الصحابي الشهيد مع الحسين ع أنس بن الحارث الكاهلي
د . عبد الهادي الطهمازي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عبد الهادي الطهمازي

أنس ابن الحارث الكاهلي، أحد بني كاهل بن أسد بن خزيمة، تلك العشيرة التي عرفت بالإباء، ورفض الضيم، وسلِّ السيف لرفع الحيف.
ذو الكلمات المؤثرة، والمواقف المعبرة، والعزم الراسخ، والحزم الذي لا يلين، لم يمنعه عن القيام بالواجب المقدس في الجهاد كبر السن، ولا ضعف النظر، ولا انحاء الظهر. فقد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله أولى معارك الإسلام، وأشدها أهمية، حيث كُسِرت فيها شوكة قريش، ومرَّغ المسلمون كبريائهم الزائف بالصعيد، رغم قلة العدد، وضعف الإمكانيات.
كما شهد مع الرسول صلى الله عليه وآله وقعة حنين، التي عظم فيها بلاء المسلمين، واشتدت محنتهم، فأنزل الله سكينته عليهم، وأيدهم بنصره، وثبت أقدامهم، فولى العدو هاربا لا يلوي على شيء، وغنم المسلمون أموالهم وديارهم.
ترك أنس بن الحارث دياره في نجد، ويمم وجه صوب الكوفة، ليكون قريبا من ساحات الجهاد، وتقر عينه بنصرة الإسلام، فسكن مع سائر بني قومه في حي بني أسد، وكان لبني كاهل منهم مسجد مشهور في الكوفة، يتعبد فيه ذوى الحجى والصلاح منهم.
وظل أنس بن الحارث وفيا للمبادئ، مجاهدا على تطبيقها، محتسبا كل ذلك في الله، حتى أزفت ساعة العسرة، وجاء اليوم الموعود به بالنصرة، إنه يوم الحسين عليه السلام، العاشر من محرم.
خرج أنس بن الحارث ظهيرة يوم عاشوراء، خروج الليث من عرينه، لا يأبه بالألوف، ولا ترهبه الرماح المشرعة ولا السيوف، شادا وسطه بالعمامة، رافعا حاجبيه بالعصابة، مقدما ولده بين يديه لينال شرف الشهادة، فهو في طلب الأجر والثواب في استزادة، وقد استحضر في تلك الساعة قول رسول الله صلى الله عليه وآله له: إن ابني هذا (يعني الحسين) يقتل بأرض من العراق، فمن أدركه منكم فلينصره.
لما رآه الحسين عليه السلام على هذا الحال، رق له وبكى ثم قال: شكر الله سعيك يا شيخ. ثم أذن له. فخرج يجول بين الصفوف، يقلب ميمنتها على الميسرة، والقلب على المؤخرة، فهو ليث الوغى، والضراب إذا حمي الوطيس، فقَتَل على كبر سنه، ودقة عظمه ثمانية عشر رجلاً من اتباع جيش الاثم والضلالة، ثم تعاطفوا عليه يرمونه بكل شديد من الرماح والسيوف، حتى تقطر صريعا على الارض، واحتز الطغاة رأسه، غير آبهين بمنزله من رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا مقدرين مواقفه البطولية في الإسلام، فمضى شهيدا الى جنان الخلد، خاتما حياته بالسعادة الأبدية رضي الله عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
الاستيعاب لابن عبد البر
مقتل الحسين للخوارزمي
مثير الاحزان لابن نما
مقتل للحسين للسيد المقرم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat