صفحة الكاتب : د . صلاح الصافي

الطائفة والطائفية والانتخابات
د . صلاح الصافي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مما لاشك فيه أن الطوائف الإسلامية بصفتها تجمعات دينية تجد أصولها في الفرق الإسلامية التي كانت تجمعات دينية خالصة قائمة على عنصر الانتماء الطوعي، ثم تحولت إلى كيانات اجتماعية متمايزة عن تلك الفرق، قائمة على عنصر الوراثة، ثم إلى عصبية طائفية شبيهة بالعصبية القبلية.
تبرز أهمية الطقوس والشعائر الجماعية في خلق الروح الجماعية أو روح الجماعة والروابط القائمة بين معتنقي دين، أو إيمان، أي إن الدين ولاسيما في مظهره الطقوسي الشعائري الجماعي يؤدي دور الحافظ لكيان الجماعة وهويتها وضمان تماسكها، ودور الرقابة على الأفعال الجماعية وترسيخ علاقات التابع والمتبوع، ويقصد بالطقوس هنا، تلك الشعائر التي لم توجد بدلالة العقيدة الدينية وإنما تلك التي خلقتها وطورتها المؤسسة الطائفية لتصبح معتقداً، فإيماناً، فدين، وهذا ما يفسر تأكيد المؤسسات الطائفية ورجال الدين فيها على تلك الطقوس.
وعليه يمكن تعريف الطائفة بأنها: كيان اجتماعي يقوم على أساس ممارسة معتقد معين ويحرص على تنظيم شؤون أعضائه الاجتماعية والعائلية وممارسة طقوسهم وشعائرهم على أساس ذلك المعتقد.
ومن هنا أصبح الالتزام بوحدة الطائفة ورموزها وطقوسها هو الدين في تصور عامة الطائفة، وراح زعماء الطوائف يغذون هذا المزج بين الطائفة والدين، ذلك أن من ثنايا هذا المزج ينبع الرافد الرئيس للطائفية، أي الاستخدام السياسي للدين.
أما الطائفية فنأخذ بتعريف الباحث فرهاد إبراهيم في دراسة مميزة حول الطائفية السياسية، "إن الطائفية لا تعني مجرد وجود التنوع الديني في المجتمع، فهذا التنوع لا يكتسب أهمية سياسية إلا إذا ترتب عليه تنافس أو تنازع أو صراع في مجالات القيم أو الثروة أو السلطة، ومن هنا تبرز أهمية التفريق بين الطوائف وبين الطائفية، فالمفهوم الأول يشير فقط إلى التنوع في المعتقدات والممارسات الدينية بين الأفراد أو المجموعات التي يتكون منها المجتمع".
أما الطائفية فإنها تشير إلى "استخدام هذا التنوع الديني لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو ثقافية مثل المحافظة على مصالح ومزايا مكتسبة أو النضال من أجل تحقيق مثل تلك المصالح، والمزايا لزعماء أو أبناء طائفة معينة في مواجهة طوائف أخرى، وعادة ما تصبح الطائفية بهذا المعنى تستعمل الدين كوسيلة لتحقيق أهداف دنيوية".
وفي ضوء هذا التعريف يظهر أن الطائفية قد تحمل معنى المسعى الجماعي أو الفردي الهادف إلى تأمين مصالح الطائفة السياسية والاقتصادية والدينية على حساب الطوائف الأخرى، وهو مسعى قد يكون نابعاً من التزام عصبوي اجتماعي-مذهبي وهنا يكون الطائفي شخصاً ملتزماً بأهداف جماعته ومصالحها.
بعد توضيح مفهوم الطائفة والطائفية، لنرى تأثير الطائفية في المجتمع وانعكاسها على الانتخابات القادمة المزمع اجراؤها في الشهر القادم، إن العزف على الوتر الطائفي نجح نجاحاً باهراً بكسب ود الناخب في الانتخابات التي جرت من (2003) لغاية انتخابات (2018)، ومن خلال الحملة الانتخابية نجد الكثير من المرشحين ما زال يسير على نفس المنهج، فأحدهم يؤكد أن سبب ترشيحه للانتخابات طلب من فاطمة الزهراء وآخر ترشح بطلب من أبي بكر، ويستمر أغلب المرشحين بتخويف أبناء طائفتهم من صعود أبناء الطوائف الأخرى على شعائرهم الدينية ومعتقداتهم المذهبية، وهؤلاء المتشدقون بالطائفية هم سبب دمار البلد وما وصل عليه حاله، فهل نرى نفس الوجوه الكالحة التي تدعي الانتماء الطائفي ويستمر الضحك على الذقون؟، وتبقى مدننا مدن أشباح خالية من أي اعمار أم للمواطن رأي آخر.


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صلاح الصافي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/20



كتابة تعليق لموضوع : الطائفة والطائفية والانتخابات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net