عندما نخرج من قرية البشير نجتاز تلالا من الذكريات مضاءة بالنور ، أسماء كثيرة من مقاتلين وشهداء بذروا الأرواح في هذه القرية الماجدة ، التي أصبحت تحمل آثر بطوليا بحجم الكون أو اكبر ، تنامى البذار ليصير تاريخا من الشجاعة والبطولة والتضحية ، أقرأ في ذاكرة الميادين ما يشعرني بالخجل كاعلامي يجوب الجبهات بحثا عن مناجم الخلود وقناديل الذاكرة العراقية اين انا منهم ، ربما يتصورها البعض مزحة مني ان اسعى لاجراء لقاء مع شهيد ، او ربما يسمونه جنونا ، قلت :ـ ليس من حق احد ان يعزل الشهادة في خانة الموتى ، وللشهيد عوالم واسعة تحتاج الى من يدرك سعتها ، المهم اني قررت ان التقي بشهيد ،راح البعض يترقب بفضول عن ماذا سيتمخض هذا اللقاء ، منذ صباي أدرك حقيقة قد غفل عنها الكثير ، ان للشهادة رائحة غير رائحة الموت ، لها رائحة المسك ، كانت جدتي رقية رحمها الله تؤكد على ان للشهادة رائحة عطرة وتقول لقد تركوا جسد الحسين عليه السلام ، ثلاثة أيام في حر الصيف وكانت الشمس حارقة، ولم يصل لها عبث مفترس اطلاقا ، وشهداء قرية البشير سبعة اشهر ناموا في العراء دون دفن ولم يتقرب لهم جشع حيوان ، ومن ثم عرفت من خلال تجاربي كاعلامي اجوب البحث عن عنفوان الشهادة ،ان للمكان لسان وله جاذبية تعلن عن محتواه ، اتنصت لقلب الأرض ، اسمع نبضاتها ،وارى العجب الشهداء كلهم حلوين تتشابه ملامحهم يجمعهم وجه رحماني واحد ،علل حكيم ظاهرة التشابه والجمال بان اللبنة الأولى للإنسان هي التراب ، والشهيد عندما يمتزج دما وروحا مع هذا التراب يعود لجذوته الأولى ، لذات الجمال الإلهي ، واجهتني ارض البشير بهوية الشهيد ( عباس فاضل جوما )ولد في 1971 م في كركوك لاحظت مسألة مهمة في جولتي الجديدة ان الشهداء لا يحبون اهل الصحافة والاعلام يموتون منهم ، لكن هذا الترحاب القوي ما كان الا كوني من اعلام العتبة العباسية المقدسة ، أشياء جديدة اضافت لحياتي الكثير ، عرفت ان الشهادة لها مكوناتها ، واغلب هؤلاء الشهداء هم من ابطال الانتفاضة الشعبانية المجيدة ، وهذا الشهيد له الفخر ان اول شرارة للانتفاضة الشعبانية قدحت من بيته في حي الجمهورية في طوزخورماتو ، الشهداء لا يغطون الثقوب بالكلام والبطولات الكاذبة ، بل بالعمل والتضحية والروح المقاومة بعدما عبث التكفريون ، في قرية البشير التركمانية يوم 29 حزيران عام 2014م ارتكبوا ابشع الجرائم على هذه الأرض ، قاموا بتعليق من القوا القبض عليه حيا باعمدة الكهرباء وقتلوا النساء والأطفال من دون رحمة ، الموقف هو هندام الشهداء هويتهم الحقيقة عنفوان مجدهم فلا تمر على موقف دون ان نتأمل ما فيه من روح ،
تقدم مع تسعة عشر شابا من أصدقائه ، تطوعوا لأيقاد شعلة المقاومة ،كانوا يعرفون العدو ، يدركون حجم قامته ويعرفون أيضا نقاط ضعف الدواعش ،( الخائن خواف) حقيقة الايمان بهذا القول جعل من أولئك التسعة عشر مقاتلا بقوة فيلق ، لهذا كانت القوة النارية المواجهة كبيرة جدا ، عدد هائل من الارهابين وعتاد فتاك قادم من وراء الحدود ، ذهلوا عندما اكتشفوا ان عدد المقاومين تسعة عشر مقاتلا فقط ، وقبل ان ينتهي اللقاء حملني الشهداء امانة عبارة عن قبلات على جبين كربلاء وقال هو خذ قبلتي على ضريح الحسين ولكي لاتنساني انا ادعى جوما
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat