صفحة الكاتب : حمزة علي البدري

مصارحةَ الجماهير نهج ديمقراطي
حمزة علي البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إن أي نظام في العلم يلتزم بالمصارحة , ويكشف أوراقه ومعطياته وممارساته للجماهير , نظام واثق بنفسه , ومقتنع بأدائه , ولا يرتضي إخفاء الحقائق عن الجماهير مهما كانت موجعة ومحرجة , فهذا هو الأسلوب الديمقراطي الأمثل , الذي يؤكد دائما أن ( كل الحقيقية للجماهير ) وان إخفاءها دليل خوف أو إحراج أو تستر , ويثير عاصفة من التساؤلات والاستغراب , فالشعب صاحب المصلحة الحقيقية في قضاياه المركزية , وان الشيء المبرر في الإخفاء والسرية لا يتعدى الأسرار العسكرية والأمنية .. أما ملفات الرشوة والاختلاس وسرقة المال العام والتزوير والسطو والتأمر وتأخير تنفيذ أحكام الإعدام بحق المجرمين الكبار الذي صدرت بحقهم أكثر من حكم بالإعدام ولم تتنفذ وبقيت معلقة وما تزال على مشجب الانتظار والاستفسار, فيجب حسم هذه الأمور بصورة سريعة لان إبقائها معلقة يعطي تفسيرات مرة بان الدولة عاجزة عن اتخاذ وتنفيذ القرارات الضخمة التي يتطلع الشعب لتنفيذها , فقد سام شعبنا من الصبر والانتظار .
إن مصارحة الشعب بكل أزمات واحباطات وماسي الواقع ,  توطد وتعزز وتدعم أركان القناعة والثقة بين الشعب والحكومة المنتخبة , فان حكومتنا حظيت بانتخاب الجماهير ومدعومة من الشعب ,  إذن ممن تخاف وتخشى .. !؟ وماهي دواعي التستر والكتمان على قضايا ساخنة تتداولها الجماهير ولم تجاهر بها الحكومة ..!؟؟ ولمصلحة من إسدال الستار على حقائق تستفز الجمهور وتثير عنده الريبة والشكوك والتساؤل الذي لا ينقطع ..!؟
إن مصارحة الجماهير واطلاعها على مجريات الأمور وعلى القرارات المهمة تنقذ الحكومة من الملامة والانتقادات وتشعر الجماهير بأنهم مشاركون في اتخاذ القرارات المصيرية في القضايا والأحداث الوطنية الكبرى  , وان هذه الاتجاهات والاستعدادات العقلية والنفسية والعملية , تنتج أنماطا متطورة واعية من السلوك البناء والخلاق , فالحكومة يجب ان تسير وتساير الرأي العام جنبا إلى جنب , لان الجماهير والحكومة المنتخبة تؤمان متلازمان خاصة إذا كانت السلطة لا تخفي عن الشعب الحقائق ولا تتحايل عليه إنما تسرد له وبكل صراحة كل ماتروم  اتخاذه من إجراءات .  فهذه الظاهرة تجعل الشعب مقتنعا تماما بحكومته ,  ويدعمها بكل قوة واندفاع ,  ويقتنع قناعة راسخة بكل ما تصنعه وتحققه وليد إرادته وصوته .
إن دمقرطة التركيب السياسي,  والروابط الاجتماعية تخلق شعبا واعيا وملتزما ,  ويستطيع المشاركة في صنع القرارات الضخمة .. وان الأحزاب السياسية المخلصة تعتبر من أقوى الدعامات ,  وابرز القوى المؤثرة ,  في الرأي العام وان قوة الرأي العام مستمدة من الأحزاب السياسية ومن المنظمات والنقابات والجمعيات بما تنشره من دراسات ونشرات وصحف سياسية وتثقيفية وبما تقدمه من برامج وفكر سياسي ونظام فكري عقائدي , وتجسيد الأقوال والشعارات إلى عمل ملموس وانجاز وطني رائع .
وإننا جميعا نعرف جيدا إن الأجهزة الإدارية كلها , وان كل الممارسات التي تنهض بها سلبا او إيجابا , هي تحت رقابة النقد والرأي العام . فعلام اذن لم تكشف للمواطنين , علما بان الكشف والوضوح يرسخ وحدة الرأي والثقة والاهتمام المتبادل , بعيدا عن الزيف والتزيف والمخادعة والإيقاع , وتصبح كل الحقائق والمشاكل والمعضلات امام المواجهة الصريحة , مهما كانت محرجة وقاسية وتنقل الجماهير من دائرة التخبط والفوضى والتقولات إلى فضاء المسؤولية والثقة والفهم والالتزام .
إن اعتماد أسلوب الحوار المباشر والصلة والاتصال الحقيقي بالشعب ,  يجنب أركان الدولة الاتهامات والانتقادات والإدانات , ويكشف الخلل والخطل والتردي والممارسات المضرة , ويعكس الثقة بالنفس والقدرة على تبيان الحقائق بشجاعة وموضوعية , فالمصارحة المبدئية تجسد الديمقراطية الحقة , وتقحم الجماهير في عملية التغيير والبناء والكشف بأسلوب علمي يستقريء الواقع ويميط اللثام عن حتمياته , ويفسر قوانينه ويطورها نحو الأفضل . والمصارحة تساهم مساهمة فاعلة ومؤثرة في تصحيح المسيرة من كل السلبيات والأدران والتراكمات المزعجة , فان أي نظام في الأرض يكمم الأفواه , ويصادر الحريات ,ولا يفرق بين النقد والتجريح , ويتستر على التزوير والتدوير , وسرقة المال العام ويتجاهل صرخات الثكالى والمتعبين والمقهورين , ويتغافل عن حقوق الشهداء ,  ولا ينظر ولا يعالج بجدية سرطان البطالة , وانعدام الخدمات , ولا يفكر الا بمصالح ومنافع زبانيته ,  ويخشى مكاشفة الجماهير ... فان هذا النظام يحفر قبره بيده وتشيعه لعنات الشعب ويمسي في مزبلة التاريخ .
إن التعلم من تجارب الجماهير,  والعودة إليها دائما وصياغة أفكارها وأرائها بالطريقة المثلى لتوسيع ارتباطها بالدولة ينمي الشعور بالثقة ويدعم ويرفد المسؤولين بطاقات من المساندة والتأييد .
اجل إن مصارحة الجماهير يزيد من وعيها ومتابعتها بشكل صائب وفعال لأنها واسعة الاطلاع وتعي مكامن الخطر وتقرا الأحداث بصورة دائبة ... فالمكاشفة تخلق توعية سياسية وتنمي المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي,  وتحرك الجماهير للتعرف والاطلاع على الحاجات والمشاكل والخدمات , وتدفعها إلى الانخراط الفعلي والمساهمة الفعالة في دعم الحكومة ومعاضدتها في الحلول والعلاجات الناجعة ... وان أهم ما يمكن قوله أن الحكومة يجب أن لا تضيق بالنقد ولا تتطاير من اللوم ولا تشعر بالمهانة أذا ما تعرضت إلى عاصفة من الانتقادات الايجابية التي يراد منها تنقية الواقع  من كل العلل والأمراض المنهكة وان تسود لغة التفاهم والحوار الهاديء الرصين المبني على النوايا النقية التي تصب في مجرى الأهداف المشتركة المتلاحمة في نهج ديمقراطي صادق وبناء وناطق وخلاق لمنجزات ومكاسب توحد الوطن وتحصنه من التناحر والتمزق المتأتي من حب الأنا والاستعلاء الطائفي والعنصري  , ولا بد أن يلتحم الشعب بالحكومة في وحدة حقيقية متراصة من اجل أن يخوض معركة حاسمة ضد الإرهاب وزعانفه وضد قوى الشر التي تبتغي تخريب الائتلاف الوطني والتوافق الجماهيري والمصالح الوطنية وإنها لثورة حاسمة ضد الطائفية والمحسوبية والمنسوبية والبطالة وكل العلل التي تفترس الكتل لاسيما وإننا نعيش لحظات الترقب العظيم لمولد غد مشرق تظلله رايات التحرر التام من الاحتلال والحرية الحقيقية للوطن والمواطن ,  ويدا بيد نحو مرا فيء البناء والتعمير والنهوض الشامل والأكمل  .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزة علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/12



كتابة تعليق لموضوع : مصارحةَ الجماهير نهج ديمقراطي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net