زمزمُ اليقين..!
زينب عباس عبد الحسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زينب عباس عبد الحسين

أراوحُ في مكاني..
لأبث الوقت، في زمانٍ غير زماني..
لا أشاهدَ أناسي بقربي،
أينَ ذهب الجميع؟!
لحظة؛ أين أنا، أصلاً..؟!
أرفع رأسي وأخفضه
لا سماء تظلني، ولا أرض تقلني..!
كأنني أغوص في بحرٍ من هواء..
أدقق النظر، أنا في صحراء!
لقطة أخرى..
تلي الصورة الأولى..
حركةٌ أرمقها من بعيد،
لامرأة تذود.. عن طفلٍ هناك، من حرٍ لافح
تدنو نظراتي منها..
ولم أزل بمكاني
لا أذكر انني خطوت خطوة واحدة!
تروح وتجيء..
تعاود الكرة..
ذهاباً وإياباً..
تتسارع نبضاتها؛ وكذا خطواتها
كأنها بانتظار شيء
وإنَّ المكان لا يوحي بوجود..
أو إيجادٍ لضالتها..
الماء... إنه الماء!
فَكل ما أرادته
كفّ ماءٍ..
أو لعلّها أرادته.. أكثر بقليل
شربةً تبرد لطفلها غلّته..
وما من قطرة هناك..!
الأمل يغوص بين آثار أقدامها
لكنهُ يترك أثرا عميقاً
بين أنفاسها التي ما برحت أعتاب التوكل والتسليم...
أمدّ بصري الى كل المكان
لا أزال أبحث معها..
وقلبي يرتجف خوفاً أن يفتك العطش بقلب ذلك الصغير
خوفاً لا يليق بمحضر كرمٍ يُحدّق بنا من كل صوب
إنهُ لطف ربي رحيم حكيم..
تتم مساعيها السبعة
تتلألأ قطرات..
لا أثق ببصري
الذي أملني قبلها
عشرات المرات، بقيعة سراب هنا وهناك!
الأمر اختلف الآن..
إنها.. إنها...
تنحني بكل ما أوتيت من قوة
وبكفي اليقين والصبر
تزمُّ الماء.. نعم انه الماء..!
تزمّه من كل جهةٍ
قد ينساب منها..
عيناها تريان، قلبها يلقن:
لا تدعِيه يفلت من بين أصابعكِ
باتجاه رمالٍ متعطشة للندى قبل الماء!
ولا عجب..
فالمكان ليس فيه أيّ مظهر من مظاهر الحياة
منذ أمدٍ بعيد!
أراضٍ شاسعة، منطقةٍ مقفرة..
لا زرعٌ ولا ضرع!!
وإن كانَ بجوار أقدس بقعة على وجه الأرض..
يهنأ الصغير بنبعٍ عظيم
تحظى الأمّ بما لم يكن بقائمة أمنياتها
التي لم تكتب عليها غير:
شربة ماء.. شربة ماء!
هل يكفي الماء لإروائه؟!
ماذا لو عطش بعدها؟!
كيفَ ستخزنُ ما يبخره قيظٌ لا يُدفع..
وماذا لو غاصَ مجدداً
فمن لغوره عساهُ يمنع؟!!
أسئلتي هي ذا..
لا تفتأ تحيطُ بخيوط إيماني
تسحبها يميناً وشمالاً
تجذبها الى القنوط تارة..
والى طول أملٍ مردٍ، تارة أخرى!!
ثباتٌ لقدميّ..
على أرضٍ صلبة أتأكد منها
إذا رفعت قدماً، ووضعت أخرى
وأخيراً..
أستطيع المشي بخطواتٍ فخطوات..؟!
جفناي ملتصقان بالكاد فتحتهما...
تبصر عيناي نوراً اندفع بقوة الى عدستيها..
أينَ أنا؟
أينَ كنت؟
وكأنه حلم..!
ولكنه محض حقيقة كان..
بل إنني الآن،
عدت للحلم..!
كثيرة هي الحقائق هناك
ومتفرقة هنا الأوهام..
رسالةٌ أخرى..
شكراً لكَ ربي...
فتحت الشفرة، أو ربما فعلتها
كإشارة مرورية هيَ أمام مسيري
الذي كاد أن يدهس قوة إيماني بالله تعالى
ليلة أمس، إثر أفكارٍ لا تمُت لساحة قدرة ربي بِصِلَة..
- أستغفرك اللهم وأتوب اليك!!
من كل لحظةٍ تزلزل فيها يقيني وتوكلي
وتسليمي لكَ يا خالقي ومنعمي..!
ها هي تنبثق بين كُثبان روحي
مياه، تفور.. تتصاعد..
ثم تنحدر..
تكفي لإروائي ما حييت..
تزمّها كفّا الخوف والرجاء..
بكل ما أوتيتُ من عزمٍ وإرادة
وملء قلبي طمأنينة على هيئة سعادة!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat