كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

لكل نظام قميص!!

الأنظمة التي حكمت العراق منذ تأسيس دولته وحتى اليوم لم تتعلم ولم تنجز إلا خياطة القمصان , فلكل نظام قميص أو مجموعة قمصان ينشغل بها لكي يبقى في الحكم حتى تهترئ , فيأتي غيره بقميص جديد وهكذا دواليك.

 

ومنذ عام 2003 ومعامل خياطة القمصان ذات إنتاجية عالية وبموديلات متفقة والمصالح والمشاريع المرسومة , وما على الموجودين في السلطة إلا الإنشغال بهذه القمصان التي ما عادت إنتاجيتها  بالمفرد كالسابق وإنما هي اليوم تنتج بالجملة , وتتخذ مسميات وعلامات وألوان جذابة تستهوي التفاعل معها وتسوغه بما لا يُحصى من التعزيزات.

 

هذه القمصان وسائل إلهاء وتبديد للطاقات وتدمير للقدرات , وآليات تغييب وإعماء وقطع عن المعاني الحقيقية للحكم والتفاعل الإنساني في المجتمع , فما تحقق منذ 2003 سلسلة من الدمارات الشديدة , التي تجد الحكومة ألف قميص وقميص لتغسل يديها ورجليها من مسؤوليتها , كما حصل في جميع الأنظمة قبلها.

 

فالمطلوب من أي نظام حكم أن يجيد مهارات التبرير والإسقاط وإتهام الغير , وهذا واضح في خطابات جميع المسؤولين في كافة الأنظمة وبلا إستثناء , فالمسؤول هو الوطني الغيور الشريف المدافع عن الحقوق , وما يحصل إنما بسبب القميص الذي يختاره على هواه ووفقا للأحجام والموديلات المعروضة أمامه , وبهذا يبريئ نفسه ويزداد غفلة وتوهما بأن ما يقوم به صائب وصحيح.

 

والمشكلة الحقيقية التي يواجهها العراق هي في مأزق الحكم بالقمصان , ولن تقوم قائمة للبلاد , ما دامت مناهج الحكم مبنية على هذه التصورات والتفاعلات الخارجة عن عصرها , والبعيدة كل البعد عن واقعها , والمنافية لحاجات الإنسان وحقوق المواطنة.

 

فكيف نفسر سلوك الذين ترعرعوا في مجتمعات ديمقراطية , وخبروا قيمة الإنسان والقانون والدستور , ويكونون على رأس الداعين لخياطة المزيد من القمصان اللازمة لتحريرهم من أية مسؤولية وتنزيههم من الخطايا والآثام , التي تقترف تحت أنظارهم من قبل التابعين لهم أوالمساندين لهم.

 

وعليه فإن لم يتم التخلص من مناهج القمصان , فلن يكون في البلاد نظام حكم وطني يسعى لتحقيق إرادة المواطن , والحفاظ على سيادة الوطن وصون كرامة الإنسان.

 

فهل ستتمزق القمصان ويتحقق الإيمان بالإنسان؟!!

طباعة
2015/04/06
2,476
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!