صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

قراءة متأنية لكتاب نظرية فارسية التشيع لصالح الطائي ...2
رائد عبد الحسين السوداني

مهداة إلى الكاتب صائب خليل مع التحية :
    نصل في هذه الحلقة مع الباحث الموسوعي صالح الطائي إلى مراحل ترسيخ نظرية فارسية التشيع في العقل الجمعي الإسلامي  من الفريق الآخر لو صح التعبير والتي تحولت فيما بعد إلى تهمة سياسية أي بمعنى إن التشيع أصلا تحول إلى وصمة يوصم بها حامله تشير إلى عدم ولائه الوطني لا بل يُشكك بأصله ،يقول الأستاذ الطائي ويشير إلى حادثة مقتل الخليفة عمر بن الخطاب (رض) على يد رجل فارسي فقد ذكر أسباب تعميم الجريمة على كل الفرس بدلا عن فرد ارتكب الفعل ،وبعد أن يعدد مناقب الخليفة الثاني ونظرة الناس إليه منها وكما يقول في ص19"ما يمثله الخليفة عمر بن الخطاب بسياساته التي كانت قريبة من نفس العربي بن الصحراء المتطبع على الشدة في كل الأمور ." ومنها أيضا حسب رأي الباحث الطائي " وما تعود العربي أن يجده في شيخ قبيلته " ومنها مواقف الخليفة عمر الجريئة والتي بعضها تعد خروجا عن النص وغيرها كثير كما يوردها الباحث لكن أهمها في نظري ما يقوله هنا "هذا فضلا عن جانب مهم آخر تمثل بالمواقف المتشددة لعمر من حيث تفضيله العرب على غيرهم في العطاء وباقي الأمور " هذا يعني إن بعض العرب أو أغلبهم ينظرون إلى الخليفة الثاني بأنه خليفتهم فقط دون غيرهم ،وكما يذكر الباحث الطائي في آخر صفحة 19"ولهذه الأسباب وغيرها خلق مقتله على يد رجل فارسي فجوة بين بعض المسلمين العرب والمسلمين الأعاجم المقيمين في دولة الإسلام و لا سيما الفرس منهم بالذات ،وخلق نوعا من العداء بان أثره بعد حين " وهنا يحدد الباحث الأستاذ الطائي رأيه في أن هذه الحادثة هي المنطلق لنظرية فارسية التشيع وليس غيرها ،فقد ذكر في صفحة 20" وعليه نجد أن حادثة مقتل خليفة المسلمين على يد رجل فارسي وما خلفته من تداعيات كانت اللبنة الأهم في أساس بناء نظرية (فارسية التشيع ) وبقدر يزيد كثيرا عن فتح بلاد فارس الذي يعزو له البعض أسباب هذا العداء " وكان الباحث قد ذكر في صفحة 18" وخلافا لما تقدم تجد أن هناك أيضا من يرى أن العرب هم البادئون بالعدوان ومنهم الدكتور محمد صبحي أو أحمد صبحي منصور كما يبنه الباحث الطائي في هامش رقم 2في نفس الصفحة أعلاه  الذي يجزم أن العرب هم أول من بدأ العدوان وأجج نار الصراع مع الفرس ويرى أن احتلال المسلمين لبلاد فارس هو العمل (غير الإنساني ) الذي مارسه المسلمون ضد الفرس ويقول :(ولكن ذلك كان يخالف ما جرى في الفتوحات العربية في عهد عمر ،لأن عمر بعد أن أسقط الدولة الفارسية فرض على أهلها الجزية وفرض على أرضها الخراج ،وهؤلاء الناس (الغلابة )لم يحاربوا أحد ،بل إن الدولة الفارسية نفسها لم تعلن الحرب على الدولة العربية ،ولم تقتحم الجزيرة العربية ،بل العكس هو ما حدث ،فالعرب المسلمون هم الذين اقتحموا على الفرس دارهم ،وبعد أن هزموا الجيوش في مواقع متعددة داخل بلادها ،سلبوا كنوز الفرس في كل مدينة ،واسترقوا الذرية من النساء والأطفال فيما بينهم ،ثم بعدها فرضوا على المساكين أهل البلاد المفتوحة جزية على الرؤوس ،ثم ضريبة على الأرض ،ولا يتفق مع تشريعات القرآن بكل تأكيد" وهنا يسجل الباحث الطائي رأيه في هذه الأطروحة  لو صحت العبارة بأنها تدخل ضمن نطاق الخلط التاريخي وهي لا تقل فوضوية عن الآراء الأخرى الناتجة عن هذا الخلط .وفي حقيقة الأمر إن الفرس تأثروا وأثروا كثيرا بالتعاليم والحضارة الإسلامية،كما دلت الوقائع التاريخية على ذلك ،كما إن عددا كبيرا من أساطين الفقه والعقائد الإسلامية ينسبون أو ينتسبون فعلا إلى بلاد فارس ومن مختلف المذاهب والفرق،كما إن بعضا من أئمة المذاهب الإسلامية من غير المذهب الشيعي هم من أصول فارسية ،إذاً ما هي العلة في إلحاق أو محاولة إلحاق التشيع فقط بالفارسية ؟ هنا يجيبنا أستاذنا صالح الطائي في صفحة 20 ويضعها بعدة مراحل الأولى و" واقعا وليدة المراحل الأولى وفيها نجد بعض الفرس وعلى رأسهم  الصحابي الجليل (سلمان الفارسي) (رض) قد مالوا بشكل ملفت إلى جانب علي بن أبي طالب (عليه السلام ) وربطوا مصيرهم بمصيره ومعتقدهم بمعتقده فذابوا في حبه والإخلاص له ،ولأن الإمام أوغر قلوب بعض العرب والقرشيين ووترهم في دفاعه عن بيضة الإسلام وعن رسوله الأمين ،وللعداء والتباغض الذي ولدته الأحداث التي تلت موت النبي الأكرم (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ) بين علي (عليه السلام) وبعض رجالات مجتمع المدينة ثم الحرب بينه وبين معاوية الذي نجح بتأسيس دولة كتبت تاريخ الأمة ومقرراته ،فقد امتد عداء الفئات الأخرى التي تكن له العداء إلى كره وعداء أتباعه ومحبيه أيضا من الشيعة عامة ،وهنا تميز أتباعه من الفرس عن باقي أتباعه العرب بشدة عداء العرب لهم فكأنهم عدوهم من الطارئين على مجتمع العرب المسلم ولا يحق لهم نصرة جانب على آخر " بعد ذلك يصل بنا الباحث إلى ما أسماها الواقعة الكبرى التي قصمت ظهر البعير في رأي الأستاذ الطائي وهي " عندما تشيع قسم من أهل فارس على يد سلطان المغول الذي كان يستعمر بلادهم ويحكمها مما أدى إلى انتقال بعض أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى التي كانت موجودة في أرض فارس إلى التعبد بالمذهب الشيعي ،حيث حدثت النقلة الكبرى بتحول العداء للفرس (قوميا ) إلى العداء للتشيع (دينيا ) بصورة عامة وربطه بالفرس والعمل على سلخه من عروبته في مجتمع تمثل فيه العروبة قيمة لا تقل عن قيمة الإسلام نفسه ،بل تعلو عليه أحيانا .ومع هذا كله،وحتى هذا التاريخ المتقدم لم تكن الأبعاد الحقيقية لهذه النظرية وهذا الإدعاء قد تبلورت بعد بالشكل الذي نعرفه اليوم ." وبنظر السيد الباحث "إن إعلان الصفويين الأتراك (حسب اعتقاد الباحث الأستاذ صالح الطائي إنهم أتراك ) المذهب الشيعي مذهبا رسميا لبلاد فارس في القرن العاشر الهجري حينما كانوا مسيطرين على بلاد فارس ومستعمرينها كان التاريخ الحقيقي لولادة نظرية فارسية التشيع بما يقارب شكلها المعروف في هذه الأيام ." وهنا تكمن مفارقة ،فالفرس عندما آمنوا بالإسلام وبرسوله يعرفون إنه عربي وعندما والوا بن عمه علي عليه السلام بطبيعة الحال هو عربي أيضا وبموالاتهم للمذهب الاثني عشري الجعفري يعرفون إنه يخص أئمة من أقحاح العرب والمفارقة الكبرى في هذا الجانب وقد صرح بها حسن العلوي في أحد كتبه أو لقاءاته إنهم عندما يسجدون في صلاتهم إنما يسجدون على تراب عربي هو تراب مدفن الحسين بن علي ،هنا سؤال ،ترى أيهم يوالي الآخر العربي الشيعي يوالي الفرس أم الفارسي الشيعي يوالي العنصر العربي؟ أما المسلم غير الشيعي عندما يوالي إمام مذهب أو فقه غير عربي كأن يكون فارسي أو أفغاني أو تركي يعد حامي حمى العروبة ومنتهى أملها ورجاءها ،وهذه بطبيعة الحال مفارقات السياسة ولا غير السياسة التي كرست هذه المفاهيم .نقف في هذه الحلقة لنكمل بعد ذلك مشوارنا مع ما يطرحه أستاذنا الطائي حول هذه النظرية .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/29



كتابة تعليق لموضوع : قراءة متأنية لكتاب نظرية فارسية التشيع لصالح الطائي ...2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : رائد عبد الحسين السوداني ، في 2012/03/30 .

الاخ ناصر عباس شكرا لتعليقك وبارك الله فيك

• (2) - كتب : ناصر عباس ، في 2012/03/30 .

الاستاذ السوداني
لقد اجدت في طرح الكتاب امام انظارنا
بوركت وبورك الاستاذ الطائي على كتابه




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net