسفعا: اللام لام التوكيد، نسفع فعل، الالف للتوكيد، لِنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ: لنأخذن بناصيته إلى النار، أرأيت أعجب مِن طغيان هذا الرجل وهو أبو جهل الذي ينهى عبدًا لنا إذا صلَّى لربه وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى فكيف ينهاه؟ أو إن كان آمرًا غيره بالتقوى أينهاه عن ذلك؟ أرأيت إن كذَّب هذا الناهي بما يُدعى إليه، وأعرض عنه، ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأمر كما يزعم أبو جهل، لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذنَّ بمقدَّم رأسه أخذًا عنيفًا، ويُطرح في النار، ناصيته ناصية كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها.
جاء في معاني القرآن الكريم: السفع: الأخذ بسفعة الفرس، أي: سواد ناصيته، قال الله تعالى: "لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ" (العلق 15)، وباعتبار السواد قيل للأثافي: سفع، وبه سفعة غضب، اعتبارا بما يعلو من اللون الدخاني وجه من اشتد به الغضب، وقيل للصقر: أسفع، لما به من لمع السواد، وامرأة سفعاء اللون. وعن تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: سفع "لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ" (العلق 15) أي نأخذن بناصيته إلى النار، يقال: سفعت بالشئ: إذا أخذته وجذبته جذبا شديدا، والناصية: شعر مقدم الرأس، و "فيؤخذ بالنواصي والأقدام" (الرحمن 41) يقال: يجمع بين ناصيته وقدمه ثم يلقى في النار.
جاء في المعاجم: سفَعَ بـ يَسفَع ، سَفْعًا، فهو سافِع، والمفعول مَسْفوع. سفَعتِ الشَّمسُ وجهَه: لفحته لفحًا يسيرًا فغيَّرت لونَ بشرته وأصابته بالاسمرار. سفَع ابنَه: ضربه ولطمه. سَفَعَ بعضوٍ من أعضائه سَفَعَ سَفْعاً: قبض عليه وجذَبه بشدة. سفَع بناصِيَتِه: قبض عليها وجذبها بشدَّة. سَفَعَتِ الشَّمْسُ وَجْهَهُ: لَفَحَتْهُ. سَفَعَ الشيءَ: أَعلمه ووَسَمَه. قال الشاعر: قومٌ إذا فَزِعوا الصَريخَ رَأَيْتَهُمْ * من بين مُلْجِمِ مُهْرِهِ أو سافِعِ. ومنه قوله تعالى: "لَنَسْفَعاً بالناصِيَةِ" (العلق 15). ويقال: به سَفْعَةٌ من الشَيطان، أي مَسٌّ، كأنَّه أخذ بناصيته. وسَفَعَتْهُ النارُ والسمومُ، إذا لفحته لفحاً يسيراً فغيَّرتْ لونَ البشرة. والسَوافِعُ: لوافحُ السَمومِ. والسُفْعةُ بالضم: سَوادٌ مُشْربٌ حُمرةً. والرجلُ أَسْفَعُ ومنه قيل للأثافي: سُفْعٌ. والسُفْعَةُ أيضاً في آثار الدار: ما خالف من سوادها سائرَ لون الأرض. والسُفْعَةُ في الوجه: سوادٌ في خدَّي المرأة الشاحبة، ويقال للحمامة سَفْعاءُ، لما في عنقها من السُفْعَةِ. والصُقورُ كلُّها سُفْعٌ. وسَفَعَ الطائرَ: لطمَه بجناحيه. والمُسافَعَةُ، كالمطاردة. قال الأعشى: يُسافِعُ وَرْقاءَ جُوِنـيَّةً * لِيُدْرِكَها في حَمامٍ ثُكَنْ.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ" ﴿العلق 15﴾ نعم، إذا لم ينته من إثمه وطغيانه سنجره بالقوة من شعر مقدمة رأسه وهي الناصية، وثم وصف الناصية هذه بأنها كاذبة خاطئة وهو وصف لصاحبها ناصية كاذبة خاطئة. "لَنَسْفَعًا" ﴿العلق 15﴾: من السفع، وذكر له المفسرون معاني متعددة: الجر بالشدة، الصفع على الوجه، تسويد الوجه (الأثافي الثلاثة التي يوضع عليها القدر تسمى سفع لأنها تسود بالدخان)، ووضع العلامة والإذلال. والأنسب المعنى الأول، وإن كانت الآية تحتمل معاني أخرى أيضا. وهل حدوث هذا السفع بالناصية في يوم القيامة، حيث يسحب أبو جهل وأمثاله من مقدمة شعر الرأس إلى جهنم، أم في الدنيا، أم في كليهما؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat