كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

لَحْظَة . . .

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّحْظَةَ مِنْ هَذَا الزِّلْزَال المروع كَشَفَت لَنَا أَنْ كُلَّ شَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهَا إلَّا الرُّوح وَهَذِه الرُّوح الَّتِي تُرِكَتْ خَلْفَك الْمَالِ وَالْأَهْلِ وَلِكَي تَنْزِلُ إلَى الشَّارِعِ سَالِمًا بِثِيَاب النَّوْم تَوَاجَه مصيرك فِيهَا .

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّحْظَةِ الَّتِي فِيهَا أَنْتَ تُعَبِّرُ عَنْ رَحْلِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَوْ كُنْت فِيهَا فِي الطَّابَقِ الْأَوَّل وَأَنْت تَارِك خَلْفَك أَمْوَال وَأَهْل وَالْأَصْدِقَاء وَالْمَبْنَى الَّذِي يَهْتَز تُرِيد النَّجَاة فَمَا بُلُك لَوْ كُنْت فِي الطَّابَقِ الثَّانِي أَوْ الْعَاشِرِ وَالسُّلالِم تتمدد مِنْ هَوْلِ الزِّلْزَال وَأَنْت تَخَاف القَفْز مِنْهَا فَهَذِهِ اللَّحْظَة تُشْعِر قِيمَة الْحَيَاة وَالْمَالُ الَّذِي نَازِلَةٌ أَخَاك وَأَهْلَك وَالْأَصْدِقَاء وَغَيْرِهِم تَرِكَتِه خَلْفَك لَا قِيمَةَ لَهُ ؟ وَأَنْت تلهث خَلْف جُمُعَة حَلَالًا أَوْ حَرَامًا تُرِيد النَّجَاة فَمَا بُلُك بِهَذِه الرِّحْلَة الْقَصِيرَة وَأَنْتَ فِي الطَّابَقِ الْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي وَالْعَاشِر تَزْدَاد الرِّحْلَة وتكن أَشَدّ صُعُوبَة مَنْ قَالَ تَعَالَى : (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ)1_ إذَا عَلَيْنَا أَنْ نُعِيدَ حساباتنا لِأَنّ الْفِرَار إلَى اللَّهِ أَوَّلًا مِنْ جَمَعَ الثروات وَهَذَا شَيْءٌ بَسِيطٌ فَكَيْف الْآخِرَةَ الَّتِي لَمْ نسلط الضَّوْء عَلَيْهَا وَنَعُد الْحِسَابِ مِنْ جَدِيدٍ فَهَذِه اللَّحْظَة ارتنا الْعَجَبُ مِنْ عَاشَ اللَّحْظَة وَمَن شَاهَدَهَا عَبَّر التَّلْفاز وَهِي تُحْبَس الْأَنْفَاس فَكَيْفَ إذَا جَاءَتْ زَلْزَلَة السَّاعَةِ قَالَ تَعَالَى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (2) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) .

الْمَصَادِر

1_ سُورَةِ الْمُلْكِ الْآيَة 16

2_ سُورَةِ الْحَجِّ الْآيَات 1_2

طباعة
2023/03/16
1,205
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!