صفحة الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي

الرياء يمحق الأعمال الصالحة.. رياء الخطباء
محمد جعفر الكيشوان الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كما يصيب بقية شرائح المجتمع وتظهر أعراضه على سلوكياتهم من اقوال وأفعال ليست خالصة لوجه الله تعالى، فإن الرياء لا يَستثني بعض الخطباء من ان يكونوا ضحاياه ويفعل فعلته بهم ويستوطن قلوبهم فيصيبها بالعمى (الذي تحدثنا عنه في موضوع النفاق) لأن المقدمات وعلى رأسها الخيلاء والغرور والتكبر بغير الحق والعُجب والأنى البغيضة تمهد لهذا المرض الخطير وتعد البيئة الحاضنة له فيما بعد وبمباركة الغوي الرجيم وإشرافه بالوسوسة والغواية. خطورة هذا المرض الفتّاك تكون مضاعفة إن أصابت من يحسبه الناس مرشدا وواعظا وناصحا امينا وطوقا مساعدا للنجاة من امراض القلوب واقتراف الذنوب وارتكاب الخطايا سهوا وغفلة أو عمدا وعنادا. لديّ الكثير من الملاحظات حول رياء بعض الخطباء وتكبرهم وكيف انهم يقعون في شراك الشيطان من حيث لا يشعرون أحيانا، ومن حيث يشعرون ويصرون دوما. قال لي أحدهم: لماذا تركز على الخطباء في كتاباتك وانت شبه مولودٍ في المجالس؟! قلت: كما تركز جنابك على مكبرات الصوت وعدسات الكاميرات. وسنأتي على ذلك بشيء من التفصيل هنا. تناط بالخطيب مهمة توعية الناس عقائديا وتثقيفهم دينيا وإرشادهم لما فيه خير الدنيا والآخرة. مهمة كهذه تحتاج الى خطيب على قدر كبير من المسؤولية وقد اعتنى بنفسه كثيرا واخلص النية لله وحده دونما أدنى رياء، خطيب ملّم بالعلم والأدب ويزينهما الورع والتقوى والتواضع. إذا كان رياء المصلي يفسد صلاته فإن رياء الخطيب ربما يفسد أمة من الناس لأنهم ينظرون إلى الخطيب على أنه قدوة حسنة ومثالا صادقا لما يطرحه في المجلس فعندما يكتشفون ان أفعاله لا تطابق أقواله وان جلّ همه أن يصبح خطيبا بارعا يأسر القلوب فيكون محبوب الجماهير بلا منازع حينها ينفرون منه وبالتالي ينفرون من المجالس لتستهويهم مجالس أخرى ومن طراز آخر.

مكبرات الصوت..

وكأننا في مسابقات أجمل الأصوات وأقواها، يقضي بعض المرائين من الخطباء جلّ وقته في كيفية إخراج الصوت، لا أعني الخطيب الذي يطلب أحيانا رفع الصوت أو خفضه فهذا طبيعي لكني أقصد الذين يهمهم كثيرا الصوت المرتفع الذي يزعج المستمع ويؤذيه ويؤثر على طبلة الأذن فيؤدي الى مشاكل سمعية وأنا أحد ضحايا تلك الأصوات الصاخبة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هل التكلم بما يشبه الصراخ يضفي المزيد من الوقار على المجلس ام العكس هو الصحيح؟! أتساءل هنا كما تساءلت في مناسبات سابقة: لماذ يتحدث بعض الخطباء بصوتٍ عالٍ منفر في الغالب ويسبب الصداع ووجع العين والشعور بالإرهاق والتعب. هل نحن في جلسة هرج أم في مجلس وقور وكما قيل المجالس مدارس. كنت مضطرا أن أقاطع أحد الخطباء يوما وأقول له: إمّا أن تستمر بالحديث دون صراخ فنستمر بالإستماع إليك وإمّا أن تبقى تلهو بمكبرات الصوت والمايكرفون وتختبر قوة صوتك  فنخرج من المجلس. عاتبت مسؤول الصوتيات يومها فقال لي: ياسيد ليس هناك مشكلة في مكبرات الصوت وانما المشكلة ان هذا المحترم يهتم كثيرا بالإخراج فأول ما يسألنا بعدما ينزل من على المنبر: كيف كان صوتي وأدائي. أنا شخصيا سألني أحدهم: كيف كانت المحاضرة؟ قلت له على الفور: (ماعجبتني بالمرّة). قال: لماذا يا سيد؟ قلت: لأنها كانت للرياء ولم تكن لله والدليل يكمن في سؤالك، كان حري بك أن تسأل الحق سبحانه هل يتقبلها منك ويؤجرك عليها وتنفعك كلمات الوعظ يوم يحشرون. واقعا الرجل أتعظ وندم وتأسف وقال: أخجلتني مع ربيّ ياسيد. شاهدت بعض العلماء رحمه الله وقد أحاطت به حشود الناس من أول نقطة من الحدود وصولا الى مدينة النجف الأشرف وهم يهتفون مرحبين به لعودته الى وطنه ومدينته، لم يهتم ذلك السيد الجليل لتلك الحشود الغفيرة التي تحيط به بل إلتفتت وأدار رأسه إلى جهة ضريح أمير المؤمنين عليه السلام وقال له: وأنت يا أمير المؤمنين هل ترّحب بيّ وتقول لي أهلا وسهلا!!! بكيت لكلامه وما يحويه من موعظة للغافلين من أمثالي. لم يهتم ذلك العالم لتلك الأعداد الغفيرة وإنما كان الذي يشغل باله: هل ان إمامه ومولاه يرحب به أيضا. عكس الخطيب المرائي فكل إهتمامه ان يكون قد أحسن التكلم وانه جريء ويدير المجلس على أتم وجه وكأننا في إحدى البرامج التلفزيونية فلا أحد يستطيع ان ينبس ببنت شفة في مجلسه لأنه سرعان ما يقذقه بكلمات نابية وهو على المنبر. قلت لأحدهم يوما: رحماك يا شيخ فلم ينقصك إلاّ أن تجلب معك الحجارة لترمي بها من يقوم قاصدا قضاء حاجته، أنت يا مولانا شيخ خطيب، واعظ، مصلح ومرشد ولست مدير شرطة. خطيب كهذا يتخذ من المنبر مملكة له يصول ويجول فيها حسبما يريد فتارة يهدد ويتوعد وأخرى يقذف الحاضرين الكرام زوار المولى ابي عبد الله ع بكلام ناب وعبارات قاسية. أعتاد بعض الخطباء على رمي الناس بالسيء من القول من قبيل: من منكم يخاف الله فعلا؟ من منكم يحضر المجلس وهو على وضوء؟ من منكم يداوم على صلاة الليل؟ لو لاحظت سيدي الكريم أن جلّ تلك الأسئلة تتعلق بالنيّة القلبية، فلا هذا الخطيب ولا غيره يعلم بما في قلوب الناس، لكنه الرياء والغرور والتكبر واحيانا كثيرة سوء الخلق. أين التواضع؟! اين الظن الحسن بالناس؟! أين أن أكرمكم عند الله أتقاكم؟! أين ما كان لله ينمو؟! أين وأغضض من صوتك؟!

 دأب العلماء المبلغون على زيارة المؤسسات والمراكز الإسلامية في كل أرجاء المعمورة، خصوصا في شهري محرم الحرام وشهر رمضان المبارك، يتعرضون للموعظة وتبيان الأحكام الشرعية لما استجد من مسائل كما انهم يخصون بعض الوقت للإجابة على أسئلة الحاضرين، الذي اريد ذكره هنا هو ان هؤلاء العلماء الاعلام يتحدثون بكل هدوء وسكينة ويتقبلون أحيانا حتى النقد اللاذع بكل أريحية. كما انهم لا يفضلون التحدث عن طريق مكبرات الصوت خشية ان يتسببوا في ازعاج المستمعين. في المقابل سمعت احد الخطباء يقول لمسؤول الصوتيات اشتروا اقوى جهاز مكبر صوت.

كاميرات الفيديو..

شكى لي أحد الخطباء بعدما انتهى المجلس وقال: إثنان مغبونان أنا وأنت. قلت: افصح! قال: أنت مغبون لأنك أقدم مني في هذه المؤسسة وتدرّس القرآن تجويدا وتلاوة ولا أحد سجلّ لك درسا واحدا قط، وأنا ـ والكلام للخطيب ـ لم يسجل أحد مجالسي يوما. قلت: ماضيرك يا شيخ، إن كانت لله فهي مسجلة عنده في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى، وان كانت للناس فقد رآك الناس وسمعوك، فلك ان تختار بين عمل خالص يتقبله الله تعالى وبين عمل تشوبه الشوائب وتلوثه بلوى الرياء.

طاقم الصلوات..

بعض الخطباء المرائين يصنع له منزلة وقدسية زائفة فيحضر بعض حاشيته ليقفوا في صدر المجلس وبمجرد ان يضع قدمه في عتبة المجلس تراهم يصيحون برفيع أصواتهم: صلوا على محمد وآل محمد حتى يلتفت الناس له وهو يتصنع مشي المتواضعين مطأطأ الرأس وشبه مغمض العينين ويقبل المنبر ويهمهم بكلمات لا يفهمها احد، ولا أدري ما معنى ذلك!! شخص مثل هذا الخطيب هل يُرتجى منه أن يصلح أمة ويؤدي دورا مهما في بناء شخصية إسلامية عقائدية ايمانية تسمو على الصغائر وتشمئز من رائحة الخطايا وتنفر من القبائح! هل مثل هذا الخطيب الذي يبتدأ مجلسه بالرياء يكون هو الواعظ المصلح؟! لا أتحدث هنا عن الجوانب الأدبية وضوابط الخطابة والإلقاء وآداب التحدث مع الناس ـ خاصة حاضري مجلس عزاء الحسين ع ـ لكني اتحدث عن الرياء والغرور فقط. على الخطيب ان يرى نفسه اقلّ الحاضرين وخادمهم لا ان يرى نفسه سيدهم وكبيرهم وأعلمهم لمجرد انه يجلس أعلى منهم.

الخطباء السلبيون..

هؤلاء لا يرضون عن أحد من الناس ولا تعجبهم كل شرائح المجتمع يظنون ان الخطيب هو من يقيّم الناس ويزّكي أعمالهم وأنه طلباته أوامر وتصريحاته قوانين يجب ان تنفذ. قلت لأحدهم: يا سيدي ان الله تعالى قد اثنى على المؤمنين في كتابه العزيز وذم المنافقين ولكنك لازلت تذم المؤمنين حتى فرغ المجلس من الناس فلا احسنت ولا أصبت. هدّأ من روعك يا سيدي وأدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وعامل الناس بخلق جميل بدل ان تتكلم معهم واللعاب يسيل من فمك وترتعش يداك ولا يستقر بك المجلس فتعبث برجليك وتهزها انفعالا وغضبا. هذا الخطيب المحترم عليه أن يكون إيجابيا أحيانا فيحترم الحاضرين ويوقرهم ويثني عليهم فربما فيهم من هو أعلم منه واتقى منه واكثر ادبا منه لكنه اشد تواضعا منه بكل تأكيد. مهمة الخطيب كما قدمنا حساسة ودقيقة جدا وربما إعتبرته يوما الناطق الرسمي باسم الطائفة والسفير الفخري لها، وعليه ان يمثلها احسن تمثيل، اتفهم ان البعض اتخذها مهنة يتكسب منها لكن عليه ان يحارب عاداته السيئة ويتعافى من أمراضه الخطيرة وأن يجُبَّ عن نفسه الغيبة ويبتعد عن مواطن الشبهات وان يحافظ على وقاره وان لا يجعل من نفسه حكَما بين الناس وفقيها يفتي على هواه وما يخطر بباله. والغريب هنا ما شاهدته من بعضهم انه حينما ينتهي المجلس يحضر بين يديه القرآن المجيد ويكون مستعدا للإستخارة بالقرآن لمن يطلب منه، ذلك الخطيب هو في الواقع لا يجيد حفظ  بعض آيات االقرآن ولا يحسن تلاوتها فكيف يا ترى سيفهم معناها ومن ثم يفسرها، وكيف سيعرف ان الإستخارة جيدة او غير جيدة أو يجب التأني والتريث أو الترك أولى، اضطرني هذا الخطيب ان اصحح له قراءة بعض الآيات وهو على المنبر لأنها مسجلة وربما عرضتنا لمواقف محرجة نحن في غنى عنها واقعا.على الخطيب ان يكون مثالا عمليا يحتذى به لا ان يكون من الذين يقولون ما لا يفعلون وهذه الفئة هي التي تكون أشد عرضة للإصابة بمرض الرياء وما ينتج عنه من قول وفعل. الخطباء السلبيون هم في الواقع ينتهجون أسلوب التقريع والتوبيخ ليفرضوا سيطرتهم على المجلس وكأننا في جلسة تحضير الأرواح ولسنا في مجلس حسيني وفي عقيدتنا ان الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء ع تكون حاضرة في مجالس أبي عبد الله ع في شرق الدنيا وغربها. على الخطباء السلبيين أن يتذكروا بأن اول إيجابية للحاضرين هو حضورهم المجلس في حين بإمكانهم ان يحضروا مجالس اللهو واللعب فالمغريا ت تحيط بهم من كل صوب وناحية وخاصة الشباب منهم. نريد خطيبا يعتني بشبابنا ويشجعهم على الحضور وحسن الإستماع شريطة أن يكون الذي يستمعون إليه يخرج من القلب ليدخل الى القلب.

محاضرات حسب الطلب..

يتحكم بعض أصحاب المجالس بالخطيب فيوجهونه حسب طلباتهم وما عليه إلاّ أن يستجيب لهم. تارة يطلبون منه محاضرة تخص التبرعات وفي الأثناء يبدأ صاحب الكيس بالتجوال بين حشود الناس ليسبب الحرج  لمن قُدر عليه رزقه فيأخذ منه المال كالغصب. وتارة يطلبون منه محاضرة خاصة جدا للنساء يطلب منهن أن يتساهلن قليلا بالمهور فقد ارتفعت الأسعار ونحن في ركود أقتصادي. بإختصار يصبح بعض الخطباء كلوحة إعلانات على المنبر: سيارة مركونة في الطريق تحمل رقم كذا وكذا زرقاء موديل كذا فعلى صاحبها الإسراع في تحريكها، الأخوة في المطبخ يقولون ان العشاء سيتأخر قليلا فلا بأس بإطالة المجلس بعض الوقت، الخطيب سيتأخر فلا بأس بقراءة أي دعاء أو زيارة مختصرة، وغيرها الكثير،. هذه  ليست طرائف من نسج الخيال وانما هذه حوادث من الواقع المؤلم. امّا الطلب عن طريق القصاصات فحدّث ولا حرج. من الطريف أني كنت حاضرا لمجلس أحد أصدقائي الخطباء وبينما هو قد أشرف على نهاية المجلس فجاءه أحدهم بقصاصة ووضعها في يده، قرأها الشيخ  وابتسم وكاد ان يضحك بصوت عال وقال: سامحكم الله يا جماعة انا الآن في نهاية المجلس وتطلبون مني ان أتكلم عن الإمام الصادق عليه السلام فكان الأولى أن تخبروني قبل يوم أقلها لأحضر بعض الشيء ولكن لابأس (محلوله ان شاء الله) ثم ما لبث ان قال: هذا الكلام الذي قلناه من بداية المجلس الى نهايته هو ما يدعو اليه الإمام الصادق عليه السلام ويأمرنا بالعمل به ونزل من على المنبر.

