على الضفة اليسرى لنهر الفرات، وسط المسافة بين ناحية البطحاء ومدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، اي ما يقرب من (16) كيلو مترا الى الغرب منها، وسط بيوتات عشائر الغزّي والقرى المجاورة، الممتدة على ضفتيّ الفرات، يشدّ بصرك مرقد شامخ، علت قبته قامات النخيل، تحتضنه اشجار السدر واليوكاليبتوز، مطلي ومغلّف بالسيراميك الابيض، ليكون داعياً الى السلام والحب والوئام، وكاشفاً لمدى الظلم الذي تعرض له آل بيت المصطفى (صلى الله عليه وآله) من قبل العباسيين واشياعهم، انه مرقد السيد عمر الاشرف.
من هو السيد عمر الأشرف؟
هو عمر الأشرف ابن الإمام علي بن الحسين زين العابدين بن الامام الحسين بن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليهم السَّلام). كنيته: أبو علي.
و أما أُمّه و أُمّ أخيه زيد: جيداء، وهي جارية اشتراها المختار بن أبي عبيدة الثقفي بمائة ألف درهم، وبعثها إلى الامام عليّ بن الحسين (عليه السَّلام).
كان عمر الأشرف فاضلاً عالماً، ولي صدقات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وصدقات أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام) وفدك، جليل القدر والمنزلة في الدولتين معاً الأُموية والعبّـاسية، ورعاً سخيّاً، ينتهي إليه نسب الشريفين الرضي والمرتضى.
سمّي: بـ "الأشرف" لأنّه نال فضيلة ولادة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فكان أشرف من عمّ أبيه عمر بن عليّ بن أبي طالب (عليه السَّلام) الّذي سمّي: "الأطرف" لأنّ فضيلته من طرف واحد وهو أبيه أمير المؤمنين عليّ (عليه السَّلام).
قال عنه الشيخ المفيد (رحمه الله) في الارشاد: كان عمر بن علي بن الحسين فاضلاً جليلاً وولي صدقات النبي (صلى الله عليه وآله)، وصدقات أمير المؤمنين (عليه السَّلام)، وكان ورعاً سخياً.
وروى الشيخ محمد حرز الدين في كتابه (مراقد المعارف ج2) عن ابي الجارود زياد بن المنذر قال: قيل لأبي جعفر الامام الباقر(عليه السلام) اي اخوتك احبّ اليك. فقال: أما اخي عبد الله فيدي التي ابطش بها، واما اخي عمر فبصري الذي ابصر به، واما اخي زيد فلساني الذي انطق به، واما اخي الحسين فحليم يمشي على الارض هونا... وكان عمر الاشرف صدوقا فاضلاً، من كبار اتباع التابعين؛ حيث روى الحديث عن ابيه واخيه، وابن اخيه الامام جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام).
وَرَوَى شارح نهج البلاغة العلامة عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي في تفاخر ذرية الأئمة: قالوا ونحن نعدّ من رهطنا رجالا لا تعدون أمثالهم أبدا، فمنا الأمراء بالدّيلم الناصر الكبير، وهو الحسن الأطروش بن علي بن الحسن بن عمر بن علي بن عمر الأشرف، بن زين العابدين، وهو الذي أسلمت الديلم على يده.
قال البخاري في السلسلة العلوية: توفي وهو ابن (65) عاما، وقال الشيخ الطوسي في الرجال: توفي ابن (70) عاماً.
وكان لصدى الروضتين هذا الحوار مع الحاج مهدي ماجد طهماز الغزّي خادم المرقد الشريف:
صدى الروضتين: ماذا تعرفون عن صاحب المرقد الشريف، وسبب قدومه الى الى هذا المكان؟
الحاج مهدي: نعرف انه السيد عمر الاشرف بن الامام زين العابدين(ع)، وانه جاء من الحجاز بعد اعتقال اخيه زيد الشهيد لدعوة الناس لنصرته، وفك اسره، وكشف مؤامرات ودسائس العباسيين على اهل البيت(عليهم السلام)، وعند وصوله الى هذا المنطقة وافاه الاجل اثر مرض ألمّ به، ودفن في هذا المكان.
صدى الروضتين: منذ متى وانتم تخدمون المرقد الشريف؟
الحاج مهدي: منذ ما يزيد عن (200) عام تقريبا، فقد اخبرني والدي ان جده السادس كان خادما للمرقد الشريف، ومنهم توارثنا الخدمة الابن فالابن.
صدى الروضتين: ماهي الخدمات التي تقدمونها للزائرين؟
الحاج مهدي: اضافة الى خدمات التنظيف والحراسة، فاننا نقوم بتوفيرالطعام للزائرين الكرام بوجبتين، الغداء والعشاء، كما نقوم بتوفير الفرش والاغطية للزوار الذين يقضون بعض الليالي هنا، وخصوصا يومي الخميس والجمعة.
صدى الروضتين: متى كان اول بناء للمرقد، وما هي المواد التي استخدمت فيه؟
الحاج مهدي: لا اعرف العام بالتحديد، ولكني اعرف بأن احد الأجداد وهو المرحوم الحاج محسن هو اول من بادر الى بناء المرقد من القصب والسعف والطين، بعدها تم البناء بالأحجار والفرشي والطين، واستمر الحال الى ان قام الاجداد طهماز وفرحان محيبس ببناء المرقد بالطابوق الكورة، وقد كتب على احد الابواب عام البناء وهو (1352) هـ.
اما آخر تجديد للبناء فكان قبل ثلاث سنوات، اي في العام 2006، فقد قمنا بإزالة البناء القديم بالكامل وبناء الحرم بشكل مربع طول ضلعه (20) مترا، تعلوه قبة كبيرة وشاهقة، نأمل ان تتناسب مع كرامة صاحب المرقد. ومن الجدير بالذكر اننا واثناء إزالة البناء القديم سقطت قطعة من الكونكريت والطابوق على القبر الشريف مباشرة فتسببت بهدم بعضه، فتضوّعت منه رائحة زكية غطّت المنطقة المجاورة ادت الى اقبال ابنائها بأعداد كبيرة للتبرك بتراب القبر الطاهر، ولكن خشيتنا من انهيار القبر حدت بنا الى بناء القبر بسرعة، وهذه الحادثة يتذكرها ويرويها ابناء المنطقة صغارا وكبارا.
صدى الروضتين: مَن الذي تكفل بتكاليف البناء؟
الحاج مهدي: جميع تكاليف البناء كانت على نفقاتنا الخاصة نحن خدمة المرقد، اضافة لما يضعه الزوار داخل الشباك الشريف، ولم نتلقَ اي دعم او مساهمة من اي جهة حكومية او غير حكومية.
صدى الروضتين: هل اتممتم البناء، ام ان هناك مشاريع اخرى تنوون القيام بها؟
الحاج مهدي: لا، هناك الكثير من المشاريع، فنحن نسعى الى توسيع الصحن، وبناء قاعات لمبيت الرجال والنساء، وبناء صحيات جديدة تتناسب مع اعداد الزائرين الذين يقصدون المرقد الشريف في بعض المناسبات، كما اننا نسعى الى تغليف القبة بالكاشي الكربلائي، ولكن هذه المشاريع تحتاج الى اموال لانستطيع توفيرها.
صدى الروضتين: ما هي الاحتياجات التي ترونها ضرورية، والى من توجهون كلامكم؟
الحاج مهدي: نوجه كلامنا ومناشدتنا من خلال صدى الروضتين لينطلق هذا الصوت من العتبة العباسية المقدسة، الى الحكومة المركزية، والى حكومتنا المحلية في محافظة ذي قار والى جميع الدوائر المختصة، والمؤسسات الخيرية، والاحزاب الدينية والى كل المُحسنين في كل مكان، للمساهمة الفاعلة في بناء المرقد الشريف وتوفير الخدمات الضرورية للزائرين، فما كان لله ينمو.
اما الضروريات فهي:
1-تعبيد الطريق الواصلة بين مدينة الناصرية والمرقد الشريف، والتي نعتبرها من اولى الاولويات لأن المواصلات عصب الحياة، فكما تشاهدون الطريق ترابية ووعرة، كما انها تقطع لأيام وقت هطول الامطار.
2-توسعة الصحن وبناء قاعات للرجال والنساء.
3-تغليف القبة بالكاشي الكربلائي.
4-توفير مولدة كهرباء قادرة على تشغيل ما متوفر من إضاءة ومبردات هواء، وبرادات الماء، والتي تبرع بها بعض المحسنين وزائرو المرقد.
5-بناء مغاسل وصحيات جديدة وملائمة.
6-انشاء مكتبة - ولو متوسطة الحجم - داخل الحرم تضم الكتب الدينية وبالاخص التي تحوي تاريخ وتراث صاحب المرقد ومسيرته العلمية الجهادية.
كاظم الناشي
.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat