بحر العلوم .. يرقد في بحر من العلوم
زاهد البياتي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زاهد البياتي

رجل كبير .. أب كبير .. عالم كبير .. اكاديمي كبير ..مؤلف كبير ...شاعر كبير .. عقلية كبيرة .. قلب كبير .. متسامح كبير .. مفاوض كبير ..سياسي كبير .. وطني كبير ..انسان وسطي .. اسلامي معتل .. در لامع من درر النجف المميزة ..كوكب عراقي سطع بحجم عراقيته في اووربا .. سفير للحوزة العلمية .. حضور كبير في دول الخليج ..كان كبيرا في كل حركته وتعامله وحيثياته في قيامه وقعوده .. هذا ما لمسته منه شخصيا طيلة المدة التي عملت بها مع سماحته .. تلميذا ومستشارا اعلاميا .. بالامس كنا في وداعه في النجف الاشرف مع عاصم واحمد واصدقاء اخرون .. لمسنا أمر مهم بأنه كان قد حقق حلمه قبل رحيله .. ولما كانت رؤيته عصية علينا لانه كان في غيبوبة وحالته حرجة.. قال لنا وريث خلقه واخلاقه د. ابراهيم : السيد في غيبوبة .. ارجو ان تزوروا مؤسسته ستجدونه هناك .. فذهبنا الى مؤسسة العلمين حيث كان السيد يرى جنته فيها ومنتهى احلامه في الدنيا ويتمتع باجمل اوقات خريف عمره هناك .. بناية حديثة قد لا تكون كبيرة جدا ولكنها مصممة برؤية معمارية تراثية معاصرة .. ذات اربعة طوابق ..من تصميمات المهندس الراحل د. محمد علي الشهرستاني
مؤسسة العلمين صرح علمي - انساني - معرفي - اكاديمي - اسلامي معاصر منفتح على كل لغات وشعوب واديان وطوائف العالم .. من اربعة طوابق - طابق لمؤسسة بحر العلوم الخيرية وطابق لمكتبة عامة ذات سبعين الف عنوان كانت مكتبته الشخصية نواتا لها بالاضافة الى اربع مكتبات شخصية مهداة من علماء واكاديميين كبار .. والمكتبة تحدث شهريا بتخصيص مبلغ مالي مستدام لاغنائها بالجديد من مختلف الاتجاهات والعلوم والمعارف المعاصرة .. وطابق آخر للمؤتمرات والحوار الحضاري مجهز بكل المستلزمات الفنية وفق أحدث المواصفات العالمية ايضا هناك طابق اخر مخصص للمعهد العالي للدراسات العليا لدراسة الماجستير والدكتوراه بشرط ان تكون كل الرسائل بالشأن العراقي او يعالج مشكلة عراقية .. والعمل جار في طابق اخر لاستقبال الطلبة على مستوى آخر ..
ولكن اروع ما اخبرنا به السيد صلاح العابدي مدير القسم الالكتروني في المؤسسة الذي رافقنا في الجولة :عن سيرته وسلوكه العالي في أواخر ايامه قائلا :
كان السيد باسم الوجه صبوحا مصحوبا بروح النكتة ولم تغادره روح الابوة يوما ولايقبل ان يزوره المنتسبون في مكتبه وانما تعودنا على برنامجه اليومي في ان يجلس في مكتبه ربع ساعة ثم يقوم بجولة في اركان ومكاتب المؤسسة غرفة ..غرفة .. ليلقي عليهم تحية الصباح ويستفسرعن مشاكلهم ومعاناتهم وما يمكن تقديمه اليهم.. ويسمع منهم بكل اهتمام والاروع من هذا كله هو وصيته بأن يدفن في مؤسسته .. ويكون قبره وسط بحر من العلوم اي بين سبعين الف كتاب من المعارف والعلوم .. كانت هذه وصيته الاخيرة.. ان يترجل المحارب الذي قاوم الديكتاتورية والطغيان طيلة ثلاثة عقود ويرقد رقدته الأخيرة في مؤسسته المعرفية وهو يعانق الكتب ويحتضن المعارف في استراحة المقاتل الذي ساهم في ارسال اعتى تظام شمولي الى مزبلة التاريخ .. فهنيئا له هذا فقد أسس له صدقته الجارية مقدما في الدنيا .. ليلقى ربه الكريم ببحر علومه وعلوم اجداده العظام في عاصمة الثقافة الاسلامية النجف الاشرف التي ما زالت تتلقى الهامها من باب علم الرسول الأكرم علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليهما..
زاهد البياتي – كاتب وباحث – مستشار اعلامي سابق للراحل الكبير
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat