دبلوماسية الخارجية العراقية .. هوشيار زيباري انموذجاً
فراس الغضبان الحمداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فراس الغضبان الحمداني

إن تأمل المشهد العراقي بعد عام 2003 وما أحاط به من سوء فهم محلي وإقليمي وخارجي يكشف لنا بان العلاقات العراقية والمشروع السياسي العربي والعالمي كان مغلف بجبل من الجليد وهذا الجبل فشلت القنوات السياسية من إذابته رغم سخونة الموقف وعظمة التحديات التي مرت بها البلاد وكان لابد من القيادة العراقية الجديدة إن تمعن في اختيار من سيمثل الدبلوماسية الجديدة ليحسن صورة العراق لان الآخرين وخاصة دول الجوار كانوا يشعرون بمخاوف متعاظمة من العراق والعراقيين ناجمة من ذكريات الماضي المرير وترسبات تاريخية ومذهبية غير حقيقية وهناك من ينفخ في الرماد ويشعل النيران ما بين العراق وعمقه العربي والإسلامي
لقد أدركت أكثر الدول المتقدمة والتي لها استراتيجيات خارجية في كل دول العالم بان الجهد الدبلوماسي التقليدي قد لا يحقق الأهداف الكبرى والمصالح العليا للدولة ولابد من اختيار شخصيات ذات حنكة عالية في إدارة هذه المهمة حيث أطلقوا عليها الدبلوماسية العالية أو القوى الناعمة .. ونفذت مثل هذه السياسة الولايات المتحدة الأمريكية وحتى بعض البلدان الشيوعية المعروفة بقنواتها الرسمية الجامدة .
ولعل الحل كان يكمن في اختيار وزير يتصف بالمهنية الدبلوماسية العالية فوقع الاختيار على السيد هوشيار زيباري لتسنم هذا المنصب الحساس والحيوي وقد أدار هذا الرجل دفة الخارجية العراقية برغم التركة الكبيرة والثقيلة التي ورثها من النظام السابق واستطاع من خلال إستراتيجية مدروسة أسهمت بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول التي قطعت علاقاتها مع العراق واسهم بإزاحة التوترات وخلق أجواء مريحة بين المسؤولين العراقيين والعرب والأجانب من خلال خلق صورة ايجابية عن العراق الجديد الذي يريد العودة إلى المحافل العربية والعالمية ويعيد دوره الريادي في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والإنسانية ونجح السيد زيباري بإعادة حرية الحركة للمنظمات العراقية وفي مقدمتها الصحفيين والفنانين والمحامين وكل النخب الأخرى للقيام بجولات تفاعلية للفئات المماثلة لها في البلدان العربية والإسلامية والعالم الآخر لإجراء حوارات مباشرة تسهم في مد جسور التفاهم ما بين الشعب العراقي وتلك الشعوب لتستطيع إن تخلق بنية تحتية للتفاهم ساعدت على إعادة العلاقات وتحسينها مع العراق .
إن الدبلوماسية العراقية نجحت في خلق صورة جيدة للعراق والعراقيين عند تلك الشعوب من خلال سفرائها الذين استطاعوا إن يلعبوا دورا كبيرا في إزاحة نظام السفارات التقليدية التي ينحصر دورها في ادوار رسمية غير مؤثرة بل إن اغلب كوادرها سجناء في مبنى السفارة ولا يعرفون ما يجري حولهم بل أصبحت سفاراتنا اليوم هي الملاذ الآمن لكل العراقيين من خلال تذليل معاناتهم والوقوف على جميع احتياجاتهم .
إن نجاح هذه الإستراتيجية الدبلوماسية التي قادها هوشيار زيباري جاءت بفعل اعتماد سياقات حضارية مرنة لانطلاق هؤلاء السفراء الذين قاموا بجهود واجتهاد بالتحرك الحيوي والمثمر في المحيط العربي والعالمي وحققوا انجازات مهنية ووطنية مهمة كان صداها الأخير هو اعطاء الضوء الأخضر لانعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat