الإستهلاك الديمقراطي!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صادق السامرائي

العرب عليهم أن يكتشفوا نظام الحكم الصالح لحياتهم بحاضرها ومستقبلها.
وأن يبتكروا دساتيرهم وقوانينهم ومناهج صيرورتهم وآليات تحققهم.
وذلك يتطلب جهدا وسعيا واعيا وقدرات معرفية وبحثية , لإنتاج العقول اللازمة لصناعة أعمدة الحياة الرئيسية , القادرة على إستثمار الطاقات وإطلاق القدرات الحضارية الإنسانية الكامنة فيهم.
والمطلوب التحرر من قيود الإستهلاكية , ورؤية أنوار الإبداع والإنتاج والإختراع والإبتكار وتصنيع الأفكار.
فالعقلية والنفسية الإستهلاكية , وما يرافقها من تفاعلات سلوكية , قد أذهبت العقل وميّعت الإرادة وقتلت الطموح.
وهذا واضح في آليات الإستهلاك الديمقراطي , حيث تحولت الديمقراطية إلى بضاعة مستوردة وحسب.
مما أدى إلى تجاهل الخصائص الواقعية والحاجات الأساسية الضرورية المتفقة معها.
وأصبحت إنتخاب وتصويت لا غير , وهذا السلوك لا يتفق وطبعنا , لأنه يؤدي إلى إنشقاقات وصراعات وتفاعلات سلبية دامية.
وما حققت أية إنتخابات في مجتمعاتنا حالة أفضل من التي سبقتها , ذلك أن تداول السلطة من المحرمات عندنا , وكأنه العار والشنار , فيفضل الجالس على كرسي الحكم , الموت على التنازل , أو أن يسمح لغيره بالحلول مكانه.
بل أن الجالس على الكرسي يدمر الوطن وينقضُ على الشعب , الذي يريده أن يغادر موقعه.
وتلك علة مزمنة وخيمة متأصلة في أعماقنا , وعبر الأجيال والعصور , فما غادر حاكم أو سلطان أو ملك موقعه , إلا بالقتل أو الموت أو الإجبار.
وتلك طبيعة لا تتفق والمعاني الديمقراطية التي جيئ بها إلينا.
ومن هنا فأن مجتمعاتنا بحاجة لطرح فكري ونظريات تؤسس لوجودنا الديمقراطي , قبل أن نتوهم بأننا نسعى إليها , لأنها ستتحول إلى قناع وخدعة لا أكثر.
فالنظام عندنا ديدنه الفردية والإستبداد والفئوية والتحزبية والعقائدية , والجمود النظري والفكري والتقوقع والإنزواء.
ولا يمكن لهكذا حالة أن تُلقى بغتة في نهر الوجود الجاري , وتتفاعل مع المستجدات , وإنما تحتاج لمؤهلات وتأهيل ثقافي سلوكي تتوارثه الأجيال.
فهل من قدرة على صناعة الديمقراطية وليس إستيرادها؟!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat