صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

مآلات الحالة العراقية
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لايهتم العامل الخارجي بنوع السياسة الداخلية طالما إنه يضمن وجود مجموعات سياسية لاتفكر بالوطن قدر تفكيرها بالكيفية التي تعمل من خلالها على ضمان مصالح الأسياد الخارجيين، وواضح تماما، ومنذ 2003 فإن اللاعبين المحليين أشبه ببيادق الشطرنج لاهم لهم سوى جمع المال، والحفاظ على السلطة حتى مع الفساد والخراب والمرض والبطالة والتردي في الخدمات، وكم المظالم التي تضرب العراقيين، ولاتمنحهم فرصة للتنفس والراحة، ولو مؤقتا طالما إنهم ضمنوا دورهم ووجودهم في منظومة القرار، وحصلوا على مايريدون من مكاسب ومنافع ليتركوا الوطن نهبا لمطامع دول الجوار، وصاروا يقدسون رموزا في دول أخرى على حساب وطنهم، ولم يسألوا أنفسهم، ومعهم مجموعات من الشعب لم هم هكذا، ولم يتصرفون بهذه الطريقة من الولاء الأعمى للأجنبي، ولايطيقون سماع كلمة إنتقاد واحدة ضد دولة جوار، أو رمز في الجوار مع إن العراق بلد الحضارة والرموز والأساطير؟
الحالة العراقية صادمة ومؤلمة. فالمجموعات السياسية والمسلحة لم تعد وطنية، بل هي جزء من مشاريع خارجية وجزء من محور قتال ونزاع سياسي، وخصومة غير مجدية، وتقاتل، أو تشاكس في جغرافيا محلية، أما المنافع والمكاسب فتذهب لتلك الدول التي تمر بأوقات جيدة، ولاتعاني من مشاكل كبيرة على مستوى الأمن والسياسة والإقتصاد كالتي يعانيها العراق الراهن والمتعدد الأوجه والأشكال حيث يستعد العراقيون لإنتخابات يراد لها أن تكون محاولة لتكريس سيطرة بعض الأطراف، وتثبيت هيمنة خارجية لدول بعينها تعيش حال صراع مع دول أخرى، وبينما هي لاتهتم بالشأن المحلي إلا فيما يتعلق بمصالحها، فإنها تستند على سلوك غير وطني لدى أطراف عراقية صارت تشعر أن الحق يأتي من الخارج، وإن الباطل هو في الداخل.
الحالة العراقية الراهنة مقلقة للغاية، فبرغم تجاوز البلاد مرحلة الصراع الطائفي، ووجود جماعات العنف المنظم لكن ذلك لايعني نهاية الأزمة فهناك ماهو أخطر بسبب التنازع الدولي والإقليمي، وتشابك الملفات، ونوع الصراع المحتدم بين أطراف دولية لها في الداخل مايعاضد جهودها لتكريس نفوذها، وضمان مصالحها، والخروج من أزمة العنف المذهبي. وإنحسار تأثير داعش قد يكون مرحلة عابرة تليها مراحل صراع أكثر خطورة تفترض حدوث نزاع إقليمي، أو دولي خلال هذا الصيف، أو في الخريف المقبل على مسائل لاعلاقة للعراق بها، وفقط هي من ضمن أولويات الدول الراعية لمجموعات سياسية فاسدة.
العامل الخارجي لايهتم كثيرا لوجود فاسدين في السلطة لأنه يريد ضمن مصالحه، وبدلا من تمويل المجموعات الموالية له فهو يتيح لها فرص الهيمنة على القرار، والتمكن من سرقة المال العام لتمويل نشاطاتها غير الوطنية حتى لو بقي العراق فقيرا ومحروما لأنه ليس أكثر من ساحة صراع، وتصفية حسابات بين اللاعبين الكبار إقليميين كانوا، أم دوليين. وهذا يعني إن البلاد ماضية الى نزاع صعب في حال ظهور نتائج الإنتخابات النيابية، بينما يمثل الخروج الأمريكي من الإتفاق النووي، أو طلب تعديله مع إيران ضربة لجهود إستقرار العراق خاصة وإن دولا عدة تتحفز للمواجهة مع طهران، وقد تشتعل المنطقة بسرعة لم تكن متوقعة، ونكون نحن ضحايا الإشتعال المدمر.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/07



كتابة تعليق لموضوع : مآلات الحالة العراقية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net