ليلة الهروب من سجن 5 نجوم .. الفاسدون في العراق لا يمكثون في السجون

 أخذت قضية هروب رئيس ديوان الوقف السني الأسبق سعد كمبش، أصداءً واسعةً في العراق فيما أثارت تساؤلات عديدة حول مسألة محاسبة الفاسدين وطرق إطلاق سراحهم أو هروبهم وحول هيبة الدولة ودورها الأمني.

هروب كمبش مهزلة على مستوى البلاد
مراقبون وصفوا العملية بـ”المهزلة”، وأكدوا أن الجهات التي تقف خلف التهريب لن تتم محاسبتها، بل توقعوا تكرار هذا السيناريو مع محكومين آخرين يتمتعون بعلاقات سياسية كبيرة، لكن الساعات الأخيرة شهدت تضاربا للأنباء بشأن اعتقال كمبش بناءً على “صفقة” سياسية.

ويقول مصدر مطلع ، إن “رئيس ديوان الوقف السني الأسبق سعد كمبش، وبعد صدور الحكم القضائي القاضي بسجنه أربعة أعوام بتهم فساد مالي، كان من المفترض أن يتم تحويله إلى سجن التسفيرات وعدم إبقائه بمركز شرطة كرادة مريم، لكون مراكز الشرطة خاصة بالموقوفين قبل صدور الأحكام بحقهم”.

تورط وكيل في الداخلية
ويضيف المصدر، أن “أحد وكلاء وزارة الداخلية، وجه كتابا رسميا لمركز الشرطة المحتجز فيه كمبش، وطالب بالتحفظ عليه وعدم نقله إلى سجن التسفيرات، وهذا الكتاب بحوزة ضابط في المركز، وقد أبرزه أمام وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، عند حضوره للمركز عقب هروب كمبش”.

ويتابع، أن “الوكيل الذي وجه هذه الأوامر كان أيضا في المركز ليلة أمس الأول، برفقة الوزير، ونفى ما نسب إليه، لكن تمت مواجهته بالكتاب الذي أرسله، وما كان من الشمري إلا إبلاغ رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بتورط هذا الوكيل بهروب كمبش”.

ويكشف المصدر، أن “أمرا صدر أمس الأول، بتغيير مدير مركز شرطة كرادة مريم، وتم إبداله بمدير جديد تسلم موقعه قبل خمس ساعات فقط، من هروب كمبش، وفي هذا التوقيت كانت النائب أسماء كمبش، في المركز وقد أحضرت معها مأدبة إفطار كبيرة، ما أدى لانشغال جميع ضباط المركز وعناصر الشرطة بالفطور”.

جهات سياسية متورطة
ويشير إلى أن “هناك جهات سياسية بارزة متورطة بهذه القضية”.

مبينا أن “هروب كمبش أدى لصدور أوامر مباشرة من وزير الداخلية بنقل كافة المحكومين من مركز شرطة كرادة مريم والصالحية، إلى سجن التسفيرات التابع لوزارة العدل، وتمت المباشرة بنقلهم على شكل دفعات”.

في الأثناء، تواردت أنباء من مصادر عدة، عن اعتقال كمبش، فجر اليوم، بعد صفقة سياسية، تدخل فيها قادة بتحالف السيادة، واشتملت على ضمانات، وفي الوقت ذاته، نفت مصادر أمنية أخرى ذلك.

يذكر أن خلافات حادة برزت خلال الأيام التي سبقت هروب كمبش، بين محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان وزعيم حزب تقدم المنضوي في تحالف السيادة، وبين عبد الأمير الشمري وزير الداخلية، على خلفية توجه الأخير لإجراء تغييرات بمناصب أمنية في محافظة الأنبار، وسط معارضة من الحلبوسي، واعتقال شخصيات مقربة منه.

كما هاجم الحلبوسي، في جلسة البرلمان الأخيرة، وزير الداخلية واتهمه بأنه يهتم بوسائل الإعلام والفيسبوك، وطالب بحضوره للبرلمان بشأن السيارات المظللة.

وفي ساعة متأخرة من ليلة أمس الأول، هرب رئيس ديوان الوقف السني الأسبق سعد كمبش، من مركز شرطة كرادة مريم، المحتجز فيه، بعد صدور حكم قضائي بحقه بالسجن 4 سنوات على خلفية تهم فساد مالي.

وسرعان ما انتشرت مقاطع فيديو للحظة هروبه، وبينت أنه قفز من سور المركز برفقة شخص آخر، وكانت هناك عجلات بانتظاره نقلته لخارج المنطقة الخضراء، التي يقع فيها مركز الشرطة.

إجراءات وزارة الداخلية حول هروب كمبش
وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وصل بعد إعلان الخبر لمركز الشرطة، برفقة قادة آخرين من الوزارة، ووجه بشكل مباشر باحتجاز ضباط المركز على ذمة التحقيق.

وكان الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، أصدر بيانا أكد فيه انه “بتاريخ 21 آذار من العام الجاري تم إلقاء القبض على المتهم سعد حميد كمبش، وبتاريخ 11 نيسان أصدرت محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية حكمها بالحبس الشديد لمدة أربع سنوات على هذا المجرم، وبتاريخ 18 نيسان، وبعد زيارة النائب أسماء حميد كمبش إلى مركز الشرطة وقت الإفطار ومغادرتها له، وعند الساعة 10 والنصف هرب المحكوم بمساعدة ثلاثة أشخاص من خلف المركز والوصول إلى عجلتين كانتا بانتظاره لتأمين هروبه إلى جهة مجهولة.

الهروب من سجن 5 نجوم:
من جانبه، يرى الخبير الأمني سرمد البياتي، أن “ما حدث من عملية تهريب رئيس ديوان الوقف السني الأسبق سعد كمبش من مركز شرطة كرادة مريم، هو خرق أمني كبير وخطير جداً، وهذا الخرق يتحمله المسؤولون على هذا المركز، وتتحمله كل المنظومة الشرطوية، خصوصاً المتورطة بقضايا الفساد والرشاوى”.

ويبين البياتي، أن “رئيس ديوان الوقف السني الأسبق مدان بقضايا فساد، ولديه الكثير من الأيادي الذين تصرف لهم من أموال الفساد من أجل تقديم الخدم له، وتهريبه تم عبر العلاقات الواسعة التي يمتلكها”.

ويضيف أن “طريقة هروب رئيس ديوان الوقف السني غير معروفة، وهو في منطقة محصنة بشكل أمني كبير جدا، وهو هرب من سجن (5 نجوم) فالكل يعرف مركز شرطة كرادة مريم هو فندق (5 نجوم)، وهذا خلل أمني واضح، وبسبب هذا الخرق ستكون هناك تشديدات أمنية على كافة السجون في العراق”.

يشار إلى أن النائب أسماء كمبش، أصدرت من جانبها بيانا، أوضحت فيه: توجهت برفقة المحامي الخاص بشقيقي سعد كمبش إلى مركز شرطة الصالحية، ووصلت عند الساعة السابعة والربع، أخذنا معنا فطورنا لنفطر مع شقيقي، وبتمام الساعة الثامنة وللنصف ابلغني كمبش بأنه متعب جداً ويعاني (الإسهال) وانه بحاجة للراحة، فغادرنا لأصدم باتصال هاتفي بتمام الساعة التاسعة والنصف، بأن شقيقي غير موجود بالمركز فخرجت مسرعة وتوجهت إلى المركز فوجدت أن ذلك حدث فعلاً.. وبعدها قمت بتسليم نفسي تلقائياً لتفنيد كل ما ذكر عن صلتي بقضية الهروب.

مركز الشرطة يتحمل مسؤولية هروب كمبش
إلى ذلك، يبين الخبير القانوني أمير الدعمي ، أن “المسؤولية القانونية بقضية هروب كمبش، تقع على مركز الشرطة، فهو المسؤول عن تأمين واحتجاز المتهم، وما جرى يدخل ضمن الإهمال الوظيفي، وتصل العقوبة إلى السجن 7 سنوات”.

ويوضح: “أما إذا كان هناك اتفاق أو قبول رشوة من قبل ضباط المركز، فهذا يكون قصد عمدي.

مبينا أن “ضباط المركز يحاكمون وفق قانون العقوبات العراقي ولا يخضعون لمحاكمة عسكرية”.

يشار إلى أن الأجهزة الأمنية اعتقلت شقيق وأولاد كمبش خلال توجههم إلى إقليم كردستان، وجرى الاعتقال في محافظة كركوك، وتم نقلهم إلى العاصمة بغداد على ذمة التحقيق.

وفي ليلة الهروب، جرت مشادات بين وزير الداخلية ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، على خلفية إصرار الأول على تفتيش منازل نواب حزب تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي، وهو ما رفضه الأخير، وذلك وفقا لمعلومات جرى تداولها.

تكرار حوادث هروب المطلوبين
وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان، قضية هروب 14 متهما من سجن مركز شرطة القناة في بغداد في آب أغسطس 2019، حيث أثارت في حينه جدلا واسعا وعلامات استفهام حول مستوى سيطرة الأجهزة الأمنية.

من جهته، يربط المحلل السياسي غالب الدعمب، “قضية تهريب المتهمين من السجون، بمافيات مرتبطة بأحزاب سياسية، وهؤلاء يعملون على تنفيذ هكذا عمليات تهريب مقابل أموال طائلة من تلك الشخصيات المتهمة والمتورطة بقضايا الفساد وغيرها”.

ويبين الدعمي أن “هروب رئيس ديوان الوقف السني الأسبق سعد كمبش، تم عبر تواصله مع هذه المافيات، وما حدث مهزلة، خصوصاً هو محكوم والمحكوم لا يتم وضعه في مركز شرطة وإنما يكون في سجون وزارة العدل، وهذا الأمر جزء من عملية التخطيط لهروبه”.

ويضيف أن “الجهات المتورطة في عملية هروب رئيس ديوان الوقف السني الأسبق، لن تتم محاسبتها، والموضوع سيتم السكوت عنه بعد أن أصبح كمبش في مكان آمن حالياً، وهذا الأمر يؤثر على سمعة وهيبة الدولة، وهذا الخرق الأمني الكبير لن يكون الأخير، بسبب وجود المافيات المرتبطة ببعض الأحزاب”.

يذكر أن مدونين وجدوا أوجه شبه بين قضية هروب كمبش المتهم بالفساد، وإخلاء سبيل المتهم بسرقة القرن نور زهير، حيث أكدوا أن المتهمين بالفساد لن يبقوا في السجن بأي طريقة كانت.

يشار إلى أن مستشار رئيس الحكومة هشام الركابي، نشر تغريدة أكد فيها أن: عملية هروب كمبش ستكون سببا للقيام بثورة كبيرة على الآليات الفاسدة المعتمدة في احتجاز كبار الفاسدين.. سيتم اقتلاع الآليات الفاسدة التي حولت مراكز احتجاز كبار الفاسدين إلى فنادق 5 نجوم.

المصدر: العالم الجديد


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/04/20



كتابة تعليق لموضوع : ليلة الهروب من سجن 5 نجوم .. الفاسدون في العراق لا يمكثون في السجون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net