كانوا حاضرين، من الوهلة الأولى، وحتى ما قبلها، لم يخافوا العقاب، ولم يتواروا عن الأنظار، ولم يتنصلوا من المسئولية، وتستر عليهم الجميع، هم مقيمون معنا، بالهيئة أو الصورة، بالفعل أو الفكر، حتى تظنهم من أهل البيت، ننام ونفيق على ذكرهم، كلامهم مسموع، وأمرهم مطاع، قلة من يجرؤون على انتقادهم، والحاضر والماضي شاهدان على سطوتهم ونفوذهم المتغلغل حتى العروق.
ثلاثة اشتركوا في مجزرة التاجي، القبلية والتاريخ وكهان السوء، واشهد على مشاركتهم في الجريمة، بالكلمة واليد، بالتحريض والفعل، وهذه هي أدلتي.
القبلية هي تراث مرحلة الهمجية في تاريخ الإنسانية، وهي العدو الأساسي للإسلام وقيمه السمحاء، وعندما خير الأجداد بعد وفاة الرسول الأعظم بين قيم الإسلام في العدالة والمساواة والحرية والأمة وأن لا تزر وازرة وزر أخرى وبين أعراف القبلية في تسلط الأقوياء وظلمهم الضعفاء والغزو والنهب والسلب والطبقية والتفاخر بالأنساب والتنابز بالألقاب وسخرية قوم من قوم والاستعباد وظلم المرأة والعصبية القبلية والنخبوية وفي الجريرة تشترك العشيرة اختار الغالبية العظمى منهم القبلية واعرافها، وفضلوها على الإسلام وقيمه الإنسانية، تلك هي الردة الأخطر، التي وضعت تطبيق الرسالة الإسلامية على مسار منحرف، وهي قائمة حتى يومنا هذا، لذا القبليون أقرب لدين القبلية منه إلى دين محمد، والقبلية كانت حاضرة بكل ثقلها الهمجي في التاجي حينما وقعت المجزرة، وأجزم أن السفاحين لبوا نخوة القبلية، وطبقوا أعرافها، وجاشت نفوسهم بعصبيتها، ورفعوا بيارقها، وكانوا مهووسين بهوساتها، هي العشيرة المشتركة في الجريرة، وهو عرفهم والدليل على جرمها، لذا تستحق الصعود إلى المشنقة مع السفاحين.
يعرف التاريخ بأنه سجل أفعال الأقوياء، لذا كل صفحاته تقريباً سوداء بالجور، حمراء بالدم، وكذلك تاريخ العرب، إلا ما ندر، وعلى الرغم من سواده وحمرته تفاخروا به، لذا كان لا بد لهم أن يصابوا بعمى الالوان، صيروا الاسود ابيضاً، وصبغوا الأحمر أخضراً، لولا أن زوروا التاريخ لما استطاعوا زيارته، فالسلف صالح ولو فتحوا واستعبدوا وغنموا، وهم مبرؤون ولو اثاروا الفتن، وسفكوا الدماء، وانحازوا للباغين، وأسسوا ملكاً عضوضاً، وهم خير القرون على رغم سوء الأفعال، كانوا ومازالوا يسقطون سقطاتهم واخفاقاتهم على الغير، أفشوا الفحشاء في مجتمعهم وألقوا باللائمة على الموالي، فرقوا دينهم شيعاً وأحزاباً واتهموا الشيعة بذلك، سيطر عليهم عبيدهم الأتراك فجأروا بالشكوى من الفرس، خان سلطانهم الأمانة فألصقوا الخيانة بوزيره، نبذ الأتراك حروف لغتهم العربية لكنهم لا يرون غير الفرس شعوبيين وعنصريين، هم أصحاب المنهج الانتقائي في قراءة التاريخ، يوافقون على ما يوافق أهواءهم ومصالحهم ومذاهبهم، ويرفضون ما عداه، لذا كانت دعوة صنمهم الطاغية التكريتي إلى إعادة كتابة التاريخ، ليمحوا الأسود ويخضروا الأحمر، وسفاحو التاجي من صنع هذا التاريخ، هم ورثة الخوارج وتلاميذ قتلة الحسين وأجدادهم صلبوا زيد بن علي، وإذا كان سلفهم الصالح يقتل وينهب ويغتصب ويسبي فهم على آثارهم سائرون، تباً لهم ولتاريخهم، لذا يتوجب التفاف حبل المشنقة حول هذا التاريخ المشوه ورموزه القبيحة.
قبل الإسلام كان هنالك كهان في الجزيرة، وبعد الإسلام ظهر كهان، ولكن بمظاهر مختلفة، كهان ما قبل وبعد الإسلام تجمعهم المصالح، وخدمة الأقوياء، وطاعة الحكام، أولهم أفتى بطاعة أولي الأمر ولو جاروا وقتلوا ونهبوا، فكانت البداية وسار على ضلاله كثيرون، ليكملوا ما بدأه، حتى أفرغوا الدين من جوهره وهو العدل، ولم يبقوا منه سوى هيكل من الشعائر والطقوس وأحكام الأحوال الشخصية، وكان كهان السوء بل الشيطان أول المسارعين لنصرة الحكام الجائرين بالفتاوى التكفيرية، وكل من تجرأ على انتقاد حاكم متحالف معهم أفتوا بكفره، وكل من حاول كشف ضلالهم ودجلهم أحلوا ماله وعرضه، وكل من رفض انحراف تاريخهم وصموه بالرافضي، وإن اهملهم الحكام ولم ينصاعوا لرغباتهم قالوا: \"اقتلوا فلاناً فقد كفر فلان!\"، وسفاحو التاجي هم اتباع هؤلاء الكهان، والمطيعون لأوامرهم، والمنفذون لفتاويهم، لذا لا غرابة لو رددوا الله أكبر وهم يرمون بالأطفال الأبرياء في النهر، وأن يترحموا على ابن تيمية وابن عبد الوهاب وهم يذبحون الرجال العزل، وهم وكهانهم أهانوا أم المؤمنين عائشة ساعة اغتصابهم العروس وتقطيع جسدها، وبعد كل هذا قليل وقليل جداً على كهان الشيطان في العراق والسعودية وغيرها لو شنقوا مع شركائهم سفاحي التاجي.
اقول للسياسيين الذين ارتضوا المصالحة مع الإرهابيين، وقبلوا بعودة البعثيين، وعطلوا الاقتصاص من السفاحين، وامتنعوا عن التوقيع على أحكام الإعدام حذار حذار فأنتم تخاطرون بالصعود إلى المشانق معهم، ونحن اهل الضحايا لن نعفوا ولن ننسى، وإن غداً لناظره قريب.
22 حزيران 2011م

التعليقات
يوجد 2 تعليق على هذا المقال.
دكتور دخل أللة ودخلك
رد
والذي يقتل موحد فانهخالد في النار
ولا حرمة اكثر من حرمة مسلم وانت استاذ جامعي ووتعرف من كان يسفك دماء الفقراء من الجيش العراقي من الذين ليبس لديهم ما يدفعوه رشاوي او بدل نقدي في اهوار الناصرية وميسان ومنهم من يقول اشهد ان عليا ولي الله واين انت من الثمنمائة شيعي سحقهم ابو اسراء مع الة الشيطان الاكبر الحربية في الزركة واريدك ان تمر على وادي السلام وتنظر الى مقبرة اتباع التيار الصدري ممن سقطو ا في صولة فرسان اصحاب المظلومية من قتلهم وباي ذنب قتلوا وهم من الفقراء والمسحوقين ومنهم كان يرزح في سجون صدام وكان شعارهم ماكو ولي الا علي ونريد قائد جعفري اريد ان تمر اتيضا على مكاتب الاحزاب الدينية وترى العدالة في التعيينات واستلام المناصب والاموال وان تر ى الغنى الفاحش الذي ظهر على المجاهدين فجاة وبعدها اريد منك ان تقرا قليلا كتاب الامام علي -ع - الى واليه على البصرة عبدالله بن حنيف الموجود في كتاب نهج البلاغة هل حقق المجاهدين الجدد منه شيئا اكرر كفاكم صب الزيت على النار فقد تبين زيف الشعارات وظهر الجميعهم طلاب سلطة وجاه ولعلك منهم او من اغدقت علية بركات المحاصصة المقيتة الفتنة نائمة لعن الله من ايقضها