الفلم العراقي والمشهد الأخير
حافظ آل بشارة
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حافظ آل بشارة

ما يجري في العراق حاليا هو لقطات يتشكل منها المشهد الأخير من الفلم العراقي الذي بدأ بعد سقوط نظام صدام ، السيناريو محبوك بدقة وقد ضمت المقدمة اللقطات الآتية :1- الاعتماد على اميركا لاسقاط النظام ثم قبول الاحتلال . 2- تدخل عدة دول أخرى في شؤون العراق وتحويله الى ساحة صراع بينها . 3- تلك الدول تقاسمت النخبة السياسية العراقية على أساس طائفي فكل فريق عراقي يمثل مصالح دولة من الدول . 4- تفاقم العداء بين الأحزاب العراقية لانها تمثل مصالح دول متصارعة ، أحدهم استعان بعصابات القاعدة فحول العراق الى ساحة مذبحة للمدنيين . 5- تنظيم انتخابات شكلية متكررة تعتمد التزوير والتوافقات السرية ثم اقتسام المواقع على أساس المحاصصة . 6- استخدمت الأحزاب أعضاء بارعين في اللصوصية لادارة الدولة . انتهت مقدمة الفلم ثم بدأت الذروة وفيها : ان هذه الطريقة الغريبة في إدارة البلد استمرت 12 سنة وقد حققت النتائج الآتية : 1- نجحت القوى السياسية في سرقة 600 مليار دولار. 2- نجحت في انتاج جيل جديد من الفاسدين بدل التخلص من الفاسدين القدامى . 3- اعادت البعثيين ورموز النظام السابق الى السلطة . 4- رسمت صورة سيئة للاسلام لأن كبار اللصوص والانتهازيين والفاشلين والانذال هم من أحزاب إسلامية ، فازدهرت ثقافة الالحاد العراقي واصبح الملحدون يجادلون خصومهم بلا تحفظ . 5- احتلال ثلث الأراضي العراقية بعملية بيع مسبقة لعصابات داعش وتحويل اربعة ملايين عراقي الى نازحين . 6- إيصال مشروع تقسيم العراق الى مرحلة التنفيذ ولم يبق سوى الإعلان عنه . 7- الانتقال الى مشروع تقسيم الأكثرية الشيعية عشائريا وسياسيا والتمهيد لمرحلة الاقتتال بينها . 8- افلاس الدولة وشيوع الفقر الى حد ان بعض الناس بدأوا ببيع اثاث منازلهم لتحصيل لقمة العيش ، وهذا نجاح واضح للخطة لأن هذا الفقر لا يجري في الصومال او النيجر بل يجري في بلد يملك ثالث احتياطي نفطي في العالم وصاحب أوسع قطاع زراعي ومائي في المنطقة . 9- تحويل العراق الى نظام اجتماعي طبقي مكون من قلة ثرية وكثرة مسحوقة واختفاء الطبقة الوسطى . في خواتيم الفلم العراقي يأتي نفاد الصبر وانفجار الشارع بتظاهرات مطلبية ، وقد ردت الحكومة بقرارات تقليل رواتب النواب ، وإلغاء ثلث عدد الوزارات ، لكن المستفيدين السابقين يحاولون إعاقة تنفيذ القرارات وتمييعها . يحاول العبادي منع تقسيم العراق ، منع تدخل الدول بشؤونه ، إلغاء المحاصصة ، إصلاح النظام الانتخابي ، ترك التوافقات واستخدام الأغلبية السياسية ، احترام الدستور واجراء التعديلات المطلوبة فيه ، فتح ملف معالجة الفساد بقوة ، بناء دولة المؤسسات ، وهذا يعني ان الفلم انتهى بثورة عراقية صامتة ، ولكي تنجح الثورة يجب ان يقف الجميع الى جانب رئيس الوزراء ومشروعه الإصلاحي بالدعم والنصيحة والمشورة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat