ماذا حل بك أيها المعظم , وكيف دارت بك رحى الأيام , حتى وصل بك الحال إلى ما هو عليه اليوم , أصحيح ما قيل عنك وعن فضلك وما يروى؟ أم أن ذاك وهم عاشق وما يهوى, وليس من قانون يحكم سيرة العشاق! "أم انه بعد المدى فتضخمت صور.. وتخدع بالبعيد عيون" فراحوا يسطرون فيك ما سطروا ويقولون ما قالوا ويقبلون جدرانك لا حبا بها وإنما بساكنيها في غابر الأيام وسالفات الدهور , ومن أريقت دمائهم , وأزهقت أرواحهم , في محرابك , وصنعت بها مجدك , ومن ملأت كلماتهم وترانيمهم , زوايا جدرانك الشامخات ..الم يصلي فيك ألف نبي وألف وصي , أين آثارهم أين صورهم أين صوتهم وصداهم , وهل لازال المصلون عندك مخيرون بين القصر والتمام وهل لازال من قائل فيك يقول "سلوني قبل ان تفقدوني" وماذا لو انبرى له من يسأله عن تعداد شعر رأسه ولحيته , ايبقى له لسان يسأل به , بل هل يبقى رأسه على قامته ؟ أين مالك الاشتر ما عدنا نسمع صيحاته في إرجائك ولا صداه وهو يثور بوجه الولاة البغاة؟ وأين سيفه المشهور؟ هل طاب له غمده ! أو عله مازال حاملا عهده , بأرض الكنانة يطبقه , وربما تجرع السم حقا , فللشيطان جنود من عسل, وأين عمار هل شرب كأسه وارتوى , وهل قتلته الفئة الباغية يا ترى؟ وأين ميثم التمار أما آن له أن يترجل عن فرسه , وينزل من جذعه ؟ ولكن أنّا له ذلك وقد قطعت رجله ويده , وبتر لسانه , وفرق بين رأسه وجسده.!.وما خبر حجر وصحبه, هل تبرأ من إمامه ومعلمه ,ورضي بسبه , وقارنه بغاصبي حقه , وخائني رسوله ؟أم فضل حرارة السيف , على الإقرار بالهوان والحيف!..وأنت يا أبا علي الوشّاء أين شيوخك التسعمائة الذين رأيتهم في مسجد الكوفة , يحدثون الناس عن علوم الصادق والباقر , ماذا بقي من أحاديثهم وعلومهم , أيعقل أن جمع الجهلاء هذا هو نتاج تلك العلوم التي تلقوها عن جعفر وأبو جعفر!! والمختار أين المختار ابن أبي عبيدة قاتل الفيلة , وأين إبراهيم ابن الاشتر ديك أهل العراق ؟ لماذا لم تعد ترتقي منبر الكوفة فتلقي كلماتك تلك التي يترجمها جنودك وأتباعك صواعق محرقات على رؤوس قاتلي أبناء نبيهم آله , هل اكتفيت من القتل والقتال , وطبقت الشعار, وأخذت بالثار, وأفنيت الأشرار وقطعت أصلاب الفجار , أم انه صحيح ما يقال عن خيانة ألمّت بك وأدت إلى مقتلك وفناء دولتك؟ لعله صحيح ! ولكن كيف تفنى دولة أرسى دعائمها محمد وعلي كيف تفنى؟
ماذا حل بك يا ذكرى علي وأبناء علي وأنصار علي , ويا مهد البلاغة ونهجها وفن الخطابة وسحرها , هل حقا هنا ألقيت الخطبة العصماء والشقشقية وبداية الخلق وغيرها , وهل هذا محل تدوين كتاب العهد العظيم للاشتر حين بُعِث واليا على مصر , او كتاب عثمان ابن حنيف حيث وُبِّخ عُنِّف , وهل هنا خر همام صريعا من هول الكلمات وشدة الصور ودقة التوصيفات , كيف سمحت بان يرتقيك من لا عهد له ولو بشيء يسير من أصول الفصاحة وفنون البلاغة وحسن البيان ! ولكن ماذا عساك تقول وليس لديك لسان ماذا عساك !!
كرار حسن .. كاتب صحفي
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat