صفحة الكاتب : امال كاظم الفتلاوي

تنهدات بنت فاتها الزواج
امال كاظم الفتلاوي

أرى أوراقَ عمرِي تتساقطُ كما تتساقطُ أوراقَ الأشجارِ في الخريف..
وأرى اصفرارَها قد عكس بؤسَهُ على وجهِي..
وغدا ربيعُ أيامي مُجدِباً  لا حياةَ فيه.. 
لم تورقْ أشجاري ولم تحملْ ثمراً..
وها هي حياتي تتحولُ إلى صمتٍ مملٍّ لأعيشَها مرغمةً..
هذه الدقائقُ والساعاتُ التي تمرّ عليّ تبدو كأيامٍ وسنينَ طويلةٍ لا تنتهِي..
حياةٌ رتيبةٌ لا أملَ فيها..
أحاولُ أن أتشاغَل عن همومِي..
ففي النهارِ أنغمسُ في مجالٍ أجدُ نفسي فيه متفوقةً لأعوّضَ ما خسِرتُ وما سأخسر.. 
وفي الليل تجاورُني همومِي ويتلّقفنِي الخوفُ من المَجهول.. 
وما بينَ النهارِ والليلِ أبحثُ عن كَوّةِ أملٍ لعلّي ألقي عليها ما أخشَاه..
فيغشاني ما يغشَى اليائسين من العَمى..
وأغدو ناقمةً على كلّ مَن كان السببَ في ذُبولي..
أهم أهلي؟ أم هو الحظُّ العاثر؟..
هل تراهُ غرورِي مَن أوصلَني إلى هذا الحال؟ أم.. أم..
وسرعانَ ما أعودُ إلى عالمِي الذي نسجتُه بخيطٍ من وهمٍ وخيطٍ من خَيال..
وأغلقُ بابَ عقلِي..
ثم تدركُني رحمةٌ واسعةٌ، وأعودُ إلى رِحابِ الإلهِ الواحِد..
فيتسللُ النورُ إلى قلبِي ويتلاشَى الظّلام..
 فأنتشي بتلكَ الرحمةِ وذلك النورِ الباهر..
وأأنسُ به وأشعرُ بأني ملكتُ الدنيا وما فيها..
فهو الباقِي وكلُّ شيءٍ إلى زَوال.
أهلها:
هل تعتقدينَ بأننا أحسنُ حالاً منكِ؟ 
وهل تتصورينَ أننا نغضّ الطرفَ عن مأساتِك؟
لستِ وحدَك مَن تتألمين.. ولستِ وحدَك مَن تنتهكُ وحدتَك الليالي..
وترعُبكِ خفايا المَجهول.. وتفترسُكِ همومُ اليائِسين..
فحالُنا أسوء منكِ، فالقلقُ يأخذُ منّا كلَّ مأخذ..
ويُلقي بقلوبنا في مهاوي زَوايا المستقبلِ التائه..
قد نكونُ الملومين في تأخيرِ زواجِك...
ولكنّنا كنّا نطمحُ لك بزوجٍ أحسن من الذين تقدّموا إليك..
وإذا رضينا بأحدِهم كنتِ أنتِ مَن ترفضينه..
وهكذا لم نشعر إلا والسنين تمرّ بسرعة..
وفرصكِ بالزواجِ أصبحتْ قليلة..
وهذا ما أدمَى قلوبَنا وأحزنَنا..
ونحن نرى في كلّ يومٍ زهرةَ حياتِك تَذبُل..
وأنوارَ بهجتِك تذوي وتنطفئ..
نتقلّب على نيرانِ الندامةِ ونحن نراكِ تتقلّبين في حياتِك..
تارةً تحاولينَ أن تنشغلي بالعملِ وتارةً أخرى بالدراسةِ..
وفي كلّ الحالات تفشلُ محاولاتُك بالهربِ من الواقع..
وتعودينَ أدراجَك إلى عزلتِك...
وفي أوقاتٍ أُخر تندبينَ حظّك العاثر كما تصفينَه..
وتنقمينَ علينا لأننا كنّا أحدَ أسبابِ مأساتِك..
ومعك الحق فنحن حرمنَاك حقّ الحياة.. ونطلبُ من اللهِ المغفرَة لقد كنّا خاطئين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امال كاظم الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/03



كتابة تعليق لموضوع : تنهدات بنت فاتها الزواج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net