نموذج دعم العنف في السينما
اسعد عبدالله عبدعلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السينما اليوم هي مجال ثقافي انساني مهم لا يمكن الغاءه او التغافل عنه , لكن مثل أي مجال معرفي ثقافي فيه الايجاب والسلب وهنا نحاول ان اشير الى حالة استوقفتني ..فقد شاهدت فلما مصريا على قناة روتانا سينما باسم تيتو وبطولة احمد السقاة يتحدث عن شخصيته البطل (( تيتو )) وهو مجرم , لص , قاتل, مخادع , مزور .. يفعل أي شيء في سبيل الحياة الرغيدة وديمومتها .. ويسرد لنا الفلم قصته ومعاناته وكيفية تنفيذه لعملياته الإجرامية... ويسحب المتلقي الى التعاطف مع مجرم من حيث لا يدري !! وهكذا تعاطف كل من كان معي من الأصدقاء ساعة العرض مع المجرم ( تيتو ) !!! وأصبح الحضور يتمنون ان ينجو من الشرطة !! وان لا يتم القبض عليه !! بل ان ينتصر على القانون والقوة التنفيذية للقانون وهي الشرطة !! وان يعود لعملياته وينجح من جريمة الى أخرى !!! والغريب كل من كان معي عاش نفس التعاطف !!وفي نهاية الفلم أصاب الحضور حزن بسبب موت البطل على يد الشرطة !!! فلم يتمنى احد له النهاية بالموت !! بل الكل كان يتمنى بالتغلب على ظروفه والاستمرار في تأدية رسالته ( الإجرامية ) !!
لكن بعد الفلم توقفت في تساؤل مع أصدقائي, ترى كيف نتعاطف مع مجرم ؟؟ وما غاية هكذا أفلام هل حقا من ينتجها هو من دون هدف وخطة معينة ؟؟ أم هي مجرد قصة أعجبت المنتجين فعملوا منها فلم .!!!
ثم حاولنا ان ننقد الفلم فاتفق الأصدقاء على ان الفلم يركز على الجوانب الايجابية للمجرم (( تيتو )) مثل وفاءه لأصدقائه , واعتزازه بنفسه , والتزامه بكلمته , فيريد ان يقول الفلم ان كل إنسان يمكن له ان يحتوى على جوانب ايجابية وسلبية .. ومهما كان مجرما فانه بالتأكيد بالأخير هو إنسان وما أصبح مجرما الا بفعل الظروف والضغوطات الداخلية والخارجية .... لكن الفيلم يمر بسرعة على النقاط السيئة للبطل ويتوقف كثيرا عند النقاط الايجابية كي يكسب المشاهد الى جانب البطل .. يعطينا درس ونقطة خطيرة ..
إما الدرس فهو ان الكل يولدون أبرياء والبيئة والظروف والعامل الاقتصادي وشكل الدولة ( استبدادي أو ديمقراطي ) هي من تتولى صناعتهم بالشكل الذي نراه في الكبر .فالمجرم هو نتيجة لعدة ظروف اجتمعت وجعلت منه مجرما..وهذا صحيح بنسبة كبيرة ... لكن في كل حال يبقى الاختيار بيد الإنسان وحسب منظومته الفكرية وثوابته وقيمه يكون التحرك .وإلا لبطل الثواب والعقاب إذا تركنا تحميل المجرم وزر جريمته بجعل الجريمة على شماعة الظروف...
إما النقطة الخطيرة التي يطرحها الفلم هو تبني العنف كنموذج لشكل الحياة التي تحقق الرفاهية مع صفات الانسان المتحضر !! فهو يجعل من تيتو مثال للإنسان العصري , هو مجرم لكن طيب ! هو لص لكن ملتزم بكلمته ! هو خائن للمجتمع لكنه وفيي اتجاه أصدقائه ! هو شرير لكنه يكره الأشرار !! فأصبح مجتمع للتناقضات ..وبطبيعة المجتمع المتناقضة والفوضوية مع ضعف للوعي بصورة عامة يكون قبول واسع لهكذا أفلام !! وهنا ينتابنا الخوف من ما يتم طرحه من هكذا أفلام. ومكمن الخطر يكون من الدور المطلوب من المتلقي ؟؟ المتلقي من خلال المتابعة المستمرة مع تعلق بالبطل , يصبح من حيث لا يدري بنفس سلوكيات وثوابت البطل وبنفس أفكار البطل ,, ليس بشكل تام بل ببعض الجوانب وبتداخل السلبيات معها , لذلك لا يمكن تبرئة المنتجين لهكذا أفلام الا برفع علامة استفهام كبيرة إمام ما يصنعون من أفلام .. والقضية تحتاج لدور إعلامي لتوضيح مغزى هكذا نوعية من الأفلام ... وهل من الممكن ان يتابعها المراهقين والصغار السن ؟؟؟ بل يحتاج الامر الى دعوة قضائية بحق المجتمع من هكذا أفلام القصد منها خطير ... فليس مجرد قصة وحسب بل التسويق لشخصية البطل المجرم وسط مجتمع تأخذ به تيارات العاصفة هنا وهناك مع ضعف تواصله مع تراثه وقيمه وتراكم ترسبات الماضي مما يدعونا هنا للدعوة لوقفة ضد تيتو وغيره فهؤلاء خطر على المجتمع .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
اسعد عبدالله عبدعلي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat