أيهما يجب ان ينفصل عن الاخر ...الدين ام السياسة ؟؟..
ابراهيم الشاهد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كثيرا ما تثير الانتباه واحدة من اكثر الافكار انتشارا الا وهي (فصل الدين عن الدولة – أو السياسة-) ولطالما تم الخوض كثيرا في هذا الموضوع والتعويل عليه كواحد من اهم اسباب تقدم الامم ورقيها كما يروج لذلك مؤيدوها ..
و مما لا شك فيه ان هذه النظرة تجذرت بشكل كبير على وقع الفشل المتكرر والحكم الغير المستقر الذي تقوده احزاب ذات صبغة دينية او المعروفة بــ ( الاسلام السياسي) والتي اوجدت لنفسها مقاربة غير منطقية ولا معقولة عندما ارتضت لنفسها التوفيق بين المظهر الاسلامي والجوهر الميكافيلي ..
ولان الاخير يعتمد على مبادئ اشهرها (الغاية تبرر الوسيلة ) – والتي شكل لصقها بالدين والتعامل معها كمبدأ ديني طامة فكرية كبرى - ، فان المسألة اضحت تعبيرا صارخا عن ازدواجية المعايير بين المتناقضين : الاسلام ومبادئ السياسة (الميكافيلية ).
ومن جملة المبررات المساقة لتعضيد الفكرة ايضا ، هي (قذارة) السياسة كما يقال ، والحرص على عدم تلويث مبادئ الدين الطاهرة والنقية بمبادئ لا تستند الى اسس موضوعية واخلاقية.
لقد وقع مؤيدو هذه الفكرة من العرب في ذات المستنقع الذي وقعت فيه اوروبا بعد ثورتها الصناعية قبل قرن ونيف ، فبعد ان ذاقت اوروبا ويلات النماذج البابوية الفاسدة التي اساءت استخدام الدين لشن الحروب وممارسة الاستبداد والعبودية والقهر وغيرها ، قررت اوروبا التخلص من الجمل بما حمل أي من الدين ومؤسساته بكاملها !! وراجت من هناك فكرة (الدولة المدنية ) او فكرة فصل الدين عن الدولة .
ان مبادئ المواطنة والمساواة وقواعد الحكم الرشيد كلها مبادئ رسختها الاديان السماوية قبل ان ينسبها منظرو الفكر السياسي لانفسهم ، ولكن و للاسف الشديد يتم استغلال النماذج الفاسدة التي ارتدت ثوب الدين و ادعت انها ترجع اليه في عملها وفكرها ، مازجة معه مبادئ الميكافيلية التي تمثل دستور اغلب السياسيين حول العالم وقدمته سماً معسولاً يساق الى الغالبية العظمى من الناس تحت شعار الحرية والديمقراطية والمواطنة .
ويبدو ان النزعة التسلطية لدى كثير من النخب السياسية التي تريد العمل وفق قواعد مشوهة وقذرة وتستخدم اساليب ملتوية لتحقيق مكاسبها ، لا يروق لها ان تحتكم الى قواعد الدين الذي يضع معايير مبدأية تجعل العمل السياسي او منظومة الدولة في اطارها العام قائمة على فلسفة اخلاقية انسانية بدل الفلسفة النفعية التي تبيح التعامل حتى مع السيطان في سبيل تحقيق هدفها ، فراحت تروج لذلك مستغلة ايضاً النماذج الفاسدة التي اشرنا اليها .
من كل ذلك ، تبرز اسئلة مهمة مفادها : هل من الممكن ان تصبح العملية معكوسة ، أي فصل الدولة عن الدين وليس العكس؟؟ هل المطلوب ان يصبح الدين مجرد طقوس عبادية ومرجعا لمعاملات الاحوال الشخصية فحسب ؟واذا كان هذا هو المراد ، هل كانت الارادة الالهية التي انزلت كل هذا الكم من الشرائع السماوية تبغي هذه النواحي الشكلية فقط ؟؟ ثم لماذا يتم اخذ الدين بالكامل بجريرة من اساؤوا استخدامه وتطبيق تعاليمه؟ وهل اصبح الدين مرضاً وبائياً ينتقل بالعدوى ولذا يجب عزله في زاوية ضيقة ؟ ام انها مجرد مناورة سياسية من الدولة للسيطرة على الدين وجعله اداة طيعة يتم اللجوء اليها واستخدامها وقت اللزوم ؟؟ .
4/نيسان/2016