صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٢٠)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   لقد ضحَّى الحُسين السِّبط (ع) بالغالي والنَّفيس ليواجه الأَموييِّن الذين أَقامُوا سلطتهُم بالدَّم والإِرهاب والتَّضليل الدِّيني وعلى جماجم الضَّحايا!.
   وخرجَ على سُلطتهِم حتَّى لا تتحوَّل طريقتهُم إِلى دينٍ تتعبَّدُ بهِ الحكُومات وتضلِّل به النَّاس!.
   فالتَّضحيةُ هي لتحقيقِ السَّلامِ والأَمنِ المجتمعي، عندما تَكُونُ لإِزاحةِ النِّظامِ السِّياسي المُستبدِّ! الذي ينشرُ الخَوفَ والهلعَ في المُجتمعِ!.
   وتالياً، فالجهادُ الحقيقي هو لحمايةِ الأَمنِ والسَّلامِ والسِّلمِ المُجتمعي!.
   وليسَ في الأَمرِ غرابةٍ، لأَنَّ السَّلام الذي يتحقَّق بالأَمنِ هو الغايةُ القُصوى للحُكمِ إِن كانَ رشيداً ولذلكَ شرعنَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) الشَّهادة إِذا ما ماتَ امرِءاً كمَداً بسببِ ظُلمٍ لحِقَ بامرأَةٍ مُعاهِدةٍ في ظلِّ سُلطةِ الحقِّ.
   يَقُولُ (ع) {وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، وَالاُْخْرَى المُعَاهَدَةِ، فيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَقُلْبَهَا وَقَلاَئِدَهَا، وَرِعَاثَهَا، ما تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلاَّ بِالاسْتِرْجَاعِ وَالاِسْتِرْحَامِ}.
   إِنَّ الأَمان هو أَحدُ أَبرز دوافع عبادةِ الله تعالى التي شرعنها القُرآن الكريمِ بقولهِ {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} وقولهُ {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي}.
   فالتَّضحيةُ من أَجلِ تحقيقِ السَّلامِ، إِذن، أَمرٌ واجبٌ، خاصَّةً السَّلام المُجتمعي والسِّلم الأَهلي ولذلكَ شدَّد القُرآن الكريم العقوبة على مَن يتعرَّض للسِّلم الأَهلي ويتجاوز على القانُون لإِثارةِ الفتنةِ والفوضى والفساد! فما بالُكَ إِذا كانت السُّلطة الغاشِمةِ هي مَن تفعلُ ذلك؟! كما هو الحال باعتلاءِ الطَّاغيةِ الأَرعن يزيد السُّلطة؟!.
   يَقُولُ تعالى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
   للأَسف الشَّديد فإِنَّ هذا السَّلام تفتقدهُ الْيَوْم البشريَّة! فلا المُواطن يسلَم على نفسهِ من بطشِ الحُكَّام! ولا المرأةُ تسلم على نفسِها من تحرُّش الرِّجال وعُنفهُم! ولا الطِّفلُ يسلَم على روحهِ من صواريخِ وطائراتِ العُدوان! ولا عقولنا تسلَم من التَّضليلِ والغشِّ والخِداع!.
   لا أَحدَ يسلَم من خداعِ وتضليلِ الماكينةِ الإِعلاميَّة والجيُوش الإِليكترونيَّة التي يُسيطر عليها ويغذِّيها تُجَّار السِّلاح والدَّم والحرب والإِرهاب!. 
   كلُّ شَيْءٍ في هذا العالَم يعيشُ الخَوف والهلع، والكلُّ يتلفَّت يَمنةً ويَسرةً خوفاً على نفسهِ من ضربةٍ ليست في الحُسبان!.
   حتَّى بيوتُ الله تعالى وأَماكن العِبادةِ [المساجِد والحُسينيَّات والكنائِس والأَديِرَةِ] لم تسلم من الإِرهاب والعُدوان فالمُؤمنُ يدخلَها خائِفاً وليسَ كما ينبغي {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ}.
   والسَّببُ في ذَلِكَ هو الانسانُ الذي ظلمَ نفسهُ وظلمَ أَخيهِ الإِنسان! والآيةُ صريحةٌ في تشخيصِ السَّبب بقولِها {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
   نَرجِعُ؟!.
   إِلى أَين؟!.
   إِلى الله تعالى بالعَودةِ إِلى الذَّات الطَّاهرة والنقيَّة من الجهلِ والحِقدِ والحسدِ والبَغضاءِ والأَنانيَّةِ!.
   إِلى القلبِ والعقلِ اللَّذان هُما حرمِ اللهِ تعالى.
   بالعودةِ عن الظَّلمِ الذي يمارسهُ الإِنسان ضدَّ أَخيهِ الإِنسان!.
   بالعودةِ عن الجشعِ والإِستئثارِ والسَّرقةِ واللصوصيَّةِ والعُدوانِ على الحقوقِ والحدودِ!.
   بالرِّفقِ بالضَّعيفَينِ [المرأَةُ والطِّفلِ] كما أَوصى بذلكَ رَسُولُ الإِنسانيَّة (ص).
   بالتشاركيَّة [منظُومة التكافُل الإِجتماعي] فيما وهبهُ الله تعالى من خيراتٍ وإِمكانيَّاتٍ لبني البشر حسبَ رُؤيةِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) {وَإيَّاكَ وَالاْسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ} و {إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الاَْغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ، فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلاَّ بِمَا مَنَعَ بِهِ غَنِي، وَاللهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذلِكَ} و {مَا رَأَيْتُ نِعْمَةً مَوْفُورَةً إِلَّا وَإِلى جَانِبِها حَقٌّ مُضَيَّع} و {إِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ الاَْرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا، وإِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لاِِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلاَةِ عَلَى الْجَمْعِ، وَسُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ، وَقِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ}.  
   ٤ تشرِينُ الثَّاني ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/11/06



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٢٠)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net