جوى
نور الموسوي
نور الموسوي
ارضً افترشها الشوقُ والهيام!
نسماتً امُتزجت بانفاس الاِبْتهال والرّجاء!
ظهورً اِلْتِوت مُتذللة، اكفْ رُفعت مُؤَمِّلة!
واصواتًا عَلَتْ بالنَشِيج مَبْحُوحة!
رَمق هذا المَنظر بأندهاش وقال:
-أبيّ ماهذا البَهَاء والحُب؟ لٍمن كُل هذا؟ أَشْعَر بالسَكِينَة!
-يا بُنْيّ انْها لذّة اللقاء إنْهُ الهُيَام.
- لكن لِمَنْ؟ انا لا أرى سواء فَرائُص مُرّتعِدّة وكَلِماتُ مُتلعْثِمة، وأصواتً راجية لا أرى سواء جباه سّاجِدة وشفاه مُتمتمة. أخبرّنيّ لمن كل هذا؟!
-إنه للمَعشوق الأزليِ، إنه لمن يَستحِقه أكثر من ايّ أحد، إنهُ لله يا بُنيّ.
-لكن يا أبيّ أنا لا أرى الله! اين هو! لماذا لا يَسكتهُم! هل هو لا يحبهم؟ ويتركهم هكذا يبكون!
-رويدًا رويدًا يابُنيّ
- اما سؤالك بأين هو؟ انه هُنا(وأشارَ على صدر ولده ناحية القلب) بِـقلبكَ وبِـروحكَ وبِـعقلكَ.
ابي انا لا افهم كيف يكون بقلبي انا وهم راكعين له.
ياصغيري مااقصده انه بقلوب الخلق كُله بقلبي، وبقلبكَ وبقلوبهم
انتظر يا أبي كيف يكون موجود واحد بكل الموجودات؟
سهل جدًا، سأخبرك بمثال يوضح الأمر لك.
-نحن كيف نعيش؟ وماذا نتنفس؟
-بالطبع الهواء
-الهواء! اين هو دُلني عليه؟
-كيف أدلك عليهُ إننّا لا نراهُ، لكنهُ أساسي لِحياتنا، ولا نستَطيع ان نعيش دونهُ...
-هذا هو نفسهُ الجواب لسؤالك يا ولدي؛ فالله سُبحانَهُ نَراه بعين الفؤاد لا بعين المُجرّدة، نراه بضمائَرنا، نراه بعقولنا...
الشيء المَوجوّد يعني انهُ مَخلوق، والله تعالى خالِقً غّير مَخلوق، ونحن بدونهُ عَدّمْ
الله يَسمعُنا عِندما يَسمعنا ولا يَسمعنا أحد، يُرَبت على قلوبِنا عندما تُكسر، يَنتشلنا من ضياعنا عندما نُغرّق انفسنا بالذنوب.
الله جَـــميل يابُنيّ ويَستحق ان نَتذلل اليهُ؛ فبذلنا له نُعزّ
وبتقرّبُـنا نَفوز.
-واما قولكَ "لماذا لا يَسكتهُم! هل هو لا يحبهم؟ ويتركهم هكذا يبكون!"
الله يَحُب صوت عبده، يحب ان يسمعه وهو يناجيه، ويقول له انا بدونك عدم..
وبهذا العمل نَحنُ نَتَودد اليه ؛ لكي نستحق رحمته.
هو لا يترك من التجأ اليه، ولا يُخذل من تأمل به، لا يَطرُد من طرق بابه، انه يجزي بالكثير مُقابل القليل.
إعلم يابُنيّ وخذها نصيحة عني مهما قَصف بكَ الدهرُ وجْارَ عليكَ الزَمانُ واظلمت عليكَ دُنياكَ لا تترك تمسككَ بالله ولا تترك مُناجاته
لا تَفلت يدك حبالهُ، اصبر كثيرًا، وأحبه كثيرًا، نهاية المطاف حفنة تراب ولا يبقى الا وجهه الباقي
حب الله هو المنقذ، والمُدّل..
بِحُبهُ نَحيّا
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat