الاستاذ الجامعي سندان واحد ومطارق عدة.
د . محمد صلاح الخفاجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد صلاح الخفاجي

لعل المتتبع لحال الاستاذ الجامعي اليوم يدرك مدى صعوبة هذه المهنة وتعدد واجباتها التي تقع على عاتق التدريسي ويذكر للطرفة بان مهنة التعليم بصورة عامة هي المهنة الوحيدة في العراق التي يكون فيها الموظف واقفا والمراجعين جالسين.
ان مع شيوع وانتشار وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي زادت مهنة التدريسي صعوبة وتعقيد حيث اصبح في دوامه مفتوحة لايحدها وقت بالاضافة الى انه سابقا يقوم في بيته بعد ساعات الدوام الرسمي باعداد المحاضرات وتهيئة وقراءة مشاريع تخرج الطلبة وتصحيحه للامتحانات اليومية واعداده للاسئلة الامتحانية والاجوبة النموذجية وقراءة الاطاريح واعداد البحوث وتقييمها وغير لذلك بحيث اصبحت المطارق تحيط به من كل جانب مما جعلت مهنته صعبة ومتعبة.
ان اول مطرقة هي مطرقة الادارة التي اصبحت تثقل كاهله بامور ادارية من لجان خارج تخصصه وملء استمارات واستبيانات واعداد واقامة دورات وسمنرات وعمل حسابات بمواقع مثل research gate و google scholar و غيرها وتكليفه بامور ادارية ينجزها خارج اوقات الدوام الرسمي حيث يجد نفسه مكبلا بعدة مجموعات في الفايبر والواتساب وغيرها مع تبليغات بكل الاوقات حتى بعد منتصف الليل وكلها تحتاج الى اجابة سريعة خلال ٢٤ ساعة. وما زاد الطين بله ان الادارة اصبحت تقيم على أساس هذا العمل متناسية وضاربة بعرض الحائط الالتزامات البيتية والاجتماعية للاستاذ الجامعي،
ان الادارة المباشرة والادارة العليا وصولا للوزارة تطالب من الاستاذ الجامعي العمل على نشر البحوث بمستوعبات عالمية لغرض رفع تصنيف جامعته وبالتالي مؤسسة التعليم العالي اجمع في العراق، الغريب ان هذا الطلب اصبح ملزم للاستاذ الجامعي واصبح من شروط الترقيات العلمية وحتى ضمن شروط المفاضلة للتعيين وللاسف فان الاستاذ الجامعي يدفع اجور النشر والمشاركة في المؤتمرات الدولية واجور السفر من حسابه الخاص، وترى حتى كتب الايفادات تذيل بعبارة شهيرة يعرفها الاساتذة الجامعيين وهي لاتتحمل الجامعة اية اجور.
اصبح من المعيب ايضا هو ان يدفع التدريسي اجور نشره لبحث علمي في مجلة جامعته او مطالبته باجور اشتراك للدورات على خلاف باقي جامعات دول العالم التي تشجع على النشر وتوفر الدوريات والمجلات المجانية لتدريسييها وتضع برامج تدريبية لتطوير قدارتهم.
الجانب الاخر المهم والمطرقة الثقيلة والكبيرة التي يتحمل الاستاذ الجامعي طرقها فوق راسه هو التعامل مع الطلبة وهو موضوع متشعب،فان التدريسي يواجه اجيال مختلفة ويمر عليه خلال سنوات خدمته سلوكيات مختلفة وطلبة من بيئات متعددة يحتاج منه لقلب كبير وعقل راجح لذلك نجد حينا تدريسييا عمره صغير يصطدم مع الطلبة بسبب تقارب الاعمار وحينا آخر نجد جيل الآباء من التدريسيين يقعون بنفس الشيء بسبب عدم التوافق العمري، وتحدث مشاكل عدة لكون الجيل الجديد متمرد بطبعه وغير مبالي لمستقبلة لاسباب عدة اهمها غياب التوظيف والتعيين المركزي وعدم دعم سوق العمل، كل هذا يعقد مهنة التدريس اكثر واكثر، مع غياب قانون يحمي الاستاذ الجامعي ويحفظ هيبته ونسمع الكثير من الاخبار عن تعرض تدريسيين لحوادث اعتداء واهانة وتهديدات من قبل بعض الطلبة وذويهم، نلاحظ شبه غياب او عدم وجود مساندة لموقف التدريسي بهذا الاتجاه من قبل القيادات الجامعية،حتى قانون وتعليمات انضباط الطلبة لاينفذ بشكل فعال بسبب الوضع الامني للبلد وبسبب المحاباة والوساطات وغيرها،لذلك نجد التدريسي حذر في التعامل ويحاول مسك العصا من الوسط.
نحن لاننفي وجود الكثير من العلاقات الطيبة والابوية بين الطلبة واساتذتهم تستمر لسنوات بعد التخرج، لكن تبقى الحاجة الملحة لسن التعليمات والقوانين لتحديد الحقوق ومعرفة الواجبات لكل طرف في العملية التعليمية.
واخيرا يمكننا ان نعرج على جانب مهم يسبب احراج للتدريسيي هو ضعف التخصيصات المخصصة للتعليم العالي في العراق وقلة المختبرات حيث ان التعليم العالي الحكومي يعمل بمبدأ المثل الشعبي (باكة لتحلين خبزة لتكسرين اكلي لمن تشبعين).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat