صفحة الكاتب : علاء كرم الله

هيروشيما الكرادة ومسدس السونار؟!
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 خبرني صديقي المقيم في السويد الصحفي (عمار البازي) بأن بعض وكالات الأنباء العالمية أطلقت تسمية (هيروشيما!) على واقعة الكرادة، فلم أجد تسمية تعبر عن هذه الفاجعة الرهيبة أكثر من تسميتها هيروشيما ولذا أخترتها عنوانا لمقالي وأستميح الجميع عذرا بذلك.
 كما أخبرني الصحفي (عمار البازي) بأن سيارات الشرطة في السويد وضعت العلم العراقي عليها! والحكومة السويدية من جانبها وفرت خدمة الأتصال المجانية للعراقيين هناك ولمدة يومين للأتصال بذويهم في العراق.
 أقول شكرا للحكومة السويدية على هذا الموقف الطيب والأنساني، كما نشكر كل من ذرف دمعة حزن أو ترحم على مواتانا في مصابنا الجلل، ونقول حسبنا الله على من نشر على الفيس بوك ومواقع التواصل الأجتماعي كلمات وعبارات الشماته!  على مصيبتنا ونقول فهل سيلقى الشامتون كما لقينا. 
ليس جديدا على العراقيين أنفجار سيارة مفخخة هنا وعبوة هناك وحزام ناسف بين جموع الناس، فقد جبل هذا الشعب المظلوم وأعتاد على ذلك!!، كما أعتاد ان يرى منظر الموت والأشلاء المتقطعة والجثث المتفحمة وراء كل عمل أرهابي.
 ويكتفي العراقيين بعد ذلك بتنظيف المكان وأعادة بناء ما خلفه العمل الأرهابي من دمار وخراب! لتستمر معهم دورة الحياة بقليل من حلوها وكثير من مرها وألمها. كما صار يقينا عند العراقيين بأنهم شعب منسي!
 لا تهز فجائعه ضمير العالم والأنسانية ولا غيرة ومشاعر منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس المحامين والمدافعين الأشداء عن حقوق المجرمين والقتلة والأرهابيين!!.
 فالعراقيين أصابهم اليأس من أمكانية  تحسن الوضع الأمني في العراق الذي كان سيئا منذ 13 عاما وأستمر هكذا وسيظل! بسبب ضعف الحكومات التي قادت العراق من بعد سقوط النظام السابق وعدم كفاءة أجهزتها الأمنية والأستخبارية وعدم مهنيتها لكونها منخورة بالفساد وسرطان الطائفية والمحاصصة السياسية!.
 لذا سلموا العراقيين أمرهم الى الله، وكأن لسان حالهم يقول: ربنا لقد مسنا الظر وأنت أرحم الراحمين، وقد ضعف حالنا وقلة حيلتنا على ما نحن فيه، فنحن لا نستطيع أن نغير شيء مما نحن فيه وقد فوضنا أمرنا أليك، فهل انت لا تقدر ولا تستطيع ؟ حشاك يا ألهي؟!.
جاء أنفجار الكرادة ليلة السبت 2/7/2016 ليضيف ألما جديدا فوق تراكم آلامنا وحرقة بلسعة الجمر على قلوبنا المكلومة عندما  فقدنا أكثر من 200 شهيد وقرابة 230 جريح حسب وكالة الصحافة الفرنسية بعملية أرهابية نوعية!
 أختير لها المكان والتوقيت بدقة وعناية، في واحدة من أعرق مناطق بغداد وفي ذروة الأزدحام وتجمهر الناس للتبضع لقرب حلول عيد الفطر،ولحد هذا اليوم والناس لازالت تبحث عن ضحاياها!
 الذين فقدوا ولم يبق لهم أثر يذكر سوى قطعة ضغيرة من هوية، او بقية من قميص أو تيشرت أو حتى فردة حذاء!! علهم يستدلوا منها على أبنائهم!، بعد أن تناثرت جثثهم بين الأبنية وفوق الأسطح وتحت ركام الأبنية والمحلات التي تهدمت.
 بعد هذه المقدمة المؤلمة لفاجعتنا الرمضانية، عاد الجميع يسألون نفس سؤالهم السرمدي! الذي لم يجدوا له جوابا منذ 13 عام ولحد الآن وسوف لن يجدوا له جوابا أبدا!
 وهو كيف عبرت السيارة المفخخة كل هذه السيطرات ودخلت الكرادة هذا أذا علمنا بأنها جاءت من ديالى حسب تصريح وزير الداخلية!!؟ ولماذا تم فتح مداخل الكرادة قبل وقوع الحادث بنصف ساعة؟ بعد أن كانت مغلقة؟ ومن أصدر الأمر بذلك؟
 ثم لماذا هذا الأصرار والعناد على أستعمال مسدس (السونار أو ما يعرف آي دي آي) رغم فشل هذا الجهاز وعدم كفاءته؟ ومن يقف وراء سر صفقة الموت بشراء هذا الجهاز؟ والذي راح ضحيته عشرات اللألاف من العراقيين؟
 لقد كتبت أنا وغيري عشرات المقالات ونادينا وطالبنا بسحب هذا الجهاز وألغاء أستعماله، ولكن لم يستجب أحد لكل ما قيل وكتب عن فشل هذا الجهاز!!؟
 وهنا لا بد من الأشارة بأن بعض الصحف نشرت  قبل أيام خبرا عن ملف الفساد في موضوع صفقة شراء  مسدس (السونار) التي أسميها صفقة الموت!! والمعروضة أمام مفوضية النزاهة وأن التحقيق في هذا الملف قطع أشواطا طيبة!
 ولكن ظهرت مشكلة حسب ما جاء بالخبر! وهو ورود أسم أحد أعضاء مجلس النواب في تفاصيل الصفقة؟؟! مما يستدعي الكتابة الى مجلس النواب لغرض رفع الحصانة عن هذا النائب! ليتم بعد ذلك أستجوابه؟؟!
 وطبعا لم تشر الصحيفة التي نقلت الخبر من هو هذا النائب وما أسمه وشكله ومذهبه ودينه وطائفته وحزبه!!.
 نعود الى الموضوع، حيث يتفق الجميع بأن قرار رئيس الحكومة بألغاء أستعمال هذا الجهاز وفتح التحقيق في ملف صفقة شراءه هو قرار وأمر متأخر ومتأخرجدا؟
 والسؤال لرئيس الحكومة أين كان قرارك قبل هذا؟ هل كنت تنتظر فاجعة الكرادة لتصدر أوامرك بألغاء هذا الجهاز؟ ثم نسأل ما هو البديل عنه؟ ولماذا أصدرت أوامرك الآن بسرعة نصب سيارات السونار التي تم شرائها قبل مدة من الزمن؟
 وأين كنت قبل هذا من كل هذا؟ عجيب أمرك يارجل؟ أتلوم أهل الكرادة وكل الذين كانوا يوم الفجيعة بما فعلوا بك وبموكبك؟
 وهنا نسأل أيضا: أين كانوا حماية السيد عمار الحكيم صاحب النفوذ الأكبر في الكرادة وأين كانت مليشياته؟ لا سيما أن الكل يعرف أن منطقة الكرادة مقفولة! حصرا لعمار الحكيم وأتباعه وحزبه؟
 ثم نسأل: لماذا لم يفكر عمار الحكيم بشراء أجهزة (سونار حديثة أو أجهزة أستشعار عن بعد) ليس لحماية الكرادة وأهلها بل لحماية نفسه وحزبه وأتباعه؟
 وبعيدا عن تبني مجرمي داعش مسؤليتهم عن الأنفجار، ألا أن الشارع العراقي  وأهل الكرادة يشيرون بأصابع الأتهام أيضا الى الأحزاب السياسية التي تعيش صراعا مريرا وحرب تصفيات فيما بينها وحتى داخل الأئتلاف الواحد،
 كما الصراع الذي يعيشه التحالف الوطني الشيعي بين أتباع حزب الدعوة وبين اتباع التيار الصدري! والذي لم يعد خافيا على أحد بل أن الخلاف كثير ما تتداوله وسائل الأعلام والفضائيات!!، وقد أشار أهالي مدينة الصدر بعد الفواجع والنكبات التي مرت بهم الى أنهم ضحية الصراعات بين الأحزاب السياسية؟!.
أخيرا نقول: تبقى أسئلتنا معلقة وتحتاج الى جواب، رغم اننا نعرف بأن لا جواب على أية سؤال! لأننا نطارد خيط دخان!! ففي العراق (الطايح رايح والي يموت يموت من جيسة) كما نقول في امثلتنا الدارجة،
 وستنتهي حفلة عزائنا بمصابننا الجلل وكم من مصاب جلل مر علينا، أنسينا بأنه في يوم واحد أنفجرت في بغداد وحدها 17 سيارة مفخخة عندما كان الجعفري رئيس للحكومة!! وغيرها وغيرها الكثيرفقد ألهمنا الله نعمة النسيان،
 ولكن دعوني أقول لكم وبشيء من الألم بأنه لا شيء سيتغير حتى أن أستقال وزير الداخلية أو تم أقالة ضباط  أو تغيير بعض القيادات الأمنية سواء في وزارة الداخلية أو في عمليات بغداد،
 فنحن نبقى مشروع دائم للموت أن كان بسبب من عصابات داعش الأجرامية أم بسبب صراعات الأحزاب السياسية، ما دمنا بهذا الضعف وما دامت أمريكا وباقي دول الجوار تتدخل و تتحكم بالعراق وحسب مصالحها، وما دامت الحكومة والأحزاب السياسية جميعها وبلا أستثناء تفتقد الى ذرة من الوطنية والأنتماء لهذا الوطن!!. والله المستعان على ما يفعلون.                 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/06



كتابة تعليق لموضوع : هيروشيما الكرادة ومسدس السونار؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net