تميّزت الدولة العراقية بالإعوجاج التأسيسي, سيما في الفترة التي تلت سقوط الحقبة الملكية وبداية الجمهوريات القائمة, في غالبها, على الدم والبارود. تنقّلت الدولة بين أحضان الآيدلوجيات المتناقضة, وهذا التنقّل جمّد ظاهرة البحث عن الحقيقة, وحرّك ظاهرة الإنتقام والثأر ضد الخصوم؛ فكانت المحاكم سمة مائزة رافقت عقود طويلة من عمر الدولة العراقية الحديثة!..
تارة تكون تلك المحاكم مستهدفة لحاكم منقلب عليه, وأخرى لتحجيم دور خصم سياسي أو ديني, وثالثة لكبح توجّه معيّن داخل الحزب الواحد, كما حصل في مهزلة قاعة الخلد..طابع الإنتقام ولون الدم, هو الشعار والسبب والنتيجة التي تأسست وفقها تلك المحاكم. ذلك عهدٌ مضى دون أن تنتهي علاماته!..
عناصر العقل العراق ما زالت تستحضر مراس تلك الحقبة, في تفكيرها السلبي والإيجابي, رغم خروج الدولة من عصر الأدلجة ودخولها الرسمي والدستوري في إطار الدولة المدنية. إنّ الدولة الدستورية المدنية لا بدّ أن تنتهج أبسط صفات وعلامات ذلك المفهوم, فالمسؤول ليس رمزاً والمسؤولية ليست شرفاً؛ إنما وضوح الكلمة بأبعادها اللغوية يجعل المتصدّي (يتحمّل المسؤولية).
سنوات فساد طويلة, وعهد كامل من فشل مخزي تحوّل إلى مأساة كوميدية..فماذا أمامنا لنطرح عليه تساؤلات كثيرة, هل القدر أم عواصم العالم الهادئ؟!..
بهدوء يجب تركيب المشهد, فالمسؤول حامل مسؤولية, وبمعنى أوضح "يتحمّل مسؤولية". لقد فشلت الدولة في إنجاز مهامها لفترتين متعاقبتين في ظل سلطة رجل معروف بأسمه وعنوانه (نوري المالكي), وهذا الرجل لم يقدم مبرراً واحداً لإسباب الفشل والفساد أو على أقل التقادير, تفسيّراً لسقوط ثلث مساحة العراق!..
إنّ المبرر أو التفسير ينبغي أن يرتقي لمستوى الحدث, لا أن يبقى يدور في الأطر الدعائية موفراً مادة إعلامية لفضائيات متصارعة, وجمهور منقسم بين سماع هذا أو ذاك؛ إذ لا قيمة قانونية أو أخلاقية أو تاريخية لتلك التبريرات الساعية لشغاف قلوب البسطاء.
سقطت مدن كثيرة بيد الإرهاب, وسُرقت أمولٌ أكثر, ولم يتحقق شيء من سنوات تراكمت بها ميزانيات دون حساب؛ وما زال المالكي ساعياً للتسابق نحو (زعامة) لا يقوى على أداء دورها, وقد يبقى في موقع يوفّر له قصراً مرموقاً, غير أنّ لعنة التاريخ ستلاحقه منذ اللحظة الأولى لتوثيقها..سبيل واحد مختصر يمكّنه التخلّص من عبأ تلك اللحظة وتبعاتها؛ المثول أمام القضاء إن كان واثقاً من نجاحه وصادقاً فيما يذكره أمام الإعلام, بشرط أن تُطهّر المؤسسة القضائية من أدرانها..الدولة لم تعد إنقلابية, فلماذا يخشى المواجهة؟!

التعليقات
يوجد 5 تعليق على هذا المقال.
ان الاصرار على الكلام بهذا لا يعني ان ليس هناك اخطاء من ايران والعقل والفعل لا يعذر ايا من دول الحوار او غيره مما جرى ويجري في العراق سواء قبل 2003م واو بعده.
دائما يتصور البعض ان من يقول كلام يختلف عما يؤمنون هم به يرجعون اختلاف الكلام ويصفونه بالكراهية او الحقد هو نوع من الغشاوه على بصيرتهم واعينهم.
وما القول بـ (وتٱوي ٱزلام النظام السابق وتشجع نشاطهم التٱمري وتضع بين ٱيديهم كل الامكانات .)
ان الذين آوتهم ايران قبل 2003م وما انفكت من مساندتهم بعده اليسوا منهم من تأمر على العراق وعلى شعبه، ومنذ 2003م ولغاية الان اليس ممن في الحكم او المسؤلية اكثر اجراما او مساويا بالجرم لآ ؤلئك ممن ذكرتهم في بعض الأقطار العربية الاخرى من ازلام النظام كما وصفتهم؟
ان ازلام النظام هل تم تقديم الأدلة ومحاكمتهم في قضاء عادل وعلى الأقل غيابيا واصدار الاحكام عليهم ومطالبة المنطمات الدولية لغرض ملاحقت المجرمين، ام هي رمي اتهامات هنا وهناك؟
النهب وا لسرقة و التقتيل اليومي للعراقيين لا يمكن ان ترميه على جهات اخرى وننسى ممن في موقع المسؤولية والحكم وهو غير قادر او مبالي لما يجري والإ ما جرى من اتى ببكبات تويوتا عليها دوشكات ولبسو السواد كوجوهم واذا قطعات عسكرية مسلحة واجبها حماية الوطن والعراقيين تهزم او تأمر بمغادرة اراضيها وتتركها لقطعان مجرمة ولحد الان لم يقدم احد للمحاكمة والعراقيين يعانون او يقتلون يوميا والكل يناقش او ويتحاورون من المسؤول وكان الموضوع هو حزورة؟
السلام عليكم
مع الدعاء لكم بالتوفيق والنجاح
المقال أعلاه ليش عائد لي ، راجيا تصحيح الامر مع التقدير
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته تم التعديل ونعتذر على الاشتباه الذي حصل
ادارة الموقع
السلام عليكم ..
ٱيران ٱلٱسلامية تقف مع الشعب العراقي .ضد ٱعداءه وتساعده في كل المجالات .عكس دول العماله العربية التي تتٱمر على وحدته وٱرضه .وتغذي بالاموال ٱلٱرهاب لقتل الشعب .وتٱوي ٱزلام النظام السابق وتشجع نشاطهم التٱمري وتضع بين ٱيديهم كل الامكانات .
ودماء ٱلأيرانين ٱختلطت مع دماء العراقيين وهم يتصدون لعناصر الارهاب في سامرء وغيرها من مناطق الصراع .
ولولا الدعم الايراني للشعب العراقي .الداعم الوحيد له ..لربما تغيرت قواعد اللعب .
كان ٱلٱحرى بك مطالبة الدول العربية بتسليم مجرمي الحرب من ٱزلام النظام السابق وٱعوانه ووقف دعمها لهم .
لاٱن ٱيران تعرف واجبها الشرعي ولاتحتاج الى من يذكرها .ٱو يلقي عليها عضة كهنوتية في غير محلها .
فالدوله التي وقفت بوجه ٱلٱستكبار العالمي ومرغة ٱنفه وٱجبرته على ٱلٱعتراف بحقها في ٱمتلاك التكنلوجيا النووية
تعرف واجبها وهي لاتحمي ٱحد ولاتقف لاٱحد ضد ٱلٱخر كما روجت لذلك الصحافة الشيطانية وصدقته بعض العقول التافهه .الغير واعية ..الغدر ليس من شيم المسلم .ومن غدر بنا هم بقايا شواذ النظام السابق الذين لم يقتنعوا الى ٱلان بٱن ملكهم ٱصبح مجرد صفحة سوداء في التٱريخ ..والبعض يمني النفس بٱوهام تعشعش في العقل بٱحلام العودة وذلك ضرب من المستحيل .فالزمن لن يعود للوراء .فعصر الخلافة الكونية .يضع لمساته الاخيرة ،ً.