من كلمات السيد محمد رضا السيستاني في حق أستاذه الأعظم السيد الخوئي قدس سره
◀قال آية الله الفقيه السيد محمد رضا الحسيني السيستاني دامت بركاته في درس يوم الاثنين المصادف (٨ صفر ١٤٢٨ هـ):
يصادف اليوم الذكرى السنوية الخامسة عشرة لرحيل السيد الأستاذ (قدس سره) ، وأني أتمثله بعد هذه السنوات الطوال على هيئته وهو يرقى منبر التدريس، وكأن صوته يرنُّ في أذني، ولا يسعني إلا أن أتواضع لهيبته، وأتصاغر لمقامه السامي، وأخشع إجلالاً وإكباراً له.
وفي هذه المناسبة أود أن أشير ببضع كلمات إلى ميزتين من مزاياه الكثيرة، إحداهما تتعلق بالبعد العلمي لشخصيته الفذة والأخرى تتعلق بخلقه السامي ونفسه الطاهرة، أشير إلى هاتين الميزتين وفاءً لذكراه العطرة، وتذكرة لنفسي ولكم.
الميزة الأولى: حبه للعلم وانصرافه إلى طلبه، والاشتغال به منذ نعومة أظفاره إلى أواخر حياته المباركة ــ وقد ناهز عمره المائة ــ فلم يكن يصرف وقته فيما عدا العلم مهما أمكن.
حدثني سيدي الأستاذ الوالد (دامت بركاته) أنه سمعه يوماً يقول: يمكنني أن ادعي أنني أكثر أهل العلم اشتغالاً إذا استثنيت بضعة أشخاص. قال هذا في وقت كان في العقد السابع من عمره، ولا يتوقع من مثله من الاشتغال ما يتوقع من الشباب كمعظم تلامذته آنذاك.
وحدثني أحد الفضلاء أنه رئي وهو مكبّ على تكميل كتابه المعجم في وقت عصيب اشتدت فيه أزمة الحوزة العلمية مع السلطة، وكان في ضيق بالغ فقيل له: أفي هذا الوقت تشتغلون في تأليف المعجم؟! فأجاب (طاب ثراه): لا يشغلني شأن عن هذا الشأن.
الميزة الثانية: عفة لسانه وترفعه عن التعرض للآخرين بالقدح والتجريح أياً كانوا، ولا سيما الزملاء والأقران، بالرغم مما كان يناله البعض منهم بلسانه وبنانه. فلم يعهد منه أن أساء إلى أحد بكلمة جارحة قط.
هذا بالإضافة إلى ما منحه الله تعالى من عبقرية وذكاء، وقدرة فائقة على الحفظ، وحسن بيان قلَّ مثيله.
وقد ساهمت هذه الخصال والمزايا في أن يصبح الأستاذ الأول في الحوزة العلمية، وينتفع بعلمه ويتخرج من تحت منبره الشريف أعداد كبيرة من العلماء والفضلاء.
قدّس الله روحه الطاهرة وجزاه عن العلم وأهله أفضل الجزاء، ورزقني مزيد الاستضاءة بأنوار علومه الشريفة.
بحوث في شرح مناسك الحج ٤٠٦/٤.
◀وقال دامت بركاته في بداية درس يوم الثامن من شهر صفر من عام (١٤٣٣ هـ):
تمرّ اليوم الذكرى السنوية العشرون لرحيل السيد الأستاذ (رضوان الله عليه) ، وبهذه المناسبة ينبغي أن نستذكر مرة أخرى خدماته الجليلة، ولا سيما جهوده العلمية التي شملت مختلف المعارف الحوزوية من الفقه والأصول والتفسير والكلام والرجال.
وقد خلَّف تراثاً فكرياً لا يستغنى عنه، كما ربّى أعداداً كبيرة من العلماء والفضلاء ممن ازدانت بهم الحوزات العلمية في مختلف البلدان، وقد حظي (أعلى الله مقامه) بمكانة عليا في العلم قلَّ نظيرها في العصر الأخير، ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم.
وأما ما يرد في هذا البحث من نقدٍ لبعض آراءه وكلماته فإن كان فيه شيء من الحق فهو أثارة من علمه ورشحة من فضله، وإن كان غير ذلك فلا يسعني إلا أن استميحه الصفح بشأنه، ولا يليق بخلقه الكريم إلا أن يصفح. طيَّب الله ثراه ورزقنا مزيد الاستضاءة من أنوار علومه.
بحوث في شرح مناسك الحج ٧٣٢/١٠.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat