صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح275 سورة النمل الشريفة
حيدر الحد راوي
بسم الله الرحمن الرحيم
 
طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ{1} 
تستهل السورة الشريفة بمقطع من الحروف المقطعة "النورانية" (  طس ) , قد تقدم الحديث عنها , اما ما يروى في خصوص (  طس ) عن الصادق عليه السلام : واما طس فمعناه انا الطالب السميع , (  تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ ) , تلك الحروف المقطعة هي جزء من آيات القرآن الكريم , (  وَكِتَابٍ مُّبِينٍ ) , بيّن , واضح , مظهرا للحق .  
 
هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{2}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها مبينة ان القرآن الكريم (  هُدًى ) , هاد من الضلالة , مرشد الى الحق , (  وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) , يحمل بين طياته البشارة للمؤمنين بما ينتظرهم من الثواب والاجر العظيم وحسن العاقبة .  
 
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{3} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها لتبين حال هؤلاء المؤمنين : 
1- (  الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ) : يؤدون الصلاة في اوقاتها وعلى وجهتها الصحيحة .
2- (  وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) : لا يمنعون الزكاة والحقوق المترتبة على اموالهم . 
3- (  وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) : وايضا يؤمنون ويصدقون بيوم البعث والحساب .   
 
إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ{4} 
تبين الآية الكريمة (  إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) , جملة من لا يصدق بيوم البعث والحساب , (  زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ ) , زينت لهم الاعمال القبيحة , فظنوها حسنة , وازدادوا انكبابا عليها وشهوة لها , (  فَهُمْ يَعْمَهُونَ ) , فهم حائرون منشغلون في طلبها .   
 
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ{5} 
تستكمل الآية الكريمة في موضوع سابقتها مبينة حال من لا يؤمن بيوم البعث والحساب : 
1- (  أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ ) : اسوء العذاب , وذلك في الدنيا اولا . 
2- (  وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ) : اما في الاخرة , فهم الاشد خسرانا , كونهم خسروا الدارين .  
 
وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ{6} 
تبين الآية الكريمة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" من جهة الخصوص والناس كافة من جهة العموم (  وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ ) , تتلقاه , (  مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ ) , في تدابيره وشرائعه , ( عَلِيمٍ ) , بكل شيء .    
 
إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ{7} 
تذكر الآية الكريمة بشيء من اخبار موسى "ع" (  إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً ) , حين قال "ع" لأهله , اني قد ابصرت نارا من بعيد , (  سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ ) , كان "ع" قد ضلّ الطريق , (  أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) , او اجلب لكم منها شعلة , لعلكم تستدفئون من البرد .   
 
فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{8}
تروي الآية الكريمة ان موسى "ع" جاء الى تلك النار (  فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ) , بمجرد ان وصل اليها سمع النداء (  أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ) , يرى اكثر المفسرين (  مَن فِي النَّارِ ) هي البقعة المباركة , اما ( وَمَنْ حَوْلَهَا ) يختلفون في ان يكون : 
1-  موسى  "ع" . 
2- الملائكة "ع" . 
3- او الاراضي حول البقعة المباركة , { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }القصص30 .   
 
يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{9} 
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة (  يَا مُوسَى ) , نداء مباشر , (  إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ ) , القادر المقتدر المنتقم من الكفار والطغاة , (  الْحَكِيمُ ) , في تدبيره وتشريعه , المميز بين الحقيقة والوهم "افعال السحرة" .      
 
وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ{10} 
يستمر الخطاب الرباني مع موسى "ع" في الآية الكريمة (  وَأَلْقِ عَصَاكَ ) , ارمها , فرماها , (  فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ ) , عندما رآها موسى "ع"  تتحرك وتضطرب كأنها افعى صغيرة  , (  وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ ) , لم يرجع , (  يَا مُوسَى لَا تَخَفْ ) , منها , من غير ان تثق بي , (  إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ) , لا يخاف ولا ينبغي ان يخاف المرسلون من قبلي .    
هناك آراء كثيرة حول خيفة موسى "ع" , هل كانت من الحية , ام من شيء اخر ؟ , نتركها لعدم رجحانها . 
 
إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ{11}
يستمر الخطاب الرباني مع موسى "ع" في الآية الكريمة مستثنيا (  إِلَّا مَن ظَلَمَ ) , باستثناء من ظلم نفسه بركوب المعاصي وايرادها موارد العقاب والعذاب , او ظلم الناس بسلب حقوقهم , (  ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ ) , يرى المفسرون ان في النص المبارك اشارة الى القبطي الذي قتله موسى "ع" , ويشير اخرون الى ان من بدل ذنبه بالتوبة , (  فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) , يكون مشمولا بالمغفرة والرحمة .   
 
وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ{12} 
يستمر الخطاب الرباني مع موسى "ع" في الآية الكريمة (  وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) , ضع يدك في جيبك , تخرج بيضاء ذات شعاع , من غير مرض او علة , وهي معجزة موسى "ع" الثانية , (  فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ) , مع المعجزتين السابقتين "العصا واليد البيضاء" تسع علامات اخرى هي  على بعض الآراء ( الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم  والطمسة والحدب في بواديهم والنقصان في مزارعهم ) , ثم تحدد الجهة التي ينبغي لموسى "ع" ان يقصدها وهي فرعون وقومه , (  إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ) , خارجين عن امر الله تعالى , وفيه بيانا لعلة الارسال .  
 
فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ{13} 
تروي الآية الكريمة (  فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً ) , لما جاءهم موسى "ع" بتلك العلامات الواضحة , كان رد فرعون وقومه عليه ان (  قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) , اتهموه بالسحر الواضح .   
 
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ{14}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  وَجَحَدُوا بِهَا ) , كذبوا بها , (  وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ) , انكروها بألسنتهم , لكن ايقنوا بها في قرارة قلوبهم , استعلاء وتكبرا على الايمان , (  فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) , النص المبارك يخاطب الرسول الكريم محمد "ص واله" والمعنى لكافة الناس (  كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) , فرعون وقومه , حيث الغرق في الدنيا وحرق النار في الاخرة .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/21



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح275 سورة النمل الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net