ملاحظة..

كتبت يوما مداخلة لمؤتمر المبلغين والخطباء وقلت ما معناه هناك: أننا لسنا بحاجة إلى خطيب حمّال روايات وأخبار ينقلها إلينا ولا يطبق واحدة منها. لسنا بحاجة إلى خطيب قد أمتلأ قلبه بالرياء والسمعة، فهناك من يريد ان يبين للناس انه اعلم منهم وربما أعلى منهم لأنه يجلس على المنبر والناس يجلسون دونه. لا نريد خطيبا مهمته الوحيدة هو ان ياسر قلوب المستمعين وينال إعجابهم. بلا شك ان هذه وغيرها هي من العوامل المنفرة للشباب ولعموم الحاضرين بدل ان تكون عوامل جذبهم وبالتالي هدايتهم إلى الطريق القويم والصراط المستقيم او ليزدادوا هدا ونورا على نور. كان أحد العلماء تغمده الله برحمته الواسعة سأكون مضطرا لذكر إسمه لأن المقام يستوجب ذلك، كان السيد العلامة الجليل والعالم الرباني الكبير السيد احمد المستنبط أخو السيد نصر الله المستنبط، كان مدرسة مثالية رائعة للشباب، يحيطون به أنّى ذهب تجذبهم شخصية السيد وحركاته وسكناته واحاديثه ومواعظه والإبتسامة لا تفارقه. من شدة تواضع هذا العالم الرباني والسيد الجليل كان يسكن بيتا متواضعا بالقرب من بيتنا المتواضع على بعد مئة متر من حرم أمير المؤمنين عليه السلام وكان كالوردة التي تجذب كل من شم رائحتها الزكية وعطرها الفوّاح. مجرد ان يقع نظره عليك يبتدأك بالتحية والسلام واضعا يده اليمنى على صدره وينحني لك مبتسما، أمثال هؤلاء يرفعهم الله مكانا عليا كلما تواضعوا للناس، عكس الخطيب المغرور حينما يقع نظره عليك في المجلس فسرعان ما يدير برأسه الى الجهة الأخرى ساعيا ان يراك الناس وانت تسلم عليه لأنك المولى وهو السيد وانت الجاهل وهو الخطيب المتفوه. عشت سنوات متألما من هذه الشريحة من الخطباء وهم يزدادون غرورا وتكبرا ـ على الفاضي ـ.

لست روزخونا..

توضيح للإخوة العرب من غير العراقيين لعبارة (روزه خون) ومعناها بالفارسية: قاريء مقتل الإمام الحسين ع وعند العراقيين تقال للخطيب الحسيني. كان يؤلمني كثيرا ذلك الشيخ الخطيب ـ غفر الله  وسامحه ـ كلّما حضرت مجلسا له أراه يكرر مقولته: أنا لستُ روزخونا وانما ألقي عليكم  محاضرة علمائية وانا عالم قبا ان أكون خطيبا!!! كلام مؤلم ان ينفي عن نفسه هذا الشيخ صفة من ينعى الحسين عليه السلام وينسب إليه العلم والادب، ولم يعلم بأن المرء إن شعر انه عالم فذلك دليل على جهله. وبالمناسبة تحضرني هذه القصة الآن: يحكى أن إبليس عليه لعائن الله دخل مجلس أحد الفقهاء وحوله كوكبة من العلماء الأعلام وهو يشرح لهم درسه في ذلك اليوم، فتقدم إبليس اللعين ووقف أمام الفقيه وسأله سؤالا معينا ليحرجه  امام تلامذته العلماء. فقال الفقيه على الفور وبكل بساطة: لا أعلم. فأراد إبليس ان يستغل عبارة الفقيه ويفسد عليه الدرس فقال للفقيه: ولكنك تجلس مكان من يعلم وليس مكان من لا يعلم! فقال له الفقيه: ويحك هذا مكان مَن لا يعلم وأما الذي يعلم فليس له مكان. وهذا الشيخ الخطيب المغرور يقول لنا أنا عالم ومجلسي هذا ليس روزه وانما محاضرة علمائية!!! سامحك الله يا شيخ وغفر لنا ولك.

الخلاصة..

للخطيب دور فعّال في بناء شخصية الإنسان ونشر الوعي والمعرفة في المجتمع، فهو كالمعلم في المدرسة والأستاذ في الجامعة والطبيب في المشافي يقصد مجلسه مَن يبحثون عن الحكمة والموعظة والنصح والإرشاد فلم يكرههم على الحضور أحد ولم يجبرهم على الجلوس لأكثر من ساعة أحيانا بشكل غيرمريح نتيجة إكتظاظ المجلس بالحاضرين، هؤلاء المحترمون أتوا الى المجلس وقد ضحوا بأوقات الراحة وبعضم من الكسبة الذين اغلقوا محالهم على أمل ان يستفادوا من جنابك المحترم أيها الخطيب المبارك فلا تهدر وقتك ووقتهم بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع. إن رأيت أعدادا كبيرة وحشودا من الناس يستمعون إليك فلا يأخذك الغرور والتكبر لأنهما من مقدمات الرياء الذي قد يجمله لك الشيطان ويزينه فلا تشعر به. أيها الخطيب الرائع كما أنك تحب ان يسمعك الناس فلا بد لك ان تستمع للناس وتصغي إليهم، فالكل متكلم في مقام ومستمع في مقام آخر. الكل فاضل ومفضول عليه فلا فاضل على الإطلاق ولا مفضول عليه على الإطلاق. وكما تراني يا جميلُ أراكا.

 أحد أصدقائي الخطباء حينما ينزل من على المنبر يطأطا رأسه ولا يكاد ينظر بوجه أحد من الحاضرين، سألته عن سبب ذلك فقال: يا سيد أخجل واقعا ان أنظر إلى الناس وهم يجلسون على الأرض وانا كنت جالسا على المنبر، أخشى على نفسي من الغرور فالنفس أمّارة بالسوء، كم هو رائع ذلك الخطيب الذي أن ضرب مثلا سيئا ضربه على نفسه وان ضرب مثلا حسنا ضربه على الحاضرين. أيها الخطيب الرائع عليك تقع مسؤولية النهوض بالمجتمع والتصدي للخرافات والأباطيل وكل ما يبعد الناس عن منهج الله القويم وصراطه المستقيم، وعليك تقع مسؤولية التصدي للباطل وأدواته ومن الباطل هو الرياء وأدواته الغرور والخيلاء والتكبر بغير الحق.

عافانا الله وإياكم من الرياء والسمعة والغرور والتكبر.

 

نسأل الله العافية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جعفر الكيشوان الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/18



كتابة تعليق لموضوع : الرياء يمحق الأعمال الصالحة.. رياء الخطباء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2020/08/21 .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعظم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بالحسين عليه السلام.
شكرا لكم مرة اخرى على مزاحمتنا لكم بتصحيح الخطأ الذي اشرت اليه.
شكر الله سعيكم وجعل لكم نوراً تمشون به في الناس وضاعف لكم النور وأصلح بالكم وجزاكم خير جزاء المحسنين
خادمكم
محمد جعفر

• (2) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2020/08/18 .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تصحيح خطأ وقع سهوا: الخطباء السلبيون / هؤلاء لا يرضون على أحد
الصحيح: هؤلاء لا يرضون عن أحد.
أرجو المعذرة من السادة القرّاء الكرام
الشكر الجزيل للإدارة المتألقة بنصرة الحق وأهله. داعيا المولى الكبير المتعال ان يزيد في توفيقات القائمين بأمر هذا الموقع المبارك وان يدفع عن الجميع مايهمهم وما لا يهتمون به من أمر الدنيا والآخرة وان يوفقنا لخدمة المؤمنبن والطيبين أمثالكم
دمتم بخيرٍ وعافية




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net