صفحة الكاتب : محمد كاظم الحميداوي

العرب والموالي في نهضة المختار - الحلقة الثانية
محمد كاظم الحميداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كَيْسان ابو عمرة
---------------------
يظهر من خير الدين الزركلي في الاعلام ج 3ص176 ان اسمه عبد الرحمن بن ابي الكنود ،وقد وصفته بعض الروايات ب ( رجل قصير يتخشخش في الحديد ) (تخشخش السلاح: سمع له صوت عند اصطكاكه ).امالي الشيخ الطوسي ص243
اعتبره فلهوزن في الخوارج والشيعة ص240 (.....زعيماً للموالي.......).
كان احد الخمسة الذين شهدوا على كتاب مفترض من محمد بن الحنفية للمختار يفوضه فيه امر القصاص من قتلة ابي عبد الله الحسين -ع- : (فقال الشعبي ...... وكنت انا ويزيد بن أنس الاسدي واحمر بن سليط وَعبد الله بن كامل وأبو عمرة كيسان مولى بجيلة الذي يقول الناس قد جاوره ابو عمرة وكان من بعد ذلك على شرطة المختار ) الاخبار الطوال للدينوري ص297
ويبدو انه كان يثق بالمختار ثقة مطلقة حتى ان الشعبي لما شك في صحة الكتاب السالف ولم تطمئن نفسه بتكرار شهادة المذكورين بعد ان قصدهم رجلاً رجلاً في منازلهم عقب على ذلك قائلاً :
(.... فقلت في نفسي ان لم استعلمها من العجمي يعني ابو عمرة لم أطمع فيها من غيره فأتيته في منزله فقلت ما اخوفني من عاقبة امرنا هذا ان ينصب الناس جميعا لنا فهل شهدت محمد بن الحنفية حين كتب ذلك الكتاب فقال والله ما شهدته حين كتب غير ان ابا اسحاق يعني المختار عندنا ثقة وقد أتانا بعلامات من ابن الحنفية فصدقناه .....) المصدر نفسه ص298
وفي المقابل فقد كان ابو عمرة ( صاحب سره -المختار -والغالب على أمره ) على حد تعبير الكشي في رجاله ج2 ص120
 
قد جاوره ابو عمرة !
-----------------
كأن كَيسان ابا عمرة قد أُنيطت به مهمة ملاحقة قتلة الحسين -ع- فبرع في هذا المهمة غاية البراعة بل تجاوز فيها الحد حتى قالوا :
(......وكان لا يبلغه شيء عن رجل من أعداء الحسين (عليه السلام) أنه في دار أو موضع إلا قصده وهدم الدار بأسرها وقتل كل من فيها من ذي روح، وكل دار بالكوفة خراب فهي مما هدمها؛ وأهل الكوفة يضربون به المثل، فإذا افتقر بها إنسان قالوا: " دخل أبو عمرة بيته " قال فيه الشاعر:
إبليس بما فيه خير من أبي عمرة * يغويك ويطغيك ولا يعطيك كسرة )
رجال الكشي - مصدر سابق
يذكر الدينوري ان المختار أمره بهدم دور من خرج الى قتال الحسين -ع- وان يستعين على ذلك بألف من الفعَلة ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري فجعل يدور بالكوفة على دورهم فيهدم الدار في لحظة فمن خرج اليه منهم قتله حتى هدم دوراً كثيرة وقتل اناساً كثيراً وجعل يطلب ويستقصي فمن ظفر به قتله وجعل ماله وعطاءه لرجل من أبناء العجم الذين كانوا معه ) الاخبار الطوال للدينوري ص300.
 
مضافاً الى هذا الإجمال فقد ذكر لنا التاريخ ابرز من قُتِلَ على يدي ابي عمرة من قتلة الحسين -ع- او من كان سبباً في قتله :
شمر بن ذي الجوشن
-------------------
قال عنه المختار كما في الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج 6 - الصفحة 266
( فاني ما اعرف من قاتل الحسين بن علي أعتى منه ولا أشد بغضا لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
وهناك بعض الاختلافات في تفاصيل مقتل هذا الخبيث وفي جميعها حضر كَيسان ابو عمرة !
الشيخ الطوسي -قد- في أماليه يقول :
(... وطلب المختار شمر بن ذي الجوشن فهرب الى البادية , فسعي به الى ابي عمرة , فخرج اليه مع نفر مـن اصـحابه فقاتلهم قتالا شديدا فاثخنته الجراحة , فاخذه ابو عمرة اسيرا, وبعث به الى المختار فضرب عنقه , واغلى له دهنا في قدر وقذفه فيها فتفسخ , ووطئ مولى لال حارثة بن مضرب وجهه وراسـه ......) آمالي الشيخ الطوسي ص244 .
بينما يذكر ابن كثير في البداية والنهاية - ج 8 - الصفحة 298
(...... فلما كان الليل كابسهم أبو عمرة في الخيل فأعجلهم أن يركبوا أو يلبسوا أسلحتهم، وثار إليهم شمر بن ذي الجوشن فطاعنهم برمحه وهو عريان ثم دخل خيمته فاستخرج منها سيفا ....... ثم ما زال يناضل عن نفسه حتى قتل، فلما سمع أصحابه وهم منهزمون صوت التكبير وقول أصحاب المختار الله أكبر قتل الخبيث عرفوا أنه قد قتل قبحه الله).
 
ويفصل خير الدين الزركلي في الأعلام - ج 3 - الصفحة 176
( لما قام المختار الثقفي بتتبع قتلة الحسين، طلب الشمر في جملتهم، فخرج من الكوفة، فوجه إليه بعض رجاله وعليهم غلام له اسمه (زربي)- عمود الذهب- فقتله شمر، وسار إلى (الكلتانية) من قرى خوزستان - بين السوس والصيمرة - ففاجأه جمع من رجال المختار يتقدمهم أبو عمرة، عبد الرحمن ابن أبي الكنود، فبرز لهم شمر، قبل أن يتمكن من لبس ثيابه وسلاحه، فطاعنهم قليلا ثم ألقى الرمح وأخذ السيف فقاتلهم، وتمكن منه أبو عمرة فقتله، وألقيت جثته للكلاب.......).
ويضيف السيد محسن الامين العاملي في اصدق الاخبار ص69 :
(... ذبحه ذبحا كما ذبح الحسين عليه السلام وأوطأوا الخيل صدر شمر وظهره ثم ألقيت جثته للكلاب وباء في الدنيا قبل الآخرة بالذل وسوء العذاب وقطعوا رأسه وأرسلوه إلى المختار ...).
 
عمر بن سعد
-------------
 
ابن الأثير في تاريخه ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري قال عبد الله بن شريك أدركت أصحاب الأردية المعلمة وأصحاب البرانس السود من أصحاب السواري إذا مر بهم عمر بن سعد قالوا هذا قاتل الحسين (ع) وذلك قبل ان يقتله وقال ابن سيرين قال علي (ع) لعمر بن سعد كيف أنت إذا قمت مقاما تخير فيه بين الجنة والنار فتختار النار ). المصدر نفسه ص73
في تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج 45 - الصفحة 58:
(....وفي سنة ست وستين قتل المختار حين غلب على الكوفة عمر بن سعد بن أبي إ وقاص وابنه حفص بن عمر الذي ولي قتل عمر أبو عمرة كيسان مولى عرينة قتله على فراشه بأمر المختار ).
ويسجل السيد محسن الامين العاملي -قد- في مصدر سابق ص75 (....وظهر بذلك تصديق قول الحسين (ع) لابن سعد وسلط الله عليك من يذبحك بعدي على فراشك) فكأن الله استجاب دعاء الحسين -ع- على يدي هذا العجمي كما عبر عنه الشعبي في كلمته المتقدم ذكرها!
وللدينوري في الاخبار الطوال ص308 رواية اخرى لمقتل عمر بن سعد :
(.... وبلغ المختار ان شبث بن ربعي وعمرو بن الحجاج ومحمد بن الأشعث مع عمر بن سعد قد اخذوا في طريق البصرة في أناس معهم من إشراف اهل الكوفة فأرسل في طلبهم رجلاً من خاصته يسمى ابا القلوص الشبامي في جريدة خَيل فلحقهم بناحية المذار فواقعوه ساعة ثم انهزموا ووقع في يده عمر بن سعد ونجا الباقون فأتى به المختار فقال الحمد لله الذي أمكن منك والله لاشفين قلوب ال محمد بسفك دمك ياكَيسان اضرب عنقه فضرب عنقه ....).
 
خولي بن يزيد الاصبحي
-----------------------
وهو الذي جاء برأس الحسين -ع- ،ولما احاط ابو عمرة بداره اختفى في بيت الخلاء وخرجت امرأته وكانت محبة لأهل البيت -ع- فسالت ابا عمرة وجماعته عما يريدون فقالوا لها اين زوجك ؟ فقالت لا ادري اين هو واشارت بيدها الى بيت الخلاء فدخلوا فوجدوه وقد وضع على راْسه قوصرة ( وهي مايصنع من ورق النخل ليوضع فيه التمر) فاخرجوه فقتل واحرق الى جنب بيته وبحضور المختار نفسه . الأمالي ص244
قيس بن الأشعث
----------------
وقد قتله ابو عمرة بحيلة علمه إياها المختار ،فان قيساً هذا قد استجار بعبد الله بن كامل وهو من خواص المختار فجاء يطلب منه امضاء الجوار ( فسكت عنه المختار مليا وشغله بالحديث ثم قال ارني خاتمك فناوله إياه فجعله في إصبعه طويلاً ثم دعا ابا عمرة فدفع اليه الخاتم وقال له سراً انطلق الى امرأة عبد الله بن كامل فقل لها هذا خاتم بعلك علامة لتدخليني الى قيس بن الأشعث فاني اريد مناظرته في بعض الأمور التي فيها خلاصه من المختار فأدخلته اليه فانتضى سيفه فضرب عنقه وأخذ راْسه فأتى به المختار فالقاه بين يديه فقال المختار هذا بقطيفة الحسين ،وذلك ان قيس بن الأشعث اخذ قطيفة كانت للحسين حين قُتِلَ فكان يسمى قيس قطيفة ....) الاخبار الطوال ص309
 
لم اجد لابي عمرة في حدود المصادر التي بين يدي ذكراً بعد المعركة الفاصلة مع جيش مصعب والتي قُتِلَ على اثرها كبار اصحاب المختار كأحمر بن شميط او سليط وعبد الله بن كامل الشاكري ،ويبدو انه من المقتولين فانه كان في تلك المعركة على الموالي( الطبري ج4ص560) وهولاء تعرضوا لمذبحة مرّوعة قال عنها الطبري ج4ص561 ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري فلم ينج من ذلك الجيش إلا طائفة من أصحاب الخيل وأما رجالتهم فأبيدوا إلا قليلا ) ومعلوم ان الموالي تعرضوا لخيانة جعلتهم يقاتلون راجلين مقدمة لإبادتهم !
المصدر نفسه ص560
ومما يدمي القلب ويذهب النفس حسرات ان تكون هذه نهاية جيش كان يدعو خصمه ( إلى كتاب الله وسنة رسوله وإلى بيعة الأمير المختار وإلى أن نجعل هذا الامر شورى في آل الرسول فمن زعم من الناس أن أحدا ينبغي له أن يتولى عليهم برئنا منه وجاهدناه ) بينما يدعوه ذلك الخصم الى :(إلى كتاب الله وسنة رسوله وإلى بيعة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير )!
لكن الله يحكم لا معقب لحكمه ( اذْ كانَتِ الاَْرْضُ للهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ، وَسُبْحانَ رَبِّنا اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً، وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم الحميداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/31



كتابة تعليق لموضوع : العرب والموالي في نهضة المختار - الحلقة الثانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net