لتحسين الوضع الأمني في العراق.. مطالبات ببناء أجهزة أمنية فاعلة بعيدًا عن المحاصصة

بهدف تحسين الوضع الأمني في العراق بعد تشكيل الحكومة الجديدة، طالب عدد من الخبراء ببناء أجهزة أمنية فاعلة بعيداً عن سياسة المحاصصة، في حين حذر آخرون من استمرار الخلافات السياسية والتراخي الامني، الأمر الذي قد يتيح لعصابات داعش الإرهابية العودة بخطط جديدة لاستهداف البلاد.

واعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي، كامل الدليمي، ان العراق خرج من تداعيات الانهيار والمؤامرة الخارجية التي أرادت أن تدخل البلاد في أتون الاقتتال الداخلي.

وأضاف “اعتقد أن هذا النجاح في تشكيل الحكومة يضع العراق على الطريق الصحيح في عملية بناء البشر والحجر والنهوض بركام المرحلة السابقة، بالتالي ستحدث هنا أو هناك بعض الانهيارات الأمنية التي لا تشكل خطرا سواء على المسيرة السياسية أو على النسيج المجتمعي، ولا يمكن أن يكون لها دور في إرباك الوضع العراقي حاليا، حيث أن الوضع يسير باتجاه إعادة العراق إلى دوره الريادي بالمنطقة، كما أن النجاح أختيار السوداني و كابينته الوزارية يعد خطوة كبيرة نحو الاستقرار”.

وتابع الدليمي، “أثق اليوم أن القوات الأمنية متمثلة في وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني، بدؤوا بمحاولة تغيير كاملة في بعض مفاصل الدولة الأمنية التي من شأنها تعزيز الوضع الأمني في العراق”.

وأشار إلى أن “الوضع الأمني في العراق سوف يتعافى قريبا، وسوف يكون عمقا استراتيجيا لعدد من الدول، والمطلوب من الدول الشقيقة والصديقة أن تتعامل مع العراق كدولة، وتحاول أن تجعل منه نقطة التقاء وليس تفرقة، وبغداد مستعدة للتعامل مع الجميع بهذا الجانب، من أجل ترسيخ مبدأ الوطنية كولاء أولي”.

من جانبه اعتبر الباحث العراقي في الشأن الأمني، د. خالد النعيمي، انه “في ظل استمرار الانفلات الأمني والعملية السياسية القائمة على المحاصصة والتنافس للحصول على المناصب والمغانم التجارية والمادية، والتي أصبحت من أهم اهتمامات قادة الأحزاب والكتل السياسية، وكذلك قادة ومنتسبي الأجهزة الأمنية وتفشي ظاهرة الفساد والرشاوي، أصبح المجال مفتوحا للجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة التي تعمل بغطاء الدولة، وكذلك عصابات الجريمة المنظمة وامتدادها خارج الحدود، وما تمتلكه من سطوة ونفوذ على المؤسسات والوزارات أصبح الإرهاب والعنف ظاهرة دائمية مستوطنة في العراق، وليس حالات فردية طارئة”.

وأضاف “شاهدنا خلال السنوات والأشهر الماضية أشكال وأنواع من العمليات الإرهابية التي غالبا ما يكون ضحاياها من المواطنين الأبرياء، واتخذت أشكال مختلفة فمن قصف المنطقة الخضراء والمقرات السيادية للدولة إلى السفارات، وحتى استهداف دار سكن رئيس الحكومة وكذلك النزاعات العشائرية التي تستخدم خلالها مختلف الاسلحة الخفيفة والمتوسطة لأسباب تافهه، دون أن تستطيع الأجهزة الأمنية إيقافها وردع المتسببين لها، ونزع أسلحتهم”.

وتابع النعيمي، “أمام هذا الواقع المزري نشطت عصابات داعش وأصبحت تهاجم وتقوم بعمليات مسلحة ضد المقرات والمراكز الأمنية والعسكرية خاصة في محافظة ديالى وكركوك والموصل وصلاح الدين، وبدأت تفرض الإتاوات على المواطنين خاصة في المناطق الريفية والبعيدة عن مراكز المدن، الأمر الذي ترافق معه عدم القدرة على السيطرة على الحدود والمنافذ وتفشي ظاهرة المخدرات لأغراض المتاجرة والتعاطي بشكل غير مسبوق في تاريخ العراق، الذي كان يعتبر البلد الأنظف في التصنيف العالمي قبل الاحتلال الأمريكي”.

وأشار النعيمي إلى أن، “الاحصاءات الرسمية العراقية تؤكد بأن 50 في المائة من الشباب العراقي أصبح مدمناً على هذه الآفة الخطيرة والتي تهدد كيان المجتمع ومستقبل أبنائه، ونتيجة غياب المحاسبة وعدم اتخاذ إجراءات رادعة يسمح لهذه الظواهر بالاستمرار والتوسع، مما يتطلب بناء أجهزة أمنية فاعلة ومهنية بعيدة عن المحاصصة والتسيس أو الاحتماء بالجوانب العشائرية والمناطقية”.

أما الباحث العراقي في الشأن السياسي والأمني، محمد حسن الساعدي، فيرى أن داعش يعتمد اعتماد كليا على نفوذه في مناطق محددة من البلاد، إضافة إلى الحواضن التي هناك والتي تمكنه من الحركة بحرية فيها، إذ أن مستقبله مرتبط بهذا التواجد ومنع دخول الحشد الشعبي إلى مركز المدينة، والتي بالتأكيد ستكون قاصمة للظهر وتفتيت لقواتهم التي بواسطة التقارير العسكرية تقول إنهم فقدوا عنصر المفاجأة، وأخذوا يعتمدون على العجلات المفخخة والانتحاريين، الأمر الذي يطلق رسالة أنهم باتوا في وضع صعب لا يمكنه الصمود كثيرا أمام الضربات النوعية القاصمة، ومع هذه الإحداثيات يبقى هناك احتمالات في تغيير الإستراتيجية المقبلة.

وأضاف “ربما يعمد التنظيم إلى تغيير الخطة خلال الفترة المقبلة من خلال إيجاد خطة للهروب ليس إلى العمق العراقي، بل التراجع إلى الداخل السوري لأنهم فقدوا أوراقهم في البلاد، كما أن حالة التخبط التي سادت التنظيم والتي أضعفت القدرة في المتابعة الميدانية لجميع قواطع العمليات، وجعلت القيادات الميدانية هي المتحكمة بالوضع على الأرض”.

وتابع الساعدي، ان “حالات القتل والانتقام التي مارسها التنظيم ضد الأبرياء سواء في المدن التي سقطت سابقا بأيديهم بسبب رفض السياسات الهمجية التي يتبعها أفراد التنظيم ضد الناس، كما أن عمليات القتل الجماعي التي مورست ضد أبناء العشائر كانت سببا في حالة العداء لهذا التنظيم، وبالتالي فقدان الأرض والحاضنة في تلك المناطق، ربما سينتقل التنظيم من مرحلة الهجوم إلى الدفاع، والانسحاب التكتيكي إلى خارج البلاد، ولكن هذا لا يعني أن التنظيم سينتهي”.

وبحسب الساعدي، “يرى الكثير من المحللين أن الجهات التي صنعت تنظيم داعش لا تريد له أن ينتهي بهذه الصورة، بل تعمد إلى انسحابه إلى سوريا، ومن ثم إلى شمال إفريقيا وليبيا، وإعادة تنظيمه من جديد وفق خطط وقيادة موحدة، ومن ثم الزج به في الحرب القادمة والتي ستكون رحاها أيضا في بلاد ما بين النهرين، لأن عملية سقوط المدن الثلاث لم تكن بالعملية المقصودة، بل هي جس نبض للقادم، والتي ستكون حربا إقليمية وعالمية بكل المقاييس، لأن الحرب التي تخوضها القوات الأمنية لم تكن بالحرب المعتد بها، بل هي بداية لحلقة جديدة في مسلسل كبير يتغير أبطاله بحسب طبيعة المهام والمتغيرات على الأرض، الأمر الذي يجعل كل الاحتمالات مفتوحة”.

واختتم بقوله: ان “الأوضاع السياسية هي الأخرى أحد العوامل المهمة التي تؤثر سلبا وإيجابا على الوضع الأمني، لذلك نرى أن أي تقدم في الجانب السياسي هو تقدم ونجاح في الجانب الأمني، لذلك على القوى السياسية عموما النظر لهذا الملف بعين واقعية، بعيدا عن المهاترات السياسية التي جعلت البلاد والعباد في مهب الريح لأكثر من مرة”.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/03



كتابة تعليق لموضوع : لتحسين الوضع الأمني في العراق.. مطالبات ببناء أجهزة أمنية فاعلة بعيدًا عن المحاصصة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net