صفحة الكاتب : زيد شحاثة

تدمير السنة في العراق: تخطيط متعمد أو غباء ممنهج أو كليهما معا!
زيد شحاثة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يندر أن نجد حربا تسير على نهج واحد، من حيث إستمرار إنتصار طرف، أو هزيمته، طوال مسيرة الحرب، فغالبا هناك كر وفر وتقدم وتراجع، إلا أن ما يهم حقا، هو النتيجة النهائية للحرب، والثمن الذي تم دفعه لا نجاز النصر، ونسبة الأهداف المتحققة من هذه الحرب.
تختلف الحروب الخارجية عن الداخلية, بكافة المقاييس, فالحروب الداخلية تكون أخطر نتائجا وأفدح كلفة, بشريا وماديا, أو بأثرها على البنى التحتية للبلد, والتركيبة الاجتماعية  والسلم الأهلي وتفكك المجتمع, وزرع مشاعر البغضاء والعنصرية والقومية والمذهبية.
من أسوء أنواع الحروب, تلك التي يكون أحد طرفيها عصابات أو قوات تعمل بطريقة العصابات.. فهذه الحرب يصعب أن يتم خوضها من قبل قوات تقليدية, ويجب تهيئة قوات لها القدرة على التعامل مع تلك العصابات بنفس تكتيكاتها وأساليبها, على أن لا تخرج عن اطار القانون والأعراف الإنسانية.
مشكلة العراق وحربه على الإرهاب، تركت أثرا كبيرا على المجتمع العراقي، ربما لن نحس بأثاره إلا بعد مرور وقت طويل، وسيبقى هذا الأثر لوقت أطول مما نتصور، ورغم كثرة متغيراتها لكن الثابت الوحيد في متغيرات هذه الحرب، أن السنة كانوا طرفا فيها، بإختيارهم أو رغما عنهم!
تصديق الزعم بمظلومية السنة وإقصائهم، والنظرة المتطرفة والتكفيرية لبعض أبنائهم تجاه بقية الأديان والمذاهب وحتى القريبة منهم.. كل هذا دفعهم دفعا، ليكونوا حاضنة لمعظم التنظيمات الإرهابية.. لكن ظهور ساسة من السنة، أدعوا تمثيل مصالح الشارع السني، بينما هم نجحوا فقط في تمثيل مصالحهم الخاصة بكل صدق.. كان سببا رئيسيا في المأساة، والتمزق الاجتماعي الذي يعيشه السنة.
المجتمع السني قبلي بطبيعته، ويعاني من صراعات عشائرية قديمة في الزمن، زادها تنافسهم لأثبات الولاء للنظام السابق، بحكم تقربهم منه، وكان هذا التقرب والتنافس دمويا، تماشيا مع طبيعة النظام.. ومحاولة بعض ساستهم وعشائرهم، إتباع نفس الأسلوب مع التنظيمات الإرهابية، زاد هذا الصراع حدة ودموية.
كل هذه التداخلات ظهرت نتائجها بالتدهور الأمني، الذي نراه هذا الأيام في مدينة الرمادي، فبين عشائر إختارت أن تكون مع الإرهاب، وأخرى فهمت الدرس السابق، وبقيت تقاتل مع الجيش وتسانده، وساسة لم يهمهم في الموضوع سوى مصالحهم الخاصة، وتحقيق أكبر ربح ومنفعة ممكنة، فعلموا على تأجيج الشارع السني، وزرع مخاوف من بقية شركاء الوطن.. تاه الشارع السني، بخطة لا يعرف إن كانت تنفذ بشكل منهجي متعمد، أو بغباء وقصر نظر، أو بكليهما معا.
من المؤكد أن قضية داعش والإرهاب في العراق ستنتهي، وسيقضى على تلك التنظيمات، لكن أثارها والانقسام في المجتمع السني، والظروف الصعبة، سيكون لها أثر كبير في إضعاف دورهم في مستقبل العراق، وحصول إنكسار وانكفاء ذاتي، وهذا كله يتطلب من الشارع السني، أن يتعلم الدرس.
الدروس غالبا يكون ثمنها غالي جدا.. دماء وأموال.. لكنها تكلف أكثر إن لم نتعلم منها.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد شحاثة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/28



كتابة تعليق لموضوع : تدمير السنة في العراق: تخطيط متعمد أو غباء ممنهج أو كليهما معا!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net