ما بينَ عانسٍ تبحثُ عن زوجٍ تسدُّ به جوعَ مجتمعٍ منحط، وسيطرة الجهلِ على عقولِ الكثير، أصبحتْ محاربةُ الأفكارِ الجاهلةِ شبهَ مستحيلةٍ بسببِ المواضيعِ التي تُطرحُ على نوافذِ السوشيال ميديا، تتصدرُ هذه المواضيعُ أولوياتِ المجتمع العراقي ما بين ناقدٍ ساخرٍ ومؤيدٍ داعم، في مجتمعٍ ضاعَ فيه العرفُ، وكَثُرَ فيه النصبُ، وعمّتِ السرقةُ، وتوارتْ فيه القيمُ خلفَ سُحُبِ التطورِ، وهبطتْ فيه الثقةُ إلى أنْ وصلتْ منحدرًا عميقًا من الانعدام، عندما يُطلبُ من أحدٍ أنْ ينطقَ حقًا، فيصمت!
في مجتمعٍ شاعت فيه التقاليدُ الظالمةُ والعاداتُ المقيتةُ التي تُطبّقُ فقط على الأنثى، إذ تُطلّقُ كُلُّ صرخاتِ المجتمعِ بوجهِها، تنتهكُ حقوقَها ويجبُ عليها أنْ تصمت؛ لأنّها إنْ تكلّمت ستُصبِحُ منبوذةً!
تُعامَلُ بأبشعِ أساليبِ القسوةِ، أما أقسى ما تمرُّ به أنْ تُحرمَ من التعليم، التعليمُ الذي كفلَ حقه الإسلامُ وضمنَه للجنسين، فيما نرى أنَّ البعضَ الآخرَ وضعَ حقوقًا للمرأةِ وسارَ وفقَ ما جاءَ عليه الإسلام، إلا أنَّ هذا من القلّةِ القليلة، لكن على وجهِ العموم ومن الجهلِ الذي يتعرضُ له المجتمعُ نرى البعضَ قيَّدَ المرأةَ بقيودِ الجاهليةِ المقيتة التي لا تمتُّ للإسلامِ بصلة.
الحقيقةُ هناكَ جهلٌ بالدين من قبلِ البعضِ، فأخذَ يتحكمُ بعقولهم ناكرينَ أصولِ الدين، متمسكينَ بعاداتٍ وتقاليدَ بالية.
اليومَ نرى بعضَ النساءِ قد حُرِمنَ من فرصةِ التعليم، أو أنّ بعض الأهالي يطبقون قانونًا مجحفًا بحقِّ بناتهم بأنَّ عليها أنْ تتعلمَ القراءةَ والكتابةَ فقط، فتُحرمُ بذلك من التعليم الثانوي والجامعي، ويرمى بمستقبلها في سلّةِ النسيان!
أما الزواجُ المُبكرُ وآثارُه على الفتاة وعائلتها مُستقبلًا فعواقبُه كثيرةٌ لا تُعدُّ ولا تُحصى، كذلك إنْ تُرِكتِ البنتُ بلا زواجٍ إلى سنٍّ مُتقدّمٍ فتُصبحَ في قائمةِ العوانسِ، هذا اللقبُ الظالمُ بحقِّ الأنثى، والذي أصبح يُهدِّدُ الكثير من النساء.
مجتمعٌ باتَ فيه كُلُّ شيءٍ يُغرِقُ الآخر، ويعملُ لصالحِ المجهول، أحلامُ الفتياتِ أصبحتْ خائفةً مستخفةً بنفسها، بل لا تتحقق، أو يُطبّقُ عليها قانونٌ من القوانين السائدة التي لا تمتُّ للدين بصلة، مما يؤدي بها إلى إعدامِ آمالِها، كما سادَتِ المجتمعَ في الآونةِ الأخيرة حالةٌ من التخبُّطِ والعشوائية، أناسٌ أتقنتْ فنَّ اللامبالاة، كذلك لا نستطيعُ أنْ نتجاهلَ الخطرَ الذي يُهدِّدُ الشبابَ، وسيطرةَ مواقعِ الإنترنت على عقولهم، حيثُ هدفُ أحدِهم الأعظم أنْ يحصلَ على أعلى نقاطٍ في لعبةٍ على جهازه المحمول!
مجتمعٌ يأكلُ بعضُه البعضَ، تُسرقُ فيه الملامحُ الطفوليةُ، ويُسحَقُ فيه الخيرُ في وَضَحِ النهار، وينتصرُ الشرُّ وتعلو كلمةُ الباطل. المجرمُ في بلدي لا يُحاسبُ بل يُتركُ حرًا طليقًا، على حين المجني عليه يعيشُ حياةَ الذُلِّ والهوانِ وعدمِ الاستقرار بعدما سُلِبَ حقُّه وضاعَ مستقبلُه...
لكن لا زالت ثقتُنا في البعضِ تنمو كما ينمو الوردُ في الربيعِ وتتفتحُ أوراقُه، هؤلاءِ البعضُ المُثقفُ الذين نُعوِّلُ عليهم أن يبذروا بذورًا صالحةً في هذا المجتمعِ عسى أنْ يُغيّروا الواقعَ المريرَ الذي وصلْنا إليه، بعقولهم وفكرهم المُتحرِّر، وسواعد إخوانِهم في جبهاتِ القتالِ سنصلُ حتمًا إلى برِّ الأمانِ حيثُ المجتمع الناجح والزاهر.
فعلينا مُحاربةُ لفظة (عانس)، فبالعلمِ تُقاسُ العقولُ وبه ترتقي، كذلك التركيزُ في مجالِ تعليمِ الفتيات، وبثّ روحِ النشاطِ لديهن بمستقبلٍ يعجُّ بالازدهارِ؛ لأنّ بناءَ امرأةٍ قويةٍ مُحصنةٍ بدراستِها، مُثقفةٍ، ناجحةٍ، سيقودُنا إلى بناءِ أسرةٍ ناجحةٍ تواجِهُ أكبرَ عواصف من المُمكن أنْ تعصفَ في المجتمعِ، وبالتالي سيؤثرُ ذلك على مُستقبلِ جيلٍ بأكمله. كذلك لا نغفلُ عن متابعةِ الشبابِ، والتقربِ إليهم في سبيلِ الوصولِ بشبابنا إلى المستقبلِ المنشود حيثُ قمّة التطورِ والتحضُّرِ والاستقرارِ والوصولِ إلى مصافِ الدولِ المُتقدّمة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat