صفحة الكاتب : بشرى مهدي بديره

نَهْجُ الوَلاَء
بشرى مهدي بديره

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مَآذِنْ تُعَانِقُ الَّسَمَاء ..

وَيُظَلِلُهَا غَمَامُ الرَّحمَةِ الإلَهِيّة ..
إِنَّهَا قَريَةُ رَاوِيَة , أرَاض ٍ تَمتَدُ عَلَى مَسَاحَةٍ وَاسِعة مُتَراَمِيَة الأطرَاف , هِيَ مِلكُ عَقِيلة الطَالِبِيين 
لَمْ يَكُنْ يُدْرِكُ حَيدَر أنَّ القّدّرّ شَاءَ لَهُ أنْ يُولَدَ هَاهُنَا , لِكَي يُعجَنَ بِتُرَابِ الحُبّ , وَيَنْشَأ في كَنَفِ الوِلَايَة , وَمِنْ ثَمَّ يسْتَشهدُ فِدَاءَ بَطَلَةِ كَربَلاء .
وِكيْفَ أنَّهُ قَدْ كُتِبَ عَليهِ أن ْيُعِيدَ نَبَضَاتِ قَلبِهِ بِأمَانَة إلَى حَيْثُ بَدَأت ْ , وَأنْ يُسَلّمَ رُوحَهُ إِلَى بَارِئهَا مِنْ حَيْثُ كَانَتْ أوّلَ شَهْقَة كُتِبَ لَهُ فِيهَا الحَيَاة وَالوُجُودْ .

هَكَذا استَقبَلَت العَائلة مَولودَهَا الأّوّل بَعدَ انتِظار ٍ دَامَ سَبْعَة أعوَام , في لَيلَةِ الثَالث عَشَر مِنْ رَجَب
حِين قَال هَاشَم لِزَوجَتِه سَوف نختَار للطفل اسمَ "عليّ ٍ" .
فَقَالَت له : أحُبُ أنْ أسَميهِ " حَيْدَر عَلي" وذَلِك لِنذر ٍ نَذَرتُهُ عِنْدَ مَولاتي زَيْنَب عليها السَّلام عِنْدمَا تَوَسَلتُ عِندَهَا بِمولَانَا أمير المؤمنين صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُهُ عَلَيه الوَجِيه عِند الله أنْ أُرزقَ بِطفل يَكون سَمِيّه ..
وتَوَسَلتُ أنْ يَكونَ مِن أنصَارِ وَلَدِهِ الحُسَين صَلَوات الله عَليه .
فَأجَابهَا هِاشمْ: أرواحُنا فِدَاء لِأهل ِ بَيتِ العِصمَة .
وَكَانَ لأم حَيدَر مَا تَمنَّت , ومنذ ذَلِكَ الوَقت وَأمُ حَيدَر تُعّلِمُ وَلَدَها معنى الحُب , إنّهُ الُحُبُّ لِمَن أحبَّهَم الله , وَتَزرَعُ فيهِ بُرعُمَ وِلاية على أمل ِ أن يُزهِرُ في يَوم ٍ مَا .
لَمْ يَكُنْ في طفولَة حيدر ما يثير الانتبَاه , كَانَت طفُولَتَه عَاديّة جِدا ً , بَراءة , شَقاوَة , كَانَ يَكبُرُ أختَه كَوثَر بِعامين , وَأخوهُ الصّغير جَعفَر بِستّة أعوام , وَكانَت وَالدتَهُ تَصطَحبهُ مَعَهَا إلى الحَرَم بِشَكل ٍدَائِم لأداءِ الصَّلاة وِالزِيَارَة , فَيَقومُ بِحركَاتِ الصَّلاة كَمَا والدتَهُ, ثمَّ يَنطَلق إلى الصَّحن الشَّريف ليقومَ بالدَّورانِ حَولَ المقَام لِمرّاتٍ وِمرَّات وَهُوَ يَشعُرُ بأنّهُ يَمتلك العَالَم , وَكانَ يُرَاقِبُ وَالِدَتَهُ وَهيَ تقومُ في كلَّ مرَّة بِإشعالِ شَمعة وَهيَ تُردّدُ تَمتمَاتٍ لَمْ يَكُن يَفهمها, وَ يَتملمَلُ في بعض ِالأحيان ِشأنُهُ شَأنَ ذَويهِ من الأطفال وَيطلُبُ منَ الوالدة العَودة سَريعا ً وَأن تقومَ بِإشعال شَمعتها بسُرعة ليلتحقَ بِالأطفال وَيبدأ باللعب قبلَ مُضيّ الوَقتْ .
مَرّت الأعوّام..
وّأصبّحّ حّيدّر عّلي في رّيعّانِ الشَّبَاب , شَاب لا يعرف الهُدوء وَلاَ الاستقرَار, وَلا النِظَام , وَكَانَت الحَياة بِالنّسبَة لَهُ عَشوائيّة , نَعَم , إنَّهُ في عنفوَانِ الشَّبَاب حَالُهُ كَحالِ كُل أقرَانه ,كَانت وَالدته تنظرُ إليهِ وَتقول في نفسِها لا أصدّقُ أنَّ هَذا هُو نَفسُ ذَاكَ الصبيّ الصَّغير الهَادئ , أينَ تِلكَ النَّظرة الحَانية في عَينيه , كانَ أسلوبُ حَياتِه يُزعِجُ أختَه , كَوثر الأخت التّي تتصفُ بالجديّة عِندما تَقومَ بترتيبِ غُرفَته التي أقلُ ما يقالُ عنها أنّها تُشبهُ أيّ شّيء عّدا الغُرفة,مَا هَذهِ الفَوضَى ؟ 
وَحينَ كانَتْ تعاتبه كان يبتسم ويقولُ لهَا بِلهجَةٍ محبَّبة: إذَا لمَ ْتُرتّبي غُرفَةَ أخيكِ سَتصُابينَ بِالمَلَل منْ قِلّة الأعمَال لِذَا أنَا أتعمَّد أن أشغَلَ وَقتَكِ بمَا يُسليَّكِ ,الشَّيء الذَّي جَعَلَ كَوثرَ تتبنَّى قاعدةًَ في حيَاتها أن الفتيَات هُنَّ الأكثَر نُضجَاً وَعقلاً , وَأنّها أفضّل من طفلٍ يتَّصف بعدم الوَعي وَعدَم الرُشد وَهيَ الأصغَر وَتحَمِلُ كُل ّتِلك الصّفات , وَقررّت أنها الأكثَر تعقلّاً من طفلٍ كَحَيدَر, كَمَا أنَّ تصرفاته كاَنت مَثاَرَ نقَدِ أخيهِ جَعفَر .
كانَت ضَحكاته مَصدَر السّعادة وَالفرَح وَالتفاؤل لوالديه , وَكان يخفّفُ بأسلوبهِ منْ عِبءِ الحَياة حينَ يطلبُ من الجَميع أن يبتسِموا فلا شيءَ في الدّنيا يَستحقّ غيابّ ابتسامةِ والديه .
تَوالَت الأعوام وَهَاهوَ يُنهي دِراسَته الجامعيّة حَيثُ توجّهَ إلى مَقَام العَقيلة وَأشعلَ شَمعتَه المعتَادة وَتوسّل بمولاته زَينَب ع أن يُحقَّق حلم حياتهِ بالزواج من نَرجس ذَاكَ الحلم الذي لَطالمَا انتظرَ تحقيقَهُ .
نَرجس تلكَ الحبيبة التي خبّأهَا دَاخلَ قلبه 
وَسرُّهُ الذّي لا يبوحُ بهِ لأحَد..
نَرجس الفتَاة الزينبّية التي تربَّت وَنشَأتْ على خُطَى الزّهراء صَلوَات الله وَسَلاَمهُ عليها وَاكتسَت من نورِ الوِلاية ,هي ابنة أحدِ الأقارب ,كانَ حَيدَر يرَاها في زِيارات العائلِة التي كَانَت تُقَام في الأعياد وَالمناسَبَات حيثُ كَانَت تَجتمعُ العَائلة جَميعاً, هَا قَد آنَ الأوَان لأنْ يُتوَّجَ حُبُهُ لَهَا بِالَزَوَاج , وَأولُ خُطوَة كَانَ علَيهِ القِيَامُ بِهَا هيَ أن يَطلبها مِنْ أمِّهِ, لذَا فَقَد كَانَت


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بشرى مهدي بديره
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/06



كتابة تعليق لموضوع : نَهْجُ الوَلاَء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net