فوائد البكاء عند الاطفال بين نظرية الامام الصادق والعلم الحديث…
عبدالاله الشبيبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبدالاله الشبيبي

يراود الكثير من الأمهات بالخصوص حديثات الأمومة القلق والحيرة بشأن بكاء أطفالهن في الشهور الأولى، ولا يستطيعون معرفة سبب هذا البكاء المستمر، ولا يستطيعون التفرقة بين أشكاله. يلجأ طفلك الرضيع للبكاء للتواصل معكِ فهذه هي طريقته الوحيدة التي يستطيع بها تنبيهك، لكن كيف تعرف الأم سبب البكاء؟! إذا أردتِ تفسير بكاء طفلك، يمكنكِ الاستماع بعناية لنبرات صوته من خلال البكاء.
فقد أكدت الدراسات الخاصة بمجال رعاية وصحة الطفل أن بكاء الأطفال أنواع، وكل طريقة منهم تتميز عن الأخرى، لذلك بقليل من الاجتهاد تستطيع الأم ترجمة البكاء وبالتالي معرفة سببه وتستطيع الاستجابة لما يطلبه الطفل أو يريده.
اذ يُسبّب بكاء الطفل قلقاً وتوتّراً لدى الوالدين، خاصّةً عندما يكون رضيعاً، إذ تجهل الأُم السبب وراء بكائه، ليُعبّر عمّا يحتاجه، فالشعور بالجوع أو الحرّ أو البرد أو الحاجة لتغيير الحفاض كلّها من أسباب البكاء، ولكن قد يستمرّ البكاء لفترةٍ طويلة توحي بأنّ هناك مُشكلة صحيّة تُزعج هذا الطفل كشعوره بالمغص وهو أمرٌ شائع لدى الاطفال الرُضع.
ومن الممكن أن يكون هذا البكاء دلالة على آلامهم، فهم لا يمتلكون لساناً غير لسان البكاء للإفصاح عن الألم، أو بسبب الانزعاج إزاء ظروف الحياة الجديدة، لكن من الممكن أن يبكي الأطفال بدون هذه الظروف أيضاً، وهذا البكاء رمز حياتهم وبقائها.
وقد قال الامام الصادق عليه السلام اعرف يا مفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة واعلم ان في ادمغة الاطفال رطوبة ان بقيت فيها احدثت، عليهم احداثاً جليلة وعللاً عظيمة من ذهاب البصر وغيره.
فالبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم فيعقبهم ذلك الصحة في ابدانهم والسلامة في ابصارهم، افليس قد جاز ان يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك فهما دائبان ليسكتاه ويتوخيان في الامور مرضاته لئلا يبكي وهما لا يعلمان ان البكاء اصلح له واجمل عاقبة فهكذا يجوز ان يكون في كثير من الاشياء منافع لا يعرفها القائلون بالإهمال ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشيء انه لا منفعة فيه من اجل انهم لا يعرفونه.
اذ تُشير الدّراسات الحديثة إلى أنّ للبكاء فوائد صحيّة وأُخرى نفسيّة، فمن الناحية الصحيّة فإنّ الدموع التي تترافق مع البكاء تكون مالحةً ممّا يعني أنّ الجسم يتخلّص من السموم التي داخله عن طريق ذرف الدموع، أمّا من الناحية النفسية فإنّ البكاء يُقرّب الطفل من أُمّه؛ إذ تحمل معظم الأُمهات أطفالهنّ لتهدئتهم وهذا ما يجعلهم يتوقّفون عن البكاء في معظم الحالات لأنّهم يشعرون بالأمان في حضن والدتهم.
ويقول العلم الحديث عن فوائد البكاء عند الاطفال امور كثيرة نذكر منها.
1_ان في الدماغ أخلاط ومواد ضارة في نمو الطفل وصحته، فالبكاء يعالج ويكافح هذه المواد.
2_ان البكاء يساعد على تقوية عضلات الحنجرة الصوتية للطفل ويساعده على الكلام السوي في المستقبل.
3_ان البكاء يطرد البكتريا والبلغم الموجود في صدر الطفل.
4_ان البكاء لغة ضرورية للطفل ليعبر عن مشاعره ورغباته وحاجياته.
5_ان البكاء قوة يستخدمها الطفل احياناً للضغط على امه لتعطيه الحلوى مثلاً.
6_لابد من التفريق بين بكاء الطفل المكذوب ولمعرفة ذلك فان عينيه لا تدمع ويعرفه من لديه ادنى فراسه.
ومن هنا إذا لم يبكِ الوليد فيُحتمل أن يتعرض لأضرار جمّة أو تتعرض حياته كلها إلى الخطر.
وفضلاً عن هذا فإن هنالك رطوبة عالية في مخ الأطفال إذا بقيت هناك يمكن أن تؤدي إلى أمراض وأوجاع شديدة، أو تسبب العمى. والبكاء يعمل على خروج الرطوبة الزائدة من أعينهم على شكل دموع، فيضمن ذلك صحتهم.
ويقول الدكتور يوسف عبدالفتاح طبيب نفسي: بكاء الأطفال أحد مظاهر الطفولة النمائية فقد ارتبط البكاء بالطفولة، حيث شاع القول لمن يبكي من الكبار انه يبكي مثل الأطفال.
ويضيف وقد وجد حديثاً أن هناك علاقة وثيقة بين الوظائف الفسيولوجية والسيكولوجية للانفعالات عموماً، ووسائل التعبير عنها، سواء بالبكاء أو غيره من الأساليب، فقد تبين مثلاً أن البكاء ينشط الغدد الدمعية ويغسل مقلة العين ويطهرها ويقلل من الضغط الذي نتعرض له، كما تبين أنه يؤثر على الأجهزة الفسيولوجية الأخرى مثل الشرايين والأعصاب التي تصبح متوترة في حالة الانفعال، كما تزداد ضربات القلب ومعدل النبض والتعرق ويزيد إفراز الأدرينالين من الكليتين، وهي من المؤشرات الفسيولوجية للقلق والاضطراب الانفعالي لدى الطفل الذي لا تلبث أن تخف حدتها بعد نوبة البكاء وتفريغ الطاقة والشحنة الانفعالية التي لدى الطفل، لذلك يجب ألا ينزعج الآباء والأمهات من بكاء أطفالهم باعتباره أحد وسائل التنفيس.
ويقول الأديب الإنجليزى (تشارلز ديكنز): إن البكاء يُوسع الرئة ويغسل الملامح ويُدرب العيون وغالباً ما يُهدئ المزاج فابك كما تريد لأنك ــ أولاً وقبل كل شيء ــ إنسان له أحاسيس ومشاعر فعبر عن نفسك وانفعالاتك وأطلق العنان لدموعك لتغسل همومك وأحزانك، ولكي تعيد الراحة إلى نفسك والبسمة إلى حياتك.
وأشار آرثر فرونك العالم الأمريكي إلى أن حبس الدموع يعني التسمم البطيء, فالدموع تخرج المواد السامة من الجسم وبما إن المرأة لديها استعداد فطري للبكاء أكثر من الرجل فإنها تعيش عمراً أطول منه لأنها تتخلص من نسبة السموم التي تخرج عن طريق البكاء.
ويعتبر بكاء الطفل عند الولادة مؤشر لصحة حاسة السمع لديه لأن الجنين في رحم أمه يكون محاطاً بسائل يحد بشكل كبير من وصول الأصوات الخارجية إليه, وعندما يولد يصطدم بهذه الأصوات الصاخبة، مما يحدث له الماً شديداً في أذنيه فيبكي من شدة هذا الألم وجهه لمصدر هذه الضوضاء ويصبح ذلك مؤشراً لسلامة حاسة السمع لديه.
وهناك عدة اضطرابات مرضية، تتأثر فيها عملية إفراز الدموع كما تتأثر فيها عملية البكاء.
والعصب الدماغي الخامس يعمل على استقبال الإحساس بردة الفعل التي تُبديها أجزاء العين لدى تعرضها لما يُهيج إفراز الدمع فيها. وحينما يتم قطع هذا العصب، يتوقف إفراز الدمع من نوع دمع ردة الفعل حال تعريض العين لغازات مهيجة مثلاً. لكن تبقى آنذاك لدى العين القدرة على إفراز الدمع حال البكاء.
وعند تضرر العصب الدماغي السابع، أو العصب الوجهي، كما في حالات "شلل بيلسي"، يُصاب بعض المرضى بنوبات من إفراز الدموع خلال عملية الأكل.
والطفل الرضيع لم تتطور بعد لديه أجزاء الجهاز العصبي، لذا فإن بكاءه قد لا يكون مصحوباً بالدموع.
من خلال دراسات عديدة قام بها أطباء الأطفال وعلماء النفس اتضح أن في أدمغة ومخ الأطفال رطوبة لو بقيت فيها لأحدثت أحداثاً عظيمة تؤذيهم، فالبكاء يعمل على إذابة تلك الرطوبة ويُخرجها من أدمغتهم فتقوى ادمغتهم وتصح.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat