صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

قصة قصيرة: كوابيس كاتب مغمور
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
-         يا حاج بكم سعر كيلو الطماطة
-         بألف دينار, أنها طماطة سورية ممتازة.
سوق مريدي صاخبا وقت الظهيرة, مع سخونة الصيف الغاضب علينا, أريد أن اشتري بعض الحاجيات لمطبخي التحفة, فقد مر زمن لم تدخل ثلاجتي الأثرية ضيوف جدد.  
متى يا أيها السوق تنظف, فدروبك دوما متسخة ما بين الطين والماء الآسن, وأنت دوما تثير الحسرة في نفسي, كلما نظرت إلى التفاح أو الموز أو تلك الفاكهة العجيبة التي لا اعرف اسمها, هل اكتفي بالطماطة كي احتفظ بألف دينار للغد, تباً لك سعادة الرئيس اللص وتبا لكل حكومتك, فها نحن نعاني شغف العيش وانتم في قصوركم.
سيكون غدائي فاخرا اليوم, طماطة سورية طازجة, وعندي في الثلاجة ثلاث بيضات, ونصف رأس بصل, "المخلمة"* قادمة ايتها المعدة الجائعة.
جلس عند "بلكونة" شقته, المطلة على شارع الداخل, أشعل سيكارته وجلس يستمع لصوت موسيقى الفنان التركي حسنو, التي تداعب وتحرك الذكريات, ومع نفس شديد من سيكارة ارتسمت له صورة "عبير" حبه الكبير, التي تركته وهاجرت للسويد, كي تتزوج من عجوز عراقي مهاجر, نظر نحو الإسفلت وبصق, بقي ينظر إلى بصقته وهي تنزل نحو الأسفل, إلى أن التحمت مع تل النفايات المتجمعة في عند رصيف الشارع.
سحب نفساً عميقا أخر من سيكارته, ليغرق في ذكريات الشتاء الماضي, حيث كان على وشك نشر روايته الأولى, عن السياسة والعشق والحظ, وكان يحلم أن يشتهر, مثل نجيب محفوظ أو حنا مينة, حيث يتسابق الناس لطلب توقيعه أو اخذ صورة معه, لولا أن جده تمرض, عندها تبخر المال الذي جمعه عبر أشهر من الزهد, فلقد اشترى بأموال الطباعة الأدوية الأصلية التي يحتاجها جده المسكين. 
عاد ليبصق من جديد, لكن هذه المرة موجهاً بصقته لصورة في الجدار المقابل له, لبقايا صورة احد مرشحي الانتخابات, فاستقرت البصقة على وجه السياسي بتحديد, فنظر لها وفرح بنجاح تصويبه. 
رن هاتفه, أسرع ليرد, انه يرن, وأخير تذكرني احدهم, ألان فقد أدركت إنني مازلت على قيد الحياة, لكنه رقم غريب.
-         الو؟!
-         مساء الخير, أستاذ فريد؟
تعجب, فانه صوت نسائي ساحر, قد أعاد الروح لجسد ميت, لكن من؟ 
-         نعم أنا فريد,من معي؟
-    أستاذ فريد نحن شبكة الاتصالات, ونجري قرعة سنوية للمشتركين للفوز بجائزة, وقد فاز رقمك بالجائزة, وهي تبلغ عشرة مليون دينار مع رحلة لباريس ولمدة أسبوعين.
-         حقااااا, وأخيرا تحرك حظي وفاز بشيء ما؟ لا اصدق؟ أنها نكتة, أو الكاميرة الخفية؟
- نعم, أنها حقيقة, ننتظرك غدا لتستلم جائزتك.
وسقط من الكرسي إلى الأرض, وانسكب الماء, كان مجرد إغفائه وحلم؟ يا لحظي التعيس, لا نفوز الا في الأحلام, وتلفوني الصامت لا يرن الا في الحلم, نحن معشر الفقراء لا يعرفنا احد, أو بعبارة أدق من نعرفهم مثلنا لا يملكون رصيد.
"ترن ترن ترن"
ما هذا انه يرن , سبحانك يا مظهر العجائب.
-         الو
-         أستاذ فريد؟
-         نعم تفضلي
-    نحن شبكة الاتصال, ومن خلال كشف وحدة المعلومات لدينا, تبين انك منذ أربع أشهر لم تدخل رصيد, فنخبرك إذا لم تدخل رصيد لرقمك خلال 24 ساعة فانه سوف يتم تعطيله.
-         اوو, نعم , شكرا.
وضحك فريد حتى أدمعت عيناه, فسخرية القدر تستمر معه.
كانت جدتي دوما تقول أن الأحلام تفسر بعكس محتواها, وألان صدقت جدتي معي, نعم يا جدتي فحياتنا تسير بالمعكوس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المخلمة: أكلة عراقية تتكون من الطماطة والبيض والبصل واللحم والزيت

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/03



كتابة تعليق لموضوع : قصة قصيرة: كوابيس كاتب مغمور
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net