هجرة الرسول الأعظم (ص) والإمام الحسين بن علي (ع) آثار ونتائج الجزء الأول
احمد نوري الحكيم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد نوري الحكيم

في كلِّ عام من السنة الهجرية يستذكر المسلمون في بداية ذلك العام المؤلم هجرتين: الأولى هجرة الرسول الأعظم (ص) من مكة المكرمة الى المدينة المنورة، بعدما فقد الناصر والمعين له في مكة، والذي كان يدافع عنه طوال وجوده ألا وهو أبو طالب بن عبد المطلب؛ وحينما توفي، لاقى (ص) الأذى من جراء قريش واستغلال ضعف بني هاشم، فتكالبت القبائل ضدهم، وحالوا بوسائل شتى قطع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حتى آل بهم الأمر إلى أن يُخيّر بنو هاشم ولمن انضمّ للرسول الأعظم (ص) إلى أحد أمرين: إما الرضوخ لمطاليب الفئة الكافرة أو الهجرة إلى مكان ناءٍ، وعدم تأثيرهم على المجتمع الذي تعيش فيه قريش.
واختارت السماء للرسول الأعظم (ص) الهجرة الى المدينة المنورة؛ لما تتمتع به من وجود الناصر له، والمأوى الآمن، والإخاء والمشاركة له في السراء والضراء.
والثانية: هجرة الإمام الحسين بن علي (ع) من المدينة الى كربلاء، بعدما خُير بين أحد أمرين: إما أن يرضخ لسياسة يزيد بن معاوية من الظلم والقهر، واعتبار بني الانسان عبيداً لهم يفعل بهم ما يشاء، فيعز من يشاء، ويذل من يشاء.
والأمر الآخر: هو أن يقارع الظلم وينكر المنكر، حتى وإن أدى ذلك إلى التضحية بنفسه، وبكل ما يملك في سبيل إحياء دين الاسلام، وإماتة البدعة التي بدت للمسلمين واضحة لهم؛ واختار الإمام الحسين بن علي (ع) مقارعة الظلم وإنكار المنكر، وهذا ديدن الشرفاء.
الغاية:
ما الغاية من استذكار تلك المناسبة ما دامت قد انتهت وذهبت وقتها؟
لعل من أهمِّ الغايات التي يستذكرها المسلمون من كلا الهجرتين، هي أن لا تذهب تضحيات الرسول الأعظم (ص) سدى في سبيل أمته؛ كما أن الإمام الحسين بن علي (ع) لا تذهب تضحياته هباءً منثوراً، بعدما كانت مبادئ الإسلام على شفا حفرة من الانهيار.
ومن الغاية المهمة الاستذكار هو أن نتبع تعاليم الرسول الاعظم (ص)، ونعرف مدى ما قاساه من الظلم والطغيان في سبيل توضيح الإسلام، وإنشاء جيل يتمتع بالحرية والكرامة بعدما كان يُستعبد ويذل.
ومن غاية الاستذكار الايمان بالعقيدة التي ناضلوا من أجلها، وليس لأجل السلطة أو المكانة التي يحاول أن يغتنمها أصحاب المصالح، أو يحاول تبريرها من قبل كثير من الثورات أو الانتفاضات، ولا يعبأ بمصالح الشعب.
ما هي دواعي الهجرة:
قد تكون للهجرة عدة دواعٍ من حيث انتشار الدعوة وسعة أفقها، لكن تكمن الأهمية لها من حيث إن الدعوة الإسلامية حينما انحصرت بمكة، كان الرسول الأعظم (ص) يمارس دعوته في ظل الظلم عليه، ومجابهة قريش إياه بالقسوة والافتراءات عليه، جعلت دعوته لا يمكن انتشارها؛ لأنها معرضة للقضاء عليها. وحينما هاجر الرسول الأعظم (ص) الى المدينة، فان ذلك الظلم والمقاومة قد انتهت، وابتدأت مرحلة العمل الدؤوب لنشر الإسلام في كافة انحاء الأرض، وبيان أهمية الإسلام بعدما كانت قريش تفتعل الأكاذيب ضد صاحب الدعوة؛ لأجل جعل الاسلام من الموبقات التي يرتكبها صاحبها حينما يعتنق الاسلام ويكون مسلماً، بل وينكل به أشدّ تنكيل، ولا يكون له حظ من العيش مادام قد خالف التعاليم الموروثة من عبادة الأصنام والطعن بمن يعبدها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat