صفحة الكاتب : نزار حيدر

احذروا الطائف
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كدت ان انفجر من الضحك وانا اطلع على دعوة ابن سعود للساسة العراقيين للاجتماع في الرياض، وتحت رعاية الجامعة العربية، بحثا عن حل للازمة السياسية وايجاد المخرج المناسب لمشكلة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

 
  فمنذ متى كانت المملكة العربية السعودية حريصة على العراق وشعبه الابي؟ اوليست هي التي دعمت نظام الطاغية الذليل صدام حسين بكل الوسائل ليقف على رجليه بعد كل ازمة تعصف به؟ اوليست هي التي ظلت تقاتل مستميتة ضد الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية ايام النضال ضد الديكتاتورية من اجل ان لا تترك اثرا على النظام الشمولي فلا تضعفه او تطعن بصدقيته في المحافل الدولية وعند الراي العام العربي والاسلامي بشكل عام؟ اوليست هي التي ظلت تسكب الزيت على نيران حروبه العبثية لتدمير العراق وقدراته وكل شئ فيه؟ اوليست هي التي توسلت بالادارة الاميركية لتترك الطاغية يقمع انتفاضة الشعب العراقي ابان حرب تحرير الكويت خوفا من الشيعة، على حد زعمها؟ اوليست هي التي رفضت الاعتراف بعملية التغيير التي شهدها العراق في التاسع من نيسان عام 2003 ولحد الان؟ اوليست هي التي ظلت تؤلب (السنة) ضد الوضع السياسي الجديد بحجة او باخرى ما ادى الى استعدائهم للعملية السياسية والتعامل معها بريبة وشك في احسن الفروض؟ اوليست هي التي صرفت الاموال الطائلة للتاثير على الانتخابات في كل مرة؟ اوليست هي التي تبنت الارهابيين ودعمتهم وحرضتهم بالفتوى التكفيرية المحرضة على القتل والتدمير وبالمال الحرام وبالاعلام الطائفي التضليلي ليحفروا بجرائمهم نهرا ثالثا الى جانب نهري دجلة والفرات، الا وهو نهر الدم الذي ظلت تنزف فيه نحور العراقيين الابرياء؟ اوليست هي التي تبنت وروجت لنظرية الشك بولاء الاغلبية من الشعب العراقي (الشيعة) وربط انتمائهم بالجارة الجمهورية الاسلامية في ايران؟.
 
  انها الى الان ترفض ان تمنح تاشيرات الحج للعراقيين في بلدهم، في العاصمة بغداد، اسوة بكل حجاج العالم الاسلامي، وبحجج واعذار واهية، فتطلب من هيئة الحج والعمرة العراقية ارسال جوازات سفر العراقيين الى دولة الكويت لاستحصال تاشيرات الحج من سفارتها هناك، فكيف لها ان تنتظر من العراقيين موقفا وديا من مثل هذه الدعوة المشبوهة التي اطلقها ابن سعود؟.
 
  ان المملكة العربية السعودية التي لازالت تتخذ الموقف العدائي من واحدة من اكبر الكتل النيابية، واقصد بها (دولة القانون) ومن زعيمها السيد نوري المالكي كيف تنتظر من مثل هذه الدعوة ان تنجح ويلبيها العراقيون؟.
 
  انني بانتظار ان اسمع موقفا رافضا وبكل صراحة وشجاعة ووضوح، لهذه الدعوة، من كل الفرقاء السياسيين، فالموقف لا يتحمل اية مجاملة او تردد، فالمكتوب واضح المعنى من عنوانه كما يقول المثل، انهم يريدون التلاعب بمسارات العملية السياسية، فماذا انتجت الطائف اللبنانية لينتج طائف عراقي يشبهه في الجوهر ويختلف معه في العناوين؟.
 
  ان الرياض منحازة الى طرف سياسي في العراق ضد اطراف اخرى، ولذلك فهي جزء من المشكلة، فكيف لها ان تساهم في ايجاد حل ما للمشكلة؟.
 
  والمضحك المبكي في دعوة ابن سعود، هو انه حاول ان يبعد الشك والريبة عن نفسه فغلف دعوته غير المرحب بها بغلاف الجامعة العربية وكأن الاخيرة احسن حالا منه وان مواقفها من العملية السياسية في العراق تختلف عن مثيلاتها الصادرة عن الرياض؟ فهل يتصورون بان العراقيين نسوا دور الجامعة العربية في الضغط على الشعب العراقي لاعادة ايتام النظام البائد الى الحياة العامة وتمكينهم من مؤسسات الدولة العراقية الجديدة؟ ما ادى الى فضائح مفتعلة كثيرة وظفها الاعلام المعادي ضد العراق، ومنها ما حدث مؤخرا مما بات يعرف بوثائق (ويكيليكس).
 
  لقد ذهب بها عريضة ابن سعود، وان الذي شجعه للتفكير بهذه الطريقة هو الزيارات المكوكية التي يقوم بها قادة الكتل البرلمانية وزعماء الاحزاب السياسية، لهذه العاصمة او تلك، فلو انهم لم يفعلوا ذلك واحترموا انفسهم وشعبهم وناخبيهم، ومكثوا في بغداد ولم يستجدوا العطف من مثل هذه العواصم، لما تجرا ابن سعود على اطلاق مثل هذه الدعوة غير المناسبة والمريبة بالمرة.
 
  ان الاسرة الحاكمة في الجزيرة العريبة شر مطلق، فهي خطر كبير يهدد العالم، فضلا عن العراق، فمنذ ان بايع ابن سعود الكبير محمد بن عبد الوهاب على القتل والتدمير، على حد وصف كل المصادر التاريخية التي ارخت لهذا الزواج السفاح، والمملكة تحيك المؤامرات وتحرض على القتل والتدمير وتصدر فتاوى التكفير بعد ان تحولت الى مفقس كبير للارهابيين من خلال المدارس الدينية والمساجد الموبوءة بالفكر التكفيري التحريضي، بعد ان عشعش الشيطان فيها وباض وفرخ.
 
  ان العراقيين لا ينتظرون من المملكة اكثر من ان تكفيهم شرها فقط، اما الموقف الايجابي فهذا ما لا ينتظرونه منها لانها على نقيض من مصلحة العراق فكيف ننتظر منها موقفا وديا؟.
 
  ان بامكان العراقيين التعرف على مصالح بلادهم من مواقف المملكة، التي تجانب، عادة، مصالحهم، فما تقوله الرياض تقف على النقيض منه مصالح العراق والعراقيين.
 
  ان المملكة لم تبد اية حسن نية ازاء العراق الجديد على الرغم من مرور اكثر من سبعة اعوام على التغيير، فكيف تنتظر من العراقيين ان يحسنوا بها الظن ويصدقوا بحسن نواياها؟ هذا على الرغم من ان العراقيين ابدوا الكثير من حسن النية تجاهها وحاولوا نسيان الماضي من اجل فتح صفحة جديدة حتى مع شركاء الطاغية صدام حسين بجرائمه وسياساته وحروبه العبثية التي دمرت العراق، ولكن المملكة، وبدلا من ان تقابل الاحسان بالاحسان، اذا بها تقابل الاحسان بالاساءة فيصدر كبار فقهاء البلاط، مثلا، فتوى دينية يعتبرون فيها الطاغية الذليل شهيد من اجل (لا ادري) يوم ان اقتص منه العراقيون لضحاياهم، ليناقضوا بها فتوى كبيرهم الذي علمهم السحر (بن باز) والذي كان قد قال فيها بان الطاغية كافر لا تقبل منه توبة ولا يستتاب، وانه اذا مات فالى جهنم وبئس المصير.
 
  اكرر تحذيري لكل السياسيين من طائف جديدة تستهدف الديمقراطية في العراق الجديد، اذ ليس هناك ادنى شك في ان مثل هذه الدعوة، التي تصدر عن واحدة من اعتى الانظمة الوراثية الشمولية القمعية في العالم، لا يمكن ان تصب لصالح عملية بناء النظام الديمقراطي الجديد في العراق، اذ هل يعقل ان تساهم الديكتاتورية في بناء نظام ديمقراطي؟ ام هل يعقل ان نتصور بان الذئب يولد حملا؟.
 
  كذلك اكرر مقولتي في ان الحكومة يجب ان تتشكل في العراق وليس خارج الحدود، لتبقى في منآى عن مخاطر التدخلات الاجنبية مهما كان مصدرها، فليجتمع السياسيون في اية بقعة من ارض العراق الطاهرة، ولكن ليس خارج الحدود ابدا.
 
  ان على السياسيين ان يحثوا الخطا للاسراع في تشكيل الحكومة المرتقبة، والا فان الزمن ليس لصالح لا العراق ولا العملية الديمقراطية، اذ كلما طال الزمن كلما دخلت على الخط اجندات جديدة ومخاطر اضافية، وهذه واحدة منها.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/11/05



كتابة تعليق لموضوع : احذروا الطائف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net