التحليل ومنهج التبرير؟!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عدت لكتاب قرأته عندما كنت طالبا في كلية الطب , يتحدث عن تحليل الذات العربية , وتصفحته من جديد , وهو لعالم نفسي عربي جليل , فإحترت بمنهج الطرح والإستنتاج , وما وجدت إلا آليات تبرير لما يجري وجرى وفقا لنزعة الترسيخ.
وتصفحت كتبا في علم الإجتماع لأساتذة برعوا بالكتابة , فظهر ذات المنهج التسويغي والتعزيزي الذي يتبرقع بالتحليل!!
وما نتداوله في الصحف والمواقع وحتى النشاطات الأدبية والفكرية , لا يخرج من هذا الطريق الذي يمعن بإستحضار ما يبرر الأحداث والتطورات , بدعوى أنها كتابات تحليلية , وذات قيمة ثقافية.
والواقع القائم المتفاقم يدحض كل إدّعاء بالتحليل!!
فالأمة مبتلاة بالكتابات التبريرية , التي تبرهن أن ما كان ويكون يجب أن يكون , ولا خيار غير الذي تحقق في الواقع الآسن الشديد , وكأنها تؤمن بأن ليس في الإمكان خيرٌ مما كان.
ذلك أن الكتابات التحليلية تتناول الأسباب وتبحث فيها , وتصل إلى الحلول والتطبيقات العملية الكفيلة بعدم تكرار الحالة التي يُتصدى لها.
أما أن نتغنى بالتفسيرات وندّعي الفهم والإنجاز الفكري والمعرفي , فهذا إسهام في تحويل أية مشكلة قائمة إلى كرة ثلج تزداد حجما وثقلا , مما يجيب على سؤال : لماذا نعجز عن حل المشاكل وتجاوزها , ونمعن بتنميتها والإستثمار فيها؟
ولكي ننهض بواقعنا ونتخطى مشاكلنا ونتعلم من تحدياتنا , علينا أن ندرس الأسباب بعلمية ونزاهة معرفية بحثية خالصة , ونقيمها بموضوعية وشمولية , ونبتكر الأجوبة العملية الكفيلة بتطبيبها وتوفير مؤهلات المناعة من تكرارها والإصابة بها مجددا.
فواقعنا ومنذ قرون وكأنه ناعور يدور ويعيد ذات الموضوعات , التي أزمنت وتعقدت وتقيّحت وما وجدت الطبيب المداويا.
فالمطلوب من أجيال الأمة الحاضرة والصاعدة , أن تُعِمل عقولها في زمن المعلومات الفياضة , وتتدارس بعلمية وتفاعل فكري إنساني إيجابي , للخروج من نفق الظلمات إلى آفاق النور والبهجة والسعادة , والحضارة المعطرة بالإبداع والعطاء العربي الأصيل.
تحية لكل قلم نابه متيقظ غيور يذود عن جوهر أمته ومصير شعبه ووطنه , ويجتهد بالبحث عن أجوبة معاصرة ذات قيمة إنسانية مطلقة.
د . صادق السامرائي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat