الرجل العجوز وحركة حقوق الانسان
منتظر العلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منتظر العلي

رد على سلامنا بوقار ودعانا اليه، فصرنا عنده في آخر المقهى. كان يحتضن نرجيلته باعتزاز ثم يسأل عن اسمائنا، وبعدها سأل الرجل العجوزصديقنا احمد:ـ ما هو عملك؟ فأجابه: أعمل في احدى مؤسسات حقوق الانسان. غص العجوز صائحا: في كربلاء؟ نعم في كربلاء. عقب حينها يا بني الى الآن ليس هناك تعريف واضح لندرك من خلاله ماهية الناشط الحقوقي ونشاطه في العراق؛ لأن العمل في حقوق الانسان يتطلب موائمة ظرفي الزمان والمكان، واحتواء خصوصية كل منهما لتسهيل دور المعالجة الاجتماعية.
فأجابه احمد:- ياعم... لو نظرت الى ما قدمناه من باب المعالجات الانسانية فهو ليس بالشيء القليل، ويعد منجزا عراقيا رائعا. صمت العجوز معبرا عن عدم ارتياحه من النتيجة التي فهم بها احمد موضوعه، فقال: يا بني ان السمات كثيرة ومتنوعة، وكل سمة منها تذهب باتجاه، ومنها الاتجاهات التسييسية، فليس من الانصاف ان يميل عمل بهذا العنوان وبهذ ا المنجز الذي ذكرت الى جهة تحزبية واحدة، فيكون تحت يافطة كيان، ونحن نريد هوية عراقية، لا تفرق بين مذهب ومذهب، وانتماء وانتماء...
اراد احمد ان يعقب فحاصره العجوز بأسئلة مهمة:ـ هل سعت مؤسستكم بالتفكير جديا للتفاعل مع المتغيرات السريعة التي عمت العالم؟ وهل استطاعت ان تقرر وتفرض بدل ان تتلقى وتذعن؟ ولا اعتقد ان دون هذه الامور تتمكن أي حركة لحقوق الانسان في العراق ان تنشد روح العصر، وخصائصه العلمية. وان تكون نافعة بالقدر المؤمل منها.
قال احمد:- يا عم اعطني مجالا لأعقب بما ينفع، فالمسألة في بداية خطوتها، ولابد من الانتباه لقضية التحولات المصيرية في هذا البلد، والذي لاشك ان تترك اثارا بعيدة المدى على شعبنا العراقي. قاطعه الرجل العجوز:- وعلينا ان ندرك ان الخطابات لم تنفعنا يوما لتنفعنا اليوم، فشعبنا يعاني تناقض القوى المتخلفة التي تريد ان ترجع عملية التاريخ الى الخلف وبين طموحات المستقبل في ظل غياب رؤى مجتمعة، لتفعيل مؤسساته وندواته التي لابد ان تكون على مساس مباشر مع المؤسسات الانسانية من اجل انتاج آليات للتفاعل المباشر... هناك شيء مهم يا ولدي يجب الانتباه له، واقصد التفاعل المباشر مع المحافظة على استقلالية الهوية الثقافية. هناك الان خلط كبير يشوب تفكير البعض الهائج وسط ثقافات لا ترحم، من عولمة وامميات لاترتكز على خصوصيات الهوية ولذلك تعرضنا الى انتهاكات واسعة، حاولت استغلال الهوية، الآن دعني اسأل هل قدمنا لشعبنا ما يتناسب وحجم تضحياته؟ هل نستطيع اليوم الدفاع عن هوية العراق ووجوده ومصالحه؟ هل نحن قادرون على الدفاع عنه وليس عن احزابنا وكياناتنا السياسية؟
سكت قليلا ثم قال: (اولادي الله بالخير) القضية وما فيها ان هناك اختلافا كبيرا لايراه الكثيرون منا... بين ان نندفع بقوى النبل والشهامة والعاطفة لبناء اوطاننا، وبين ان نقدم نبراسا يضيء للعالم تلك الجذوة الايمانية التي تتوسم في تجارب الاخرين صحوتهم، كي ندرك ذات يوم موقعنا في التنمية البشرية في المنطقة العربية... (لملم نرجيلته ثم صاح چايكم واصل عيوني).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat