قمة الخرطي في السعودية / الجزء الثاني
عبود مزهر الكرخي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبود مزهر الكرخي

4 ـ المؤشر المهم والبالغ الأهمية هو الاجتماع الذي عقد بين الرئيس ترامب ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر حيث كشفت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها اليوم كواليس اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي مع وزير الخارجية الأشهر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية هنري كيسنجر والذي قدم خلاله الأخير العديد من النصائح للتعامل مع ملفات الشرق الأوسط الملتهبة قبل انطلاق جولة الرئيس الأمريكي. والمعروف أن كيسنجر هو مهندس السياسة الأمريكية منذ توليه وزارة الخارجية في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان ولحد الآن ولهذا كانت نصائح كيسنجر وهي بالأحرى أملاءات فيما يخص هذه الزيارة وهذا المؤتمر والتي كانت كلها تخص الابنة المدللة إسرائيل حيث طالبه بالعمل على العمل فوراً على تطبيع العلاقات مع الصهاينة وعلى كافة الأصعدة ومنها فتح السفارات والقنصليات إلى تسيير الرحلات الجوية وفتح أبواب ومصاريع العالم العربي والإسلامي لإسرائيل والحفاظ على أمن إسرائيل ومن خلال تحجيم والعمل على ضرب محور المقاومة ممثلة بإيران وحزب الله وسوريا وتعتبر هذه من أهم الأهداف ولهذا كان الخطاب الأول لترامب في مؤتمر القمة يدور حول القضاء على الإرهاب ممثلة بحزب الله ولإيران وحماس وإنهم محور الشر وقد تعمد تجاهل دور القاعدة وداعش وجبهة النصرة وكل التنظيمات الإرهابية الأخرى والذي هم سبب قلق العالم من هذه التنظيمات الدموية المجرمة.
5 ـ ولابد أن نشير إلى مسالة مهمة وهي أنه لو استعرضنا التنظيمات الإرهابية في العالم والتي تتجاوز (60) تنظيم لوجدنا أنها تدين بالمذهب السني على الإطلاق وبالآخر يطلع ترامب ومعه السعودية وعربان الخليج ومن لف لفهم ويصرحون أن حزب الله وإيران إرهابيين وداعمين للإرهاب لأنهم شيعة ، وهذا يوضح إن هذا المؤتمر قد بني على واجهة طائفية بحتة غرضها النيل من الشيعة وبكل وضوح والتي تقف من وراءه الصهاينة وهذا القول هو لاينبع من خلفيات طائفية عندي خوفاً من اتهامي بها من قبل البعض ولكنها الحقيقة الواضحة والتي لالبس فيه ولاغموض.
6 ـ ولهذا فأن معظم من شاركوا في اجتماع الرياض الأخير الفاشل خدعوا و صدموا من البيان وطريقة إعداده وأهدافه بتطاول النظام الأمريكي الاستعماري على مجور المقاومة الجهادية بدون موافقة كل الدول المشاركة ومن تحت الطاولة وهذا مخالف لبرتوكولات القمم و الموضوع لم يكن محاربة داعش بل وهم إسقاط الدول المستقلة الحرة المقاومة للاستعمار . هذا درس للمشاركين في هذه الاجتماعات مرة أخرى بعدم الانخداع و الثقة في مثل هذه الاجتماعات العقيمة وعدم حضورها إلا بعد الاطلاع مسبقا على مسودة أي بيان و الالتزام بالثوابت الوطنية العربية والإسلامية في مقاومة العدو الإسرائيلي حتى النصر وهذا مطلب الشعوب.
7 ـ برز موقف مهم ويبدو أنه مستغرب عند بعض المتابعين حيث طفت على سطح الأخبار تصريحات أمير قطر تميم آل ثاني حيث قال “لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب، لأنه صنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله “.
وشدد الشيخ تميم على أن قطر نجحت في بناء علاقات قوية مع أميركا و إيران في وقت واحد، نظراً لما تمثله إيران من ثقل إقليمي و إسلامي لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها، وهو ما تحرص عليه قطر من أجل استقرار الدول المجاورة. وأضاف بقوله "لا حكمة في عداء إيران وعلاقتنا جيدة بإسرائيل. وأن قاعدة "العديد" تحمينا من أطماع بعض الدول المجاورة والتي يقصد بها السعودية والأمارات ليصرح وبالتالي أن ترامب يواجه مشاكل قانونية في بلاده، كاشفاً عن توتر في العلاقة مع إدارة ترامب. وهذا يعني انهيار التحالف الخليجي ممثلاً بدول مجلس التعاون وهذه هي القشة التي قصمت ظهر كما يقال لأن هذا المجلس كان في مهب الريح وفي أي وقت كان عرضة للانهيار والسقوط.
8 ـ ولو نظرنا إلى المر من زواية معينة لوجدنا أن تصريحات أمير قطر أنه لم يأتي من فراغ وهي تشمل عدة جوانب :
الجانب الأول : أن محاولات السعودية ومحاولاتها الدؤوبة لتحجيم قطر والعمل على سيادة منطقة الخليج والمحور العربي والإسلامي وكان القطريين يشكلون حجر عثرة في هذا المجال وكان هذا المؤتمر الخير خير فرصة وبمساعدة اميركا والتي تم إغداق المساعدات والموال للرئيس المتهور. ترامب ليكون لها خير مساعد لها.
الجانب الثاني : لو نظرنا إلى تصريحات أمير قطر لوجدنا أنه قال أن قطر لديها علاقات جيدة مع إسرائيل وهذا يشكل علامة استفهام مهمة في أن تصريحات هذا الفتى الأميري جاءت بعد أخذ الضوء الأخضر من الصهاينة ومعها أميركا في أطلاق هذه التصريحات لأنه هناك وراء هذا الضوء ألخضر خطة تشير إلى عدم جعل السعودية صاحبة الموقف والقطب المتسيد للمنطقة وهذا ما لا يقبل به المريكان ولا الصهاينة لاحتمال جموح السعودية وأمرائها وخصوصاً ولي ولي العهد السعودي والمعروف بتهوره وطائفيته وكذلك أسلوب ومنهج الاستعمار ومنذ القدم في فرض سياسة(فرق تسد) والعمل به وجعل المنطقة في تمزق وتشرذم من أجل ضمان أمن إسرائيل وتمرير كل المشاريع بها ومعها أمريكا ودول الغرب.
الجانب الثالث : هو عمل أمريكا لتحجيم الدور القطري في المنطقة والذي تعرف السياسة القطرية بتهورها وعدم سيرها على نهج ثابت يتماشى مع السياسات الأمريكية والصهيونية وخصوصاً علاقتها مع أخوان المسلمين وتركيا والعديد من الحركات المتشددة ولأن أمريكا معروفة بحرق عملائها وكذلك توجد مدة زمنية لأنتها صلاحية عملائها كما حدث مع شاه إيران والرئيس المصري أنور السادات قامت بهذا الأمر.
9 ـ وفي الخير أن محاربة الإرهاب هو الشعار الذي رفع في قمة الرياض, لكن لم يحدد المجتمعون هوية الإرهاب الحقيقية, إنما أوردت المتابعات عن ذكر إيران 3750 مرة بقرينة الإرهاب, بينما لم يذكر تنظيم داعش سوى 134 مرة, ما جعل التفسيرات تشير إلى إن القمة تريد توجيه الاتهام لطهران, كأنما ما حصل في سوريا والعراق واليمن والبحرين, هو نتاج إيراني بينما الكل يعرف الحقيقة ومن جاء بداعش وكل التنظيمات الإرهابية إلى تلك الدول وبدعم قوي وبدون حدود من قبل السعودية وقطر وباقي عربان الخليج لنسمع التصريح المشهور للأمير بندر بن سلطان ليقول : رئيس الاستخبارات السعودية السابق بندر بن سلطان أبلغه (قبل عملية 11 أيلول الإرهابية في نيويورك) حرفيا بأنه "لن يكون ذلك اليوم بعيدا في الشرق الأوسط حين سيتولى مليار سني أمر الشيعة"، في إشارة إلى إبادتهم.حيث تم إبلاغ هذا الأمر إلى الرئيس السابق للمخابرات البريطانية الخارجية(MI6) ريتشارد ديرلوف في ذلك الوقت ونضيف لنختم مبحثنا بإحدى برقيات "ويكيليكس" التي تعود إلى العام 2009 حين كتبت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تقول "إن السعودية لا تزال قاعدة الدعم الأساسية الحاسمة بالنسبة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان وجماعة عسكر طيبة في الباكستان وغيرها من الجماعات الإرهابية الأخرى". وقد مولت الإرهاب وتدمير العراق وسوريا واليمن بمليارات الدولارات لدعم داعش والقاعدة وكل التنظيمات الإرهابية وهي التي سهلت دخول العراق غلى الموصل وباقي المحافظات وهذا ما تشير إليه كل الوثائق الرسمية المسربة وخصوصاً وثائق ويكليكس فهل من المعقول أن تصبح السعودية الوهابية وراعية الإرهاب الدولة الأولى في التصدي للإرهاب وجماعاتها؟ وهل فاقد الشيء يعطيه كما يقال؟ اترك لكم الإجابة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat