صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح266 سورة الفرقان الشريفة
حيدر الحد راوي


بسم الله الرحمن الرحيم

وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً{67}
تستمر الآية الكريمة لتبين اعمال عباد الرحمن (  وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا ) , الانفاق على العيال , او النفقة الواجبة وقد يلحق بها المستحبة  :  
1-    (  لَمْ يُسْرِفُوا ) : لا يتجاوزون الحد في الانفاق , او لا ينفقون في المعصية , او لا ينفقون في الموارد غير ذات الاستحقاق .
2-    (  وَلَمْ يَقْتُرُوا ) : لم يبخلوا بما عليهم في موارد استحقاق النفقة .
3-    (  وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ) : الحد الوسط بين الاسراف والبخل .   
( عن النبي صلى الله عليه وآله : من اعطى في غير حق فقد اسرف ومن منع من حق فقد قتر ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .   

وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{68}
تستمر الآية الكريمة في بيانها لعباد الرحمن :
1-    (  وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ) : لا يعبدون غير الله تعالى ذكره .
2-    (  وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) : لا يعتدون بالقتل على الانفس المحترمة , التي حرم الله تعالى قتلها , الا بالحق .
3-    (  وَلَا يَزْنُونَ ) : لا يعتدون او يتجاوزون حدود الله تعالى ومنها الزنا .  
(  وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً ) , من اقترف واحدة مما ذكر فقد عرض نفسه للعقاب الاثم .   

يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً{69}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة :
1-    (  يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) : ذاك التهديد الوارد في الآية الكريمة السابقة فيما يبدو انه في الدنيا كالحدود و التعزيرات , اما في الاخرة يتعرض مرتكب احدى الجرائم الثلاث الى اضعاف العقاب في الاخرة .   
2-    (  وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ) : ثم يخلد في جهنم , وحاله فيها (  مُهَاناً ) , ذليلا , لا كرامة له .    

إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{70}
تستثني الآية الكريمة (  إِلَّا مَن تَابَ ) , ادرك التوبة , وليس التوبة فقط , بل (  وَآمَنَ ) , ادرك الايمان , كأن الايمان ينتزع من مرتكب احدى الجرائم الثلاث , فلا يؤمن المؤمن وهو يشرك بالله تعالى , ولا يقتل النفس المحترمة بغير وجه حق وهو مؤمن , وكذلك المؤمن لا يزني , كما وان الايمان بعد التوبة لا يكاد يكون كافيا ما لم يصحبه (  وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً ) , عملا يبين ويثبت اثار التوبة وينم ويدل على حقيقة الايمان , فيعمل في وجوه الخير , (  فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ) , يعد النص المبارك هذه الفئة (  مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً ) بأن الله تعالى سيبدل سيئاتهم الى حسنات , (  وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً ) , غفورا , كثير المغفرة لهم , (  رَّحِيماً ) , بهم وبحالهم .    

وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً{71}
تقرر الآية الكريمة (  وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً ) , ان من تاب من ذنوبه وهي ليست مما ذكر , واردف توبته بالعمل الصالح , (  فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) , فأنه بذلك يعود الى الله تعالى والى حضيرة الايمان رجوعا صحيحا سليما .   

وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً{72}
تستمر الآية الكريمة في بيانها لعباد الرحمن مادحة :
1-    (  وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) : تختلف الآراء في الزور , فمنها انه الغناء ومنها انه الشهادة الكاذبة .
2-    (  وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ) : ثم انهم يكرمون انفسهم من الحضور في اماكن الباطل , فيمرون بها ان اضطروا مرور الكرام , معرضين عن الاستماع اليها او حتى النظر فيها .     

وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً{73}
تستمر الآية الكريمة في بيانها لعباد الرحمن مادحة (  وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) , اذا وعظوا بآيات القرآن او آيات قدرته جل وعلا , (  لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً ) , لم يقيموا عليها غير واعين او مدركين لها , بل تنفتح قلوبهم واذهانهم وحواسهم لها , مستزيدين منها ايمانا ويقينا , {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الأنفال2 , {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }التوبة124 .     

وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً{74}
تستمر الآية الكريمة في بيانها ومدحها لعباد الرحمن مسلطة الضوء على دعواتهم (  وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) , يدعون الله تعالى ان يهبهم من الزوجات والذرية ما تقر به اعينهم , بالتوفيق للطاعة وحيازة الفضائل ... الخ , (  وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ) , واجعلنا قدوة , يقتدى بها في طرق الخير والهداية .    
نقلت الآيات الكريمة في مدحها وكلامها عن عباد الرحمن صورة متكاملة الجوانب .   

أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً{75}
تشير الآية الكريمة الى عباد الرحمن :
1-    (  أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ ) , المنزلة الرفيعة في الجنة , (  بِمَا صَبَرُوا ) , بصبرهم على الطاعة .
2-    (  وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً ) : ليس تلك المنزلة فقط , وايضا تحييهم الملائكة او يحيي بعضهم بعضا , وهذا مما حرّم على اصحاب النار .   

خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً{76}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة مضيفة :
1-    (  خَالِدِينَ فِيهَا ) : يخلدون فيها , لا يموتون ولا يخرجون منها ابدا .
2-    (  حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً ) : حسنت للاستقرار والاقامة .

قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً{77}
الآية الكريمة تخاطب الرسول الكريم محمد "ص واله" (  قُلْ ) , لهم , (  مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ) , لا يكترث بكم ربي , لولا دعاءكم اياه في الشدائد والنوائب فيكشفها ويرفعها عنكم , (  فَقَدْ كَذَّبْتُمْ ) , فقد كذبتم الرسول الكريم محمد "ص واله" وما جاءكم به من القرآن والآيات والبراهين القاطعة , (  فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً ) , لذا سيكون العذاب ملازما لكم , لا محالة , في الدنيا والاخرة .          

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/13



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح266 سورة الفرقان الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net