الخطبة الزينبية ودور الإعلام في ملحمة الطف الخالدة
السيد محمد الحسيني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تخللت واقعة الطف قصص وحوادث فريدة بهرت العقول، وذلك لمواقف أبطالها؛ كونها خارج الطبيعة والواقع المألوف، فالمبدئية الرصينة، والتضحية والايثار المتناهي، والحالة الإيمانية العظيمة، والتسابق لنيل الشهادة.. ما يعطي الصورة الوضاءة لتلك النخبة المختارة، من أولئك البررة الأخيار، الذين نذروا نفوسهم، وبذلوا دماءهم للدين والانسانية، فباتوا مناراً وطريق هدى، لكل من أراد أن يقارعَ الظلم والظالمين، ويرفض الذل والخنوع من أحرار العالم.
 ولقد لعب الإعلام الذي قادته النخبة الفذة من آل البيت الأطهار (ع) دوراً كبيراً وخطيراً ومتميزاً، ارتقى لموقع المسؤولية الملقاة على عاتقه، فتمكن بجدارة أن يغيّر الواقع المأساوي المر رأساً على عقب، ويحطم الواقع السياسي لنظام الحكم المستبد، حيث ساهم بشكل مباشر بكشف الحقائق، وفضح النوايا، وبالتالي التسريع باسقاط تلك الأنظمة الفاسدة والظالمة.
 إن قطبي الحملة الاعلامية الرائدة في ملحمة الطف، هما الإمام علي بن الحسين زين العابدين، وسيد الساجدين (ع)، وعمته بطلة كربلاء الحوراء زينب (ع)، وهما ينتميان الى نفس المدرسة التي انطلقت منها الرسالة المحمدية الملهمة من الله (عز وجل)، حيث غذى الخالق علوم الكون لرسوله الكريم محمد (ص)، الذي أودعها بدوره الى وصيه الإمام علي بن أبي طالب والأئمة المعصومين من ذريته (ع). 
 والسيدة زينب (ع) ترعرت في بيت جمع النبوة والإمامة، وورثت علومهما، فصارت عالمة غير معلمة، امتلكت وجمعت خصال جدها وأمها وأبيها وأخويها الحسن والحسين (ع)، وهي خصال تفرّد بها آل البيت الأطهار (ع)، لذلك وظفت ما تملكه من قدرة عالية، وبلاغة متناهية، وإرادة حديدية لا تُقارع، وصبر لا حدود له.. من خلال خطبتها الرائعة في مجلس الطاغية يزيد، عندما حولت نتائج معركة الطف الخالدة الى نصر عظيم لمعسكر الإيمان، الذي يمثله أخوها الامام الحسين سيد الشهداء (ع) وصحبه البررة، وضعضعة النظام المتسلط الفاسد، وبالتالي الى إسقاطه.. بل إن نتائجها تهز عروش الطغاة على مرّ العصور والى يومنا هذا.. 
 ابتدأت السيدة الحيدرية، وحكيمة البيت العلوي، وعقيلة الطالبين سيدتنا زينب (ع) خطبتها بحمد الله رب العالمين، والصلاة على رسوله محمد وآله أجمعين، ثم تلت الآية الكريمة: (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الذِينَ أَساءُوا السُّوأى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ). إن تلك البداية هي الدرس الأول لكل اعلامي يروم النجاح والتوفيق في عمله الرسالي، وهو وجوب التمسك بالحالة الإيمانية التي تضمن له الصلابة والدعم المعنوي.. ومن ذلك الدعم الإلهي، استمدت الحوراء (ع) قوتها، فصالت في مجلس الطاغية يزيد لتذكره بسلوكه السيء الذي يفضي بنتائجه الى سوء العاقبة، وأنه كاذب لا يؤمن بالله ورسله وكتبه التي أنزلها على أنبيائه (ع)، وكانت تتكلم وهي تستقطب أسماع وقلوب الحاضرين برباطة جأش، دون خوف أو وجل، مستصغرة قدر الطاغية، متحدية ردود فعله، وهو الحاكم المتجبر، وهو درس للاعلاميين للاتصاف بالشجاعة، وأن يتمسكوا بالموقف الشريف والثابت، حتى في مجالس الطغاة وقصورهم.. بعدها استرسلت العقيلة (ع) لتؤكد للطاغية، بأن ما ظهر عليه من غبطة وسرور، ما هو إلا شعور زائف، وأن ما أصابه من غرور نتيجة إقبال الدنيا الفانية عليه، ما هو إلا وهم وسراب، وليس لفضله، فهو الفاسق الفاجر الذي تنتظره جهنم لينال جزاءه العادل خالداً فيها، وان ما اكتسبه هو عبارة عن آثام وخطايا، تدفعه للإيغال بذنوبه، وليس نعمة أو ثواباً على أفعاله وجرائمه الدنيئة: (وَلا يَحْسَبَنَّ الذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفسِهِم إِنما نمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)، كما ذكرته بأن كرسي السلطة لا يعود له، وانه اغتصبه بالوسائل الخسيسة، ليتحكم به برقاب المسلمين، وإن الخلافة الشرعية، تعود لآل بيت النبي محمد، وعترته الطاهرة (ع).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد محمد الحسيني

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/26



كتابة تعليق لموضوع : الخطبة الزينبية ودور الإعلام في ملحمة الطف الخالدة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net