صفحة الكاتب : صالح الطائي

الحسين بيننا في كل حين
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إن الحسين ليس مجرد جسد أو اسم أو معنى أو مكان أو زمان؛ لأن جوهر الأكوان كله تجسد في الحسين، ولذا لم يكن الحسين مجرد ثورة شبت، وسرعان ما خبت وكأنها نار قصب، وإنما هو قبس نور من نور الله، ومن نور الحقيقة، ومن نور اليقين، ومن نور الأنوار، أشرق في كربلاء ليرشد الآدميين إلى دروب اليقين في الأرض والسماء، فالحسين مصباح الهدى الذي انزله الله رحمة للعالمين ليرشد بنوره التائهين، وينبه الغافلين، والحسين سفينة الله التي تدور في أرجاء الدنيا لتنتشل الغرقى من بحار الجهل والضياع، سواء في الصحراء أو في مجاهل أفريقيا أو في ثلوج القطبين. والحسين لقمة الهناء التي تسد عوز الجياع في العالم، الحسين الدفء الذي يقي المسحوقين من زمهرير الظلم، الحسين الفرحة لقلوب سكنتها الخيبة حينما بحثت فلم تجد لديها من العطاء شيء.

ثورة الحسين لا تقاس بزمن، فالساعة فيها قرن كاملا والدقيقة فيها عصر أكمل، ولا تحسب بحسابات الدنيا فالدنيا كل الدنيا شهقة من شهقات الحسين، ثورة الحسين لم تنطلق من المدينة إلى مكة لتستقر في كربلاء ليحدها المكان والزمان، وإنما انطلقت مذ نفخ الله الروح في آدم لتبارك له ميلاده، ورافقت الأنبياء في كل خطاهم على الأرض، تشهد ميلادهم وجهادهم واستشهادهم، ثورة الحسين هي التي احتضنت عليا وهو يجود بروحه بعد أن طبره أشقاها، لتعلن بعد ذلك التصدي لمسك زمام الأمر؛ وهي مرحلة التحول من الحضور الكلي إلى حضرة الذكرى المتجددة؛ التي يعيش فيها الحسين معنا امتحانا لا يستحق المخلوق فيه شرف إنسانيته إلا بعد أن يجتازه، منتظرا ولده القائم مثلنا ليبارك له ميلاد الثورة وانتصار الأمل الموعود.  
إن الحسين أشعل بثورته روح الأصالة والتحدي والكبرياء في كل الضمائر الحية، وثورة الحسين كلمة حق كانت ولا زالت الأصداء تردد نداءها، ثورة الحسين لم تعلمنا حب الموت من اجل الحياة فحسب وإنما علمتنا أن العظماء وحدهم تخلد أعمالهم في حياتهم وبعد موتهم، في مقرهم ومستقرهم.
عطش الحسين علمنا أن العطش لفعل الخير والدفاع عن المظلومين ومقارعة الظلم هو سبيل الجنة الأوسع، وتضحية الحسين علمتنا أن كل جواهر ونفائس وذهب الدنيا أتفه من نسمة عذبة من أنسام الجنة.
أعداء الحسين علمونا أن صراع الخير والشر لن ينتهي، وأن للظالم جولة وللمظلوم الانتصار والخلود والبقاء.
حتى الخيول التي داست صدر الحسين علمتنا أن العظماء يبقون عظماء مهما تكالب عليهم الأعداء، وان العظيم إذا سقط مضرجا بدمه، وداست جسده نفثة الحقد الأسود، يشرق يوم الحق شموسا لا تغيب، ولهذا نجد في كل زمان حسينا ويزيد، ليس حسينا واحدا وإنما بلا عدد، فكل إنسان منا بوسعه أن يكون حسينا إذا فهم الحسين، وسار على خطى الحسين، وعاش مثل الحسين، وجاهد مثل الحسين، ومات دفاعا عن المبدأ مثل الحسين، فالحسين هو جانب الحياة المشرق، وأعداء الحسين هم الظلمة التي يهزمها نور الحقيقة، فلا يبقى لها أثرا.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/23



كتابة تعليق لموضوع : الحسين بيننا في كل حين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net