صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح233 سورة الانبياء الشريفة
حيدر الحد راوي


بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ{51}
تبين الآية الكريمة (  وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ ) , الهداية الى وجوه الصلاح , (  مِن قَبْلُ ) , فيها عدة اراء ننقل منها :
1-    (  مِن قَبْلُ ) : قبل بلوغه , يذهب الى هذا الرأي جملة من المفسرين منهم السيوطي في تفسيره الجلالين .
2-    (  مِن قَبْلُ ) : موسى وهارون "ع" , او قبل النبي الكريم محمد "ص واله" .     
(  وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ ) , يبين النص المبارك ان ابراهيم "ع" كان اهلا لتلك المسؤولية الملقاة على عاتقه .  

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ{52}
تروي الآية الكريمة عنه "ع" (  إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ ) , الاصنام , (  الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ) , مقيمون على عبادتها , وفي كلامه "ع" نوعا من التحقير لعبادتهم تلك وتحقيرا لها .    

قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ{53}
تروي الآية الكريمة ردهم عليه "ع" (  قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ ) , ليس لنا بها اي معرفة , لكننا قلدنا اباءنا بعبادتها .   

قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{54}
تروي الآية الكريمة رده "ع" على مقالتهم (  قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ) , في عبادتكم لها , (  فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) , تعبدونها من غير حجة , وعدم استنادكم انتم واباءكم على برهان .

قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ{55}
تروي الآية الكريمة انهم طرحوا عليه "ع" استفهاما عن غرضه (  قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ ) , في قولك هذا , (  أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ) , ام انك تقول ذلك على وجه الملاعبة والاستهزاء ؟ ! .  

قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ{56}
تروي الآية الكريمة رده "ع" على استفهامهم  مبينا "ع" (  قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , ربكم المستحق للعبادة , هو مالك السموات والارض , (  الَّذِي فَطَرَهُنَّ ) , خلقهن على غير نموذج او مثال سابق , (  وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) , يروي النص المبارك اقراره "ع" (  وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم ) , ما اخبركم به , (  مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) , على صحته , فلابد من الشاهد ان يتحقق من شهادته ويبرهن عليها , وقد كان "ع" كذلك . 

وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ{57}
تستمر الآية الكريمة بنقل كلامه "ع" (  وَتَاللَّهِ ) , قسم , (  لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم ) , لأمكرن بأصنامكم  , واعمد الى كسرها , (  بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ) , بعد ان تنصرفوا عنها في مناسبة معينة , وكانت المناسبة ذلك العيد المتعارف عندهم , لكن المفسرين يختلفون في هل انه "ع" قال ذلك سرا ام جهرا , ام بصوت خافت ؟ .   

فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ{58}
تروي الآية الكريمة انه "ع" نفذ ما قاله (  فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً ) , كسرهم بالفأس , بعد ان ذهبوا الى مناسبة العيد , (  إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ ) , يبين النص المبارك ان ابراهيم "ع" استثنى اكبر الاصنام  , لم يكسره , واكتفى بتعليق الفأس في عنقه , والغرض من ذلك (  لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ) , ترجي ان يرجعوا اليه "كبير الاصنام" فيسألوه عن الفاعل , فيتحقق بذلك عجزه عن الجواب , ويثبت لهم بطلان اعتقادهم بطريقة عملية .   

قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ{59}
تروي الآية الكريمة انهم حين رجعوا وشاهدوا ما حدث (   قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا ) , تساءلوا عن الفاعل , (  إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ) , واعربوا ان الفاعل من المجرمين .   

قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ{60}
تروي الآية الكريمة ان بعضهم (  قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ) , قال لبعض انهم سمعوا فتى يعيبهم , (  يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) , اسم هذا الفتى ابراهيم .  

قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ{61}
تروي الآية الكريمة ان الرؤساء والسادات (  قَالُوا فَأْتُوا بِهِ ) , طلبوا احضاره , (   عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ ) , بمرأى من الناس , (  لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) , ليشهدوا على ما سيجري , او لعلهم يشهدون على قوله او فعله "ع" .    

قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ{62}
تروي الآية الكريمة انهم بعد ان احضروا ابراهيم "ع" (  قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ) , وضعوه موضع المتهم , ووجهوا اليه السؤال بطريقة مباشرة . 

قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ{63}
تروي الآية الكريمة جوابه "ع" ردا على سؤالهم  (   قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ) , جوابا في من السخرية وكذلك للدلالة على بطلان عبادتهم , فطالما وان الفأس كان في عنقه , لابد ان يكون هو الفاعل , او انه يعرف الفاعل الحقيقي , (  فَاسْأَلُوهُمْ ) , اسألوهم عمن فعل هذا بهم , أهو كبيرهم ام شخصا اخر , (  إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ) , ان كانوا يستطيعون النطق , فأنهم سيجيبونكم .
اثبت ابراهيم "ع" لهم في ذلك عدة دلالات على بطلان عبادتهم :
1-    ان الاصنام حجر اصم , لا ينطق ولا يسمع .
2-    ان الاصنام عاجزة ان تدافع عن نفسها , ومثلها لا يصلح ان يكون الها .    

فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ{64}
تروي الآية الكريمة (  فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ ) , راجعوا انفسهم وعقولهم , فكروا بما اثبته لهم ابراهيم "ع" , (  فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ) , قال بعضهم لبعض بعبادتكم من لا ينطق ولا يسمع ولا يدفع الخطر عن نفسه .    

ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ{65}
تبين الآية الكريمة (  ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ ) , انهم وبعد بطلان ما هم عليه ونجاح ابراهيم "ع" بإثبات صدقه امام الملأ , وقاربوا الاعتراف بالحق , سرعان ما عادوا الى اسلوب العناد والمجادلة , دفاعا عن اصنامهم وعقائدهم فيها , (  لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ ) , كيف تأمرنا بسؤالهم وقد علمت انهم لا ينطقون ! .  

قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ{66}
تروي الآية الكريمة رد ابراهيم "ع" (  قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ ) , طالما وانكم علمتم انهم لا ينطقون , ولا يسمعون مناديهم , لا ينفعون ولا يضرون , فكيف بكم وانتم تعبدونهم من دون الله تعالى ؟ ! .  

أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ{67}
تستمر الآية الكريمة بنقل كلامه "ع" (  أُفٍّ ) , تضجر , تقبيحا الى : 
1-    (  لَّكُمْ ) : لكم انتم على فعلكم بعبادتها واعتقادكم الباطل بها .
2-    (  وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ) : تقبيحا للأوثان .    
ثم يختتم "ع" قوله (  أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) , قبيح صنعكم , وان هذه الاوثان لا تستحق العبادة , وان المستحق للعبادة هو الله تعالى وحده .


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/29



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح233 سورة الانبياء الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net