الحسين ( عليه السلام) قائدا دينيا وسياسيا
عمار الجادر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عمار الجادر

الرسالة المحمدية رسالة دينية بحتة, لكن حينما أريد لها أن تكون للعالم, أصبح لزاما أن تقترن بالسياسة, من هنا صار اعتناق الإسلام بثلاث شقوق, شق من توهم إن الإسلام دين فقط, وشق آخر اعتنق الإسلام سياسيا فقط, أما الشق الثالث وهو نهج أهل البيت ( عليهم السلام ), وهو الشق العقائدي الذي حمل الدين والسياسة بمنظورها المحمدي .
مهمة صعبة للشق الثالث آنيا, ولكنها باقية مستقبليا, لثبات رؤيتها, وصدق حامليها, وتأييد من خالقها, هنا أنبرا لهذه الشقوق الثلاث ثلاث قيادات , فالشق الديني اعتنقه ابن عباس والزبير و ابن عمر, والشق الثاني السياسي رغما, اعتنقه بيت أبا سفيان ويهودي الأصل, أما الشق الثالث وهو أصل الرسالة, فأعتنقه أهل الرسالة محمد وال بيته الأطهار ومن نهج نهجهم, القيادة لازالت واحدة بوجود الرسول الأعظم .
بعد وفاة الرسول الكريم (صلى الله عليه واله وسلم ), سرعان ما وضحت هذه الانشقاقات, وتحديدا بعد التبليغ بولاية علي ( عليه السلام ), أما الشق الديني فترنح بفتنها, ترنح النخيل بعواصف الزمان, فمنها من قلع من الجذور, ومنهم من تسببت الرياح بعقمه, فأصبح لا فائدة ترجى منه, ولكن الشق السياسي استفاد من هؤلاء المترنحين, أما الشق العقائدي الثالث فأصبح مكتوف الأيدي لقلة الناصر, ليس لقلة الدهاء السياسي, ولكن لتقيده بالعقيدة الدينية الصادقة, وغلبة الهوى على الناس .
أسفر هذا التغير عن ترهل الدولة شيئا فشيئا, والسماح لتدخل الآخرين في شؤون الدولة الإسلامية, وهذا ما أراده بالضبط الدين اليهودي الخبيث, لازالت النشوة الدينية موجودة لعدم بعد الفترة الزمنية, لذا كان لحضور علي ( عليه السلام ) أشراقة مميزة, لما يملكه من علم رباني وعقلية سياسية, مما ساهم بعدم سقوط الدولة سريعا, ولكن تمكن الشجرة الخبيثة بالقرب من دكة الحكم , جعل المستقبل ينذر بالخطر, خاصة بحكومة عثمان أبن عفان, بانت آثار الخطر واضحة جدا .
هنا ظهرت فرقة شاذة من الشق الديني, استفاد منها الشق السياسي,المتمثل ببني مروان, وتضرر منها الشق السياسي الديني, المتمثل بحكومة أهل البيت عليهم السلام, ومن بقى من الشق الديني فضعيف الرأي, ومنهم من ترك الشق الديني والتوجه إلى السياسة مباشرة, كالزبير وأبنه, ومن هنا بدء الصراع, الذي سرعان ما أثر على ازدهار الدولة الإسلامية, كما إن امن الدولة أصبح مهدد, نظرا لحروب الخارجة و المارقة, بين من شذو عن الإسلام, ومن يدعون الإسلام للوصول إلى الحكم .
استطاع الخوارج الشاذين عن الدين, الغدر بأمير المؤمنين, بالمقابل قوة الدعاة السياسيين استطاعت الوصول إلى مبتغاها, مما أضطر الإمام الحسن ( عليه السلام ) , إلى توقيع معاهدة مع دعاة السياسة , نزولا عند رغبة الشارع, الذي حمل أبناء النبوة مسؤولية الدماء دون حق, و وجد في ذلك كشف الأقنعة الدينية عن المتقنعين بها, ولكن لازالوا يرون به الخطر الموشك عل دين اليهود, فقتل مسموما وأصبحت الدولة خاوية, يقودها أتباع السياسة, الذين لاهم لهم سوى ملكهم .
أصبح الإمام الحسين ( عليه السلام ) لا يرى إلا السيف والثورة, واقع فاسد ابتعد به السياسي كل البعد عن الدين, بينما خصوم الدين المحمدي متسلحين بالسياسة و الدين معا, سياسة رعناء لا تعرف إلا دوامها بالحكم, فقر في أرجاء الدولة, استنزاف للخيرات دون عمل لبقائها, مستشارين للحاكم يهود, لا هم لهم سوى الإطاحة بهذا الدين الذي أصبح نقمة عليهم , حاكم ثمل لا يكاد يصحوا من سكره, دولة أخذت بالاضمحلال, شعب أصبح مالا من دكتاتورية, متحيرا في أمره, فاقدا للصواب بفعله,
عاد الدين ليعلن ثورة, لكن ليس السيف وحده حلا لها, فالسيف يعني السياسة فقط, و إنما سيف وحدث يبقى خالدا, طيلة المسيرة الحسينية, الحسين (عليه السلام ) ينشر الفكر الديني, لكن لا وجود لعقول تتفقه, فلا تطلب ذكر الخالق عند بطون جائعة, القائد السياسي الديني, وجد الحل, ولكن بثمن غال جدا على الأرض والسماء, ثورة بحد السيف وقلة الناصر, دماء ثبتت أركان الدين, نصر مؤزر على دين اليهود, ونظرة مستقبلية تخطت عدد السنين, لازال الحسين ( عليه السلام ) قائدا دينيا وسياسيا في جميع الثورات .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat