المحتوى الثقافي لأي منظومة عالمية بات اليوم يتشكل عبر خزينها التلاقحي الذي تمّ تبادله مع المنظومات الأُخَر على مرِّ العصور مع الحفاظ على الثوابت القيمية والمعرفية والأخلاقية لكلِّ على حدة دون المساس بها؛ كونها تشكل الأساس الرصين الذي من خلاله تتميز تلك الأمة عن غيرها، لذا أصبح من المتعارف أن على الأجيال المتتابعة حمل تلك الرسالة الخالدة من أجل نقلها للأجيال القادمة بكافة تفاصيلها، وترك الخيار للجيل الصاعد من أجل محاولة إضافة بعض المتغيّرات التي تصبّ في مصلحة تلك المنظومة، بعد التمحيص والتدقيق في مفردات تلك المتغيّرات، وعرضها على الأسس، ولكن ما يلاحظ اليوم أن هناك هوّة قد تكون عميقة في بعض مفرداتها بين أجيالنا المعاصرة والأجيال السابقة، خلقت حالة من التغييب القسري للهوية الإسلامية المميزة على مرّ العصور، بعد أن حاول بعض الناس إدخال التقليعات الجديدة التي من شأنها استلاب الروح السامية لهذه الأمة من أجل أجندات أخرى أصبحت مكشوفة للعالم، بالإضافة إلى المعاول الداخلية التي ما برحت تعمل على تفتيت البنى التحتية لهذه الثقافة العريقة من باب المحافظة على تراث السابقين.
وفي خضم هذا الحراك أصبح من الواضح جداً أن هناك ثقافة تفرّدت داخل المجتمع الإسلامي، اتخذت سمة الدوام بسبب المنهاج الذي اختطته أنامل الخير والهدى، ألا وهي ثقافة أهل البيت (ع)؛ كونها ينبوعاً متجدّداً لكلّ زمان ومكان، متحدّياً المحددات الزمانية والمكانية، متخذاً من التشظي على مرّ العصور جذوراً تغلغلت في عمق الوجداني الجميع لهذه الأمة، لذا باتت تشكل مصدر خطر على الذين ادعوا الحداثة والتحديث، فهي بما تحمله من تفاصيل وأبعاد استطاعت أن تحتوي أيّ تجديد وتحديث بما يتواءم مع مراحل تطورها ورقيها الإنساني.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat