صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الإرتهان البشري!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

البشرية وجود مرهون بفكرة , وفي كل عصر تتبدل أفكار الإرتهان , وبعضها يسود في جميع الأزمان , لكنه يتخذ منحيات ومنطلقات ومنحدرات ويمضي في إنحرافات وإلتواءات , فلا يمكن لفكرة أن تدوم على حالها وطبعها , ما دامت الأرض تدور والبشر ناعور.
ففي جميع القرون هناك ما يسود ويتأسد من الأفكار , والقرن العشرون - على سبيل المثال - تأسدت فيه أفكار متنوعة ذات توجهات متعددة , تسببت في حروب بشعة وخسائر حضارية مروّعة , خصوصا في أوربا وآسيا وأفريقيا , وتحول النفط فيه إلى عقيدة تفرض مناهجها على التفاعلات الدولية , فتحطمت بسببها دول وشعوب , ووقع ثقلها وضررها الكبير على الدول العربية , التي عاشت سوحا للحروب الباردة ما بين القوى الكبرى المتحكمة بمصير الدنيا.
والقرن الحادي والعشرون مولود من رحم سابقه , وقد إنطلقت أجياله رهينة لأفكار ومنطلقات تدميرية فتاكة , وتحولت الأرض العربية إلى ميادين لها , وأصبحت عقيدة الإرهاب هي المتحكمة بالسلوك البشري , والمجتمعات صارت رهينة لهذه الفكرة , التي يتم الإستثمار فيها وتطويرها , لأنها ذات ربحية عالية , ووسيلة رخيصة لتحقيق المصالح , وإدامة زخم التوجه نحو الهدف بتعجيل متزايد وإرادة تدميرية متعاظمة.
والأرض العربية غدت المعترك لهذه العقيدة الفتاكة الملتهبة التي تبيد كل شيئ يتصل بالعرب , وبهذا أصبحت أوطان العرب ميادين صراعات ودمارات وإحتراقات ومعارك مهلكة , تتسابق فيها عقيدتا النفظ والإرهاب.
وصار من الصعب القول بغير ذلك , لأن الأدمغة مرهونة بهما , وخصوصا عقيدة الإرهاب التي فرضت هيمنتها على الحياة , وجعلت مراكز القرار في الدول الكبرى مكبلة بأُطرها وأصفادها , التي لا تستطيع التحرر منها , ولهذا فأن قراراتها محكومة بهذه العقيدة ومشوّهة بها , وكأنها تقبض على أعناق الإقتدارات الأرضية , وتديرها وفقا لمشيئتها وبوصلة نداءاتها وغاياتها.
ومن المعروف أن العديد من الشعوب قد وقعت بقبضة فكرة ما , وبذلت الغالي والنفيس للتعبير عن إرادتها وهي في سَوْرة الإرتهان الفكروي والعقائدي , ولا تزال في المنطقة عدد من القوى والمجتمعات المرهونة بأفكار تجاوزتها العصور , لكنها أمسكت بها وإستعبدتها وسخّرتها لما فيها من النداءات المؤوّلة وفقا لمحتويات النفوس المسعورة , التي وجدتها تحقق ما يحتويها من الإنحرافات والتطلعات السوداوية الحمقاء.
وفي هذا المضطرب الإرتهاني يبدو أن البشرية تمضي نحو منحدرات لا يمكنها التوقف على سفوحها , والتفكير بالصعود والسير على أرض منبسطة , ذلك أن قوة الجذب فائقة والإنحدار يكون سهلا وشديدا ويأخذ معه أجيالا متوافدة.
فهل ستتحرر البشرية مما يرتهنها ويستعبدها ويدمرها , وتعرف جوهر الحياة وقيمتها؟!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/20



كتابة تعليق لموضوع : الإرتهان البشري!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net