صفحة الكاتب : جسام محمد السعيدي

متى يعترف المجتمع العلمي بقصوره؟!
جسام محمد السعيدي

متى يستفيد ممن سبقوه أو تفوقوا عليه في العلوم القديمة ليحل ذلك القصور؟! في ظل تداعيات الزلازل الأخيرة، وقبلها وخلال عقود مضت، مشاكل طبية وبيئية ومجتمعية لا حصر لها، تحتاج الأوساط العلمية مراجعة نفسها، والكف عن التمسك بأطر نظرية لا تمتلك قداسة تستلزم كل هذا التزمت، لمجرد أن نظرياتها حديثة!! ورفض كل ما لا يتلائم ومنهجيتها العلمية من علوم ومعطيات قديمة حتى وان قام الدليل الواقعي على وجودها.

كل ذلك لمجرد عدم ملائمة الأخيرة لمنهجية العلوم التجريبية الحديثة، رغم وجود معطيات واقعية على صحة تلك العلوم وأدلة وفق مناهجها التي قامت بها.

فاذا لم تعترف العلوم التجريبية التي تطورت في العصر الحديث، بقوانين ونظم ومعطيات العلوم المماثلة لها في العصور القديمة، والتي قامت بعض قوانينها على المشاهدة والاستنتاج، أو على الوحي الالهي، فإن البشرية ستسير نحو مزيد من الكوارث الطبيعية والاجتماعية والصحية، لان النظر لأسباب الأمور بعين واحدة، واقصد بها العلوم الصرفة والتجريبية الحديثة، يعني بالضرورة عدم اكتمال صورة المشكلة أمام المختص، وبالتالي نقص التشخيص، المؤدي لانعدام العلاج الحقيقي، أو عدم نجاعته في أقل التقادير.

لنضرب أمثلة..
في الطب مثلاً، لا علاج حقيقي اليوم في الطب الحديث (التجريبي) لمعظم مشاكل وأمراض المفاصل -الا بالتداخل الجراحي- وكثير من أمراض الجهاز الهضمي كالقولون العصبي والقرحات وخلعة السرة، ولذا يستخدمون المسكنات بديلا للعلاج.. بينما يوجد علاج لجميع تلك المشاكل في الطب القديم لحضارات العراق ومصر والصين.

في الجيولوجيا.. لا يوجد تشخيص مبكر ومفيد للزلازل، بينما كان الأمر ممكنا في بعض تلك الحضارات، ولذا تم تجنب الكثير من الكوارث في العصور القديمة، او قللوا من ضررها، لأنهم فهموا الطبيعة أكثر منا، رغم التقدم الذي نعيشه!!!، وذلك لأنهم كانوا يستخدمون خارطة الكواكب للتشخيص المبكر.

وهذا هو عين ما يقوم به العالم العراقي صالح محمد عوض والعالم الهولندي فرانك هوغربيتس الذين تنبأ بزلزال الشام، وسخر منهما علماء الجيولوجيا الحديث لأنهم ينظرون للأمر من وجهة نظر ما درسوه فقط، وليس من وجهات نظر العلوم الأخرى وخاصة الفلك وحركة الكواكب وعلاقتها ببعضها، رغم أن علاقة الكواكب وتأثرها ببعضها، هي على الاقل محتملة في العلوم الحديثة كما يذكر عالم الفلك المصري فاروق الباز، والأخذ بالاحتمال هنا هو احتياط مطلوب طالما تعلق الأمر بحياة الناس وارزاقهم.

مشكلة بعض مختصي العلوم الحديثة انهم يقيسون معطيات العلوم القديمة بأدوات علومهم الحديثة!! مما ينتج انعدام الدليل على صحة تلك المعطيات!

وانا فعلاً استغرب من فعلهم هذا غير العلمي، وكيف فاتهم ان منهجية العلوم الحديثة وادوات الاستدلال فيها، تختلف عن منهجيات وادوات العلوم القديمة، واختلاف المنهجيات يعني بالضرورة عدم صحة الاستدلال بصحة معطيات علم ما من ادوات علم اخر يختلفان في المنهجية.

المصيبة الأكبر أن بعض اولئك المنكرين للعلوم القديمة، لا هم وجدوا بديلاً لما يسمونه خرافة (في إشارة لمعطيات العلوم القديمة) ولا هم أخذوا بتلك العلوم ولو على نحو الظن أو الاحتمال، بل رفضوها رفضا قاطعاً أوصل البشرية اليوم لمشاكل في مجالات عدة، ليس تشخيص الزلزال أصعبها.

وبالتالي.. لن تثبت بالعلوم الطبية الحديثة صحة الطب العراقي القديم في علاج خلعة السرة والشقيقة والمعيون، ولن تثبت صحة علاج المفاصل والظهر والقولون العصبي بالرفلوكسولوجي المصري القديم أو الوخز بالإبر الصينية.

بينما يثبتها ادوات تلك العلوم ونتائجها على ارض الواقع..

وبهذا يضيع المريض بين حيص بيص النقاشات والجدالات التي قد لا تثمر شيئاً، ويخسر فوائد علاج مرضه بالطب القديم حين يعجز الحديث عن علاجها، باعتباره يثق برؤى مختصي الطب الحديث، بينما لا يهم المريض ثبوت الطب القديم لدى الجديد بل يهمه العلاج.

فلا يُعنى ساكن المدن التي تقع على خطوط الزلزال بكون التشخيص المبكر لها مرتبط بالفلك ام بغيره، فما يهمه هو الوقاية وتجنب الخطر.

نسأل الله العافية من بلايا قادم الايام، واني لأظن انها تستلزم التهيؤ، فمنطق العقل يقتضي الأخذ باسوء الاحتمالات. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جسام محمد السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/07


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • مرحبا بالعام الميلادي الجديد ٢٠٢٣ !!! وأهلا بعامنا العراقي ٧٣٢٣ و ٦٧٧٣ !!!  (المقالات)

    • كيف يتم احصاء الزائرين؟ وما حقيقة الرقم الذي يعلنه بيان العتبة العباسية المقدسة؟  (المقالات)

    • لماذا نركز على خطر تركيا؟!  (المقالات)

    • في الذكرى الـ (107) لضياع 9 من محافظاتنا وتغيير هويتها العراقية: ما الذي نستفيده من دروس الماضي؟!  (المقالات)

    • كربلاء... تاريخ النشوء وأصل التسمية التقسيم الإداري لكربلاء حالياً  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : متى يعترف المجتمع العلمي بقصوره؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